كشف مستشار أسري أنه ومن خلال دراسة أجراها، خرج بإحصائية أكدت أن 48 حالة اعتداء أو تحرش جنسي تكون من داخل الأسرة نفسها، وطالب المستشار الأسري محمد بن مبارك الجربوع وهو باحث وداعية في السجون ومجمع الأمل بالرياض ومهتم بشؤون الشباب بنين وبنات من خلال حوار مع «عكاظ الشباب»، بضرورة إدراج مادة لتدريس الطلاب والطالبات تعرفهم على كيفية تجنب الاغتصاب والتحرش والتدريس المقنن للثقافة الجنسية، وفيما يلي نص الحوار: • كيف يمكن التفريق بين التحرش الجنسي والاعتداء؟ التحرش الجنسي أعم وأشمل من الاغتصاب، فالتحرش ليس بالضرورة أن يكون الاعتداء الجسدي المباشر على الطفل، بل إن تعرضه للمشاهد أو الصور الجنسية يعتبر تحرشا، وتعمد ملامسة أعضائه التناسلية أو حثه على لمس أعضاء شخص آخر كذلك من التحرش الجنسي أو حتى تعليمه عادات جنسية سيئة كالاستمناء وغيره، فيما يعد الاغتصاب أعلى مستويات التحرش الجنسي، والأسباب عديدة منها ردة فعل لتحرش سابق وقصصها كثيرة، ومن أخطر الأسباب المؤثرات العقلية كالمسكرات والمخدرات حيث قد يقع بين الأسرة الواحدة، ومن الأسباب الاختلاط بين الصغار وهم على سن معينة، ومن هذا دراسة ذكرها المركز القومي بالقاهرة وكتبها الدكتور أكرم رضا في كتابه (نحو مراهقة آمنة) فلتراجع. • دائما ينظر إلى أن المجني عليه هو الضحية، فكيف تقيمون وضع قضية الذئب البشري من ناحية الجاني والمجني عليه؟ من ناحية الجاني فيتحمل جنايته وهذا في كل أنحاء العالم وقبل ذلك عندنا بحسب الشرع الذي أمر به ربنا، وإلا ستضيع حقوق للناس كثيرة مالية وجسدية وغير ذلك، والمجني عليه لا بد من تعليمه منذ صغره كإجراء وقائي له وأما بعد وقوع الاعتداء فيجب الاهتمام بالضحية من ناحية تأهيله نفسيا واجتماعيا، حتى يقبل الحياة بلا مشاكل نفسية ولا مشاكل اجتماعية، وتوضيح تفريطه حتى يتضح جانب من القضية وقد يتساهل فيها غيره من الناس فيقع لأبنائهم وبناتهم مثل ما وقع على المجني عليه. • هل ترون أن المؤسسات المجتمعية والإعلامية ساهمت في مناقشة قضايا التحرش والاغتصاب؟ المؤسسات المجتمعية فيها ضعف لمناقشة ذلك وقد يثار أحيانا ويناقش بنوع من الصدق ولكن لم يتضح الأثر على مستوى المجتمع لحب الستر وعدم الفضيحة بزعمهم، وأما المؤسسات الإعلامية فضعيفة جدا حتى أنه كان لي تجربة مع مؤسسة إعلامية رسمية لطرح هذا الموضوع قبل ثلاث سنوات فرفضوا طرحه، وقالوا هذا موضوع حساس لا يمكن التطرق إليه والواجب الستر، وبينت لهم وجهة نظري من الشكاوى من الضحايا أنفسهم والتي استقبلتها على هاتفي وفي مركز واعي للاستشارات الأسرية (مجاني غير ربحي) الذي كنت أعمل فيه لكن!! حتى وقع ما وقع في جدة مع ما نقرؤه بين الفينة والأخرى من التحرشات وخصوصا بالصغار حتى الاعتداء على الخادمات، بل وصل الأمر إلى الأمهات واقرأوا بعض الأخبار المزعجة والمخيفة من بعض المراهقين والشباب، ولا بد من وقفة حازمة معهم من الجهات الأمنية والقضائية فمن أمن العقوبة أساء الأدب كما قيل. • هل تتوقع أن انتشار الفضائيات ساهم في انتشار هذا الأمر؟ لا شك أن من أكبر الأسباب هو انتشار الفضائيات والقنوات الإعلامية الأخرى المنحلة أخلاقيا في النت والمجلات بل والكتب الفاضحة من عرض المفاتن إلى عرض الممارسات الجنسية بأنواعها مرئية ومقرؤة وتأثير المرئي قوي جدا، كما في قول الشاعر: كل الحوادث مبداها من النظر.. ومعظم النار من مستصغر الشررِ كم نظرة فتكت في قلب صاحبها.. فتك السهام بلا قوس ولا وتر ورب العالمين يأمرنا بغض البصر ثم أعقبها بحفظ الفرج «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن» فماذا يعني هذا؟ يعني أن نهتم بأبصارنا فتأثير البصر قوي كما يقال في البرمجة العصبية «نسمع فننسى ونرى فنحفظ ونمارس فنتقن» ولكم أن تتذكروا أشياء كثيرة نحفظها لكن بتذكرها البصري، والقصص كثيرة ممن اعترفنا أن السبب في وقوعه في التحرشات من أشياء شاهدها وبالضبط في الدش أو النت والجوال، بل إنه قد يخرج من غرفته بعد النت أو قناة مثيرة إلى التحرش ببعض محارمه وأحفظ عدة قصص مثل هذه، وبعضها مسجل سجلته بيدي ممن وقع لهم هذا الأمر و تسجيل صوتي في المركز لكن خصوصية المتصل لا تسمح بنشره. • عندما يتم اغتصاب فتاة أو فتى فأنهما يخفيان الأمر عن والديهما لماذا؟ يحصل ذلك لعدة أسباب منها: ضعف التواصل بين الأولاد (بنين وبنات) وبين والديهم وذلك لعدم التباسط بين الوالد وولده فيرون أن الوالدين لو علما سيكون من الخزي والعار والتعنيف وربما يصل إلى الإهانة والضرب، الحالة النفسية المتحطمة والشعور بالدون والذل التي قد يصل إليها الفتى أو الفتاة، وهذا علاجه وقائي من الوالدين قبل أن يقع بحيث يؤكد على الصغير أننا نحميك من كل شيء تتعرض له حتى من يمد يده على مواقع خاصة بك وهي كذا وكذا (عورته وأعضاءه التناسلية) أو ربما (حتى تقبيله بطريقة معينة غير طبيعية كلنا يعرفها) فيجب أن تخبرنا بسرعة وتبادر حتى لا يستغلك ذاك الشخص وربما يصورك ويبتزك إلى غير ذلك فلعل هذا يسهل التواصل مع الوالدين. • وكيف يمكن نشر ثقافة المصارحة مع الأبناء والآباء؟ إن ضعف وقلة الجلوس والحديث مع الأولاد (بنين وبنات) سببت عدم المصارحة وعدم التواصل بين الأولاد ووالديهم، فانشغال الأب وربما الأم عن البيت كثيرا لأسباب غريبة كالدوريات مع الزملاء على مدار الأسبوع ولا يوجد حتى ولو لقاء واحد أسبوعي مع الأولاد خصوصا من الآباء أو بالانشغال بالتنمية المالية للأسرة على حساب التنمية البشرية السوية للأولاد الذين هم من أهم مصادر السعادة في هذه الدنيا، وكذلك التربية العنيفة أبعدت القلوب في البيت الواحد فتجد الأب كالضابط المتسلط والأولاد كالجنود المستضعفين، فيوجد أشخاص تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ويتولد جفاف عاطفي وكل طير يغرد خارج السرب ولا يجد من يشكو له ما يعانيه الا صديق! أو يكتم في قلبه فتتكون مشاكل انطوائية عميقة مزعجة له في مستقبله. • وما هي الآثار النفسية المترتبة على ذلك سواء للجاني أو المجني عليه وأسرتيهما؟ الانطواء والعزلة أو الانتقام من المجتمع وربما بغض المجتمع والحقد عليه بمن فيه الوالدان لأنهم أهملوا، وهذا لمسته من كلام بعض الحالات التي مارست معها الاستشارة هاتفيا سواء على جوالي أو في مركز الاستشارات الذي عملت فيه، فيهمل الأهل الأولاد يلعبون مع أولاد أقاربهم أو جيرانهم بعيدا عن أعينهم فيحصل تحرشات بين الصغار لاختلاف التربية بين البيوت بقيت أثارها معهم وهم كبار، حتى العذرية وما يمسها حتى حملني بعضهم تبليغها في أي لقاء وهنا أعلنها لتعلنوها حتى نشارك في حل هذه المشكلة الكبيرة (الإهمال في مراقبة الصغار حال اللعب! ومع من يلعبون؟؟) خصوص لعب الصغير مع المراهق أو السائق والخدم وحتى الخادمات، وتساهل الأهل في ذلك حتى بلغني أن بعض الخادمات تعتني بالفتى وقد قارب البلوغ أو بلغ عند اغتساله وكأننا نقرب النار مع البنزين ثم نتساءل ماذا حدث وكيف حدث؟ • هل للفتاة علاقة بأن يتم اغتصابها من قبل رجل وكيف ذلك؟ أما الفتاة فقد تكون من أكبر الأسباب خصوصا في لبسها العاري وطريقة مشيها وكلامها، وهذا جاء في القرآن النهي عنه، ومن أحسن من الله حديثا، ففي اللباس نهى الله عن إظهار الزينة «ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها» فلا يظهرنها ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى فتظهر مفاتنها وفي كلامها والتكسر فيه قال ربنا «ولا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض»، وفي المشي قال سبحانه «ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن». أما التحرش بالصغيرة فهذا من البلايا والأدواء العويصة التي تدل على عبادة الهوى والشهوة من قبل الجاني أو الذئب البشري العقور، ونعرف ما جزاء الكلب العقور في شرعنا. • هل من الممكن أن نعتبر أن الاغتصاب قارب أن يكون لدينا ظاهرة أو منتشر بنسبة مقلقة ولماذا؟ انتشاره بدأ يتسع ويقلق الجميع والأخبار توضح ذلك وكذلك ما رأيته واطلعت عليه بحكم عملي ففيه قلق كبير ولنبحث عن الحلول ولعل لقاءكم هذا من الحلول فجزيتم الجنة على حرصكم. لكن لم يصل إلى أن يكون ظاهرة فالظاهرة حسب علمي بها أنه لا بد أن تصل إلى نسبة معينة ولا أراه وصل إليها إن شاء الله. • هل تؤيد تدريس كيفية تجنيب الأبناء للتحرش أو الاغتصاب من خلال مناهجنا؟ نعم وبقوة وخصوصاً من قبل الوالدين أولا، ثم يؤصل شرعيا وتربويا بمنهج مدروس دراسة وافية يتولى تدريسه تربويون مؤهلون ديانة وتربية رجالا ونساء. • يقال إن عدم إدراج الثقافة الجنسية المقننة ساهم في زيادة عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف الجنسي بأنواعه؟ قد يكون لهذا دور لكن ليس بالشكل الذي يطرح في بعض الكتابات التي رأيت، وعلى العموم يمكن إدراجها في مقررين: الفقه عند مسائل التطهر في الابتدائي والمتوسط عند البلوغ وعلاماته، والعلوم عند عرض جسم الإنسان في الابتدائي والمتوسط عن تكاثر الإنسان وبأسلوب راق غير خادش للحياء. • هل هناك دراسة قمتم بها حول موضوع التحرش الجنسي أو الاغتصاب؟ أرجو التطرق لها مع التركيز على الأرقام والإحصائية؟ هناك دراسات ضعيفة جدا في المجتمعات العربية عموما وسمعت أن هناك دراسة لدى رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم أطلع عليها، ومن خلال تتبعي للحالات التي مرت علي لاحظت أن الضحية كما أشرتم في أول اللقاء يكتم خبره عن والديه حتى يكبر سنه ثم إذا تيسر له الشكوى لبعيد تكلم وهو يتألم وربما يكتمها ولا يبيح بها، وهذه دراسة عندي وإحصائية ل 184 حالة اعتداء وتحرش جنسي. وكانت النتائج عن المعتدي كالآتي: المعتدي 48 من داخل العائلة. 89 معروف من (الأقارب والجيران) 47 غير معروف. فتأملوا كيف أن النتيجة تعطي دلالة خطيرة على أن الاعتداءات تكثر بين الأقارب خصوصا حال التجمعات الكبيرة كالزواجات وفي المناسبات الأخرى وقد تحدث في حالات أخرى كالخلوة بالصغار.