في ظل الزخم الذي تشهده المهرجانات السياحية في عنيزة (أربعة عشر مهرجانا رئيسيا وعشرات المهرجانات الفرعية الصغيرة)، تظهر أصوات تعلو تارة وتنخفض أخرى، تدعو لإلغاء بعضها، بدعوى الإرهاق الذي يقع على عدة جهات من تعدد فعالياتها، فيما تنشط أصوات أخرى تعدد المكاسب التي عادت اجتماعيا واقتصاديا على المجتمع المحلي في عنيزة بسبب هذا الحراك السياحي. وبين هذين الصوتين المتعارضين، تظل عنيزة رافعة لواء السياحة الصيفية الصحراوية قبل عقد من الزمان وسط استغراب الكثيرين. يتساءل المواطن أحمد المطيري ما إذا كانت عنيزة تمتلك مقومات المدينة السياحية حتى يرتفع الجهد وينشط العاملون وترفع أعلام المهرجانات، أم أن ماتفعله ليست سياحة بل ترفيه وترويح، ويجيب المطيري نفسه أنه يوجد بالفعل حراك في عنيزة، ولكنه في حقيقة الأمر ليس بسياحة بل مهرجانات ترويحية، ذلك أن السياحة تحتاج للكثير حتى تتحقق في المنطقة، وإذا ما استعرضنا روزنامة المهرجانات، فإننا نلحظ مايمكن أن يسمى مجازا «مهرجانات سياحية متخصصة»، ولكنها أقرب ماتكون إلى حملات أو مناشط توعوية وتوجيهية سميت اصطلاحا ب«المهرجانات»، داعيا لإلغاء المسميات السياحية وتشجيع الجهات الحكومية والخيرية والخاصة لتنفيذ فعالياتها طوال العام أو في المواسم كما كانت تفعل قبل الحراك السياحي في عنيزة. إعياء المهرجانات وفي ذات السياق، يقول سعود المناع إن الأجهزة الحكومية خاصة الأمنية أصيبت بحالة إعياء نتيجة تعدد المهرجانات وتضخمها حتى أنها انشغلت عن إعمالها الرئيسية، وصار تركيزها على السياحة وشؤونها، مضيفا أن تحول عنيزة إلى مدينة سياحية طوال العام، جعل الأهالي يشعرون بمعاناة وقصور في أداء بعض الأجهزة، فضلا عن أن وجود هذا العدد من المهرجانات يهدد استمرارها وتطورها بسبب كثرة طلبات الرعاية وضعف التمويل والدعم المالي، فهي مهرجانات مستهلكة للأموال وليست مهرجانات استثمارية تمول نفسها بنفسها. وعلي النقيض، يرى عبدالله الحربي أن هذه المهرجانات أضافت الكثير للمنطقة، وقد لمس الجميع فوائدها مستدلا على ذلك بالفرص الوظيفية التي صبت في صالح المواطنين بلا استثناء، حيث أوجدت هذه المهرجانات السياحية مئات الوظائف وفرص العمل المؤقتة والدائمة للمواطنين، وهذا مكسب اجتماعي واقتصادي كبير، إضافة لفوائدها أيضا في اكتمال البنية التحتية في عنيزة، حيث تضاعف أعداد الشقق المفروشة خمس مرات، وكذا أعداد الفنادق والمنتجعات السياحية ومراكز التسوق وغيرها من الخدمات، فضلا عن شبكة الطرق التي زادت أطوالها بشكل لافت. ويضيف العيسى أن المهرجانات صارت علامة بارزة في عنيزة، بل النموذج الذي تسعى مدن عديدة لاستنساخه، فضلا عن الحضور الإعلامي والدعائي الذي تحقق، حيث أصبحت كبريات المؤسسات الإعلامية تبث تقارير عنها، فقدم هذا الحضور الإعلامي نشاطا تجاريا كبيرا، وزيادة في عدد المنشآت التجارية العاملة، لافتا أن المهرجانات ليست ترفيهية أو تراثية فحسب، بل منها الرياضي والاجتماعي والاستعراضي والفني والتوعوي والإرشادي، وحققت جميعها معطيات جعلت من عنيزة جاذبة للزوار. تنشيط الحراك وفي ذات الاتجاه يتطلع عبدالرحمن العثمان لزيادة عدد المهرجانات السياحية في عنيزة، وأن تتحول كل فعالياتها لمهرجانات متخصصة تؤدي لحراك اجتماعي واقتصادي كبيرين، ولاسيما أن المشروع الجديد لعنيزة «فرصة عمل لكل مواطنة ومواطن» أو «عنيزة بلا بطالة»، وهو مشروع لن يتحقق إلا بتنشيط الحراك السياحي، ما من شأنه إيجاد فرص وظيفية لشباب المنطقة. فوائد ومكاسب وإلى ذلك نفى عضو مجلس لجنة التنمية السياحية في عنيزة يوسف الدخيل أن يكون هناك إرهاق تتكبده الأجهزة بسبب الحراك السياحي الذي تشهده عنيزة طوال العام، لافتا إلى أن استراتيجية المهرجانات السياحية التي عمل بها منذ ست سنوات أصبحت تجني فوائد منها، إذ أن جميع هذه المهرجانات تشغل من قبل مؤسسات القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني، وجميعها مهرجانات رابحة ماليا ودعائيا، مشيرا أن مهرجانات عنيزة قد نمت الجوانب والقدرات الإدارية، فتم تخريج جيل من الكفاءات الإدارية المؤهلة وهو مكسب لا يمكن إغفاله، كما أن الأعمال الطوعية ظهرت بجلاء في هذه المهرجانات، وأهم من ذلك أنها أوجدت البديل المناسب للوظائف الجزئية للطلاب بمقابل مالي مناسب، وهو مكسب مهم أيضا يجب أخذه في عين الاعتبار. ومن جانبه، يرفض أمين عام لجنة التنمية السياحية في عنيزة أن يكون الغرض من هذه المهرجانات دعائيا، بل هي ضرورية ومهمة للمجتمع، منوها بأنها تؤدي عدة أدوار، فمهرجان البيئة متخصص بالتوعية والتثقيف البيئي ووسيلة لربط البلدية بشكل مباشر بالمجتمع، ومهرجان المنتجات العضوية هو مهرجان صحي بالدرجة الأولى، ومهرجان التمور اقتصادي يهدف لتسويق التمور.