محمد رمضان كان اسما ساطعا بالصوت والصورة في مخيلة كل الرياضيين جيلا بعد جيل، من الصعب أن يسقط من حسابات الرياضيين، وظل واحدا من مثيري الجدل لدى شريحة أخرى، بيد أن ثمة اتفاقا على أنه استاذ جيل ومدرسة مستقلة في التعليق الرياضي. يداعب كل الرياضيين ولا يفتأ يلوح من وقت لآخر بروح الدعابة، فعندما يلغى هدف في مباراة يعلق عليها بقوله «كاشو» بلغة لاعبي البلوت (إحدى أشهر الألعاب الشعبية بمكةالمكرمة) وظلت روح القفشة نبراسا لكل حدث يقوده الرمضان.. أربعة عقود والرمضان شعلة لا تنطفئ، عاصر أجيالا وظل الحاضر القوي بذاكرته وأسلوبه الخاص، غير أنه رجل معطاء في دواخله، وشكل «شبكة» من الأصدقاء في كل بلد ومدينة وموقع وظل أنيسا للغة المكية المدقعة في القدم، حتى في تعاطيه التعليق. ومن أشهر ما قال وظل عالقا في أذهان الجميع ومنهم أمير منطقة مكةالمكرمة «يا حلولو، وعسالي، يا هو، يا حكم» أما اليوم فقد غابت الابتسامة التي كانت محيا هذا «العملاق» وخفت ضوء انتعاشه وقلت دعابته، غير أنه ظل قوي الشكيمة، معتزا بمكيته، ومعاتبا السواد الأعظم من أصدقاء الأمس، مرددا «أنى الزمان يعود». وزاد ثقل معاناته أن دك المرض عظامه، ليزداد إصرارا على حب الحياة برفاهية، موصدا باب الصد أمام اليأس، دون أن يؤثر فيه سوى تنكر الأصدقاء والمحبين. «عكاظ» زارت الرمضان في عزلته الحالية وعادت به كثيرا إلى الوراء، فتحدث وأسهب وكشف الكثير من الأسرار، غير أن شهيقه لا يلبث أن يعود بزفير محمل بالألم: • أين محمد رمضان من الساحة الرياضية الآن؟ أنا على قيد الحياة، فلم تغب شمسي بعد عن هذه الدنيا، ومن يسأل عني يجدني، والحياة العملية توقفت عند حاجز السن النظامي، واليوم تيبس دوري عند «محطة» المتابعة، فلكل زمن رجاله، وأنا لم أعد من رجال الساحة العملية في الوقت الحاضر. • أنت في مرض أو في وهم؟ أنا مريض، وشفى الله مرضى المسلمين، ولي ملف في المستشفى التخصصي وأتابع صحتي بين الحين والآخر، وقبل ذلك أمر خادم الحرمين الشريفين بمعالجتي على حساب الدولة في ألمانيا، وقدم لي كل الدعم المالي والمعنوي، فله بعد الله الفضل في الخروج من محنة المرض، وغلو الزمن. ضوء رياضي • ولكن هناك من قال بأن الرمضان يتصنع المرض من أجل كسب عطف الجميع ويظل داخل دائرة الضوء الرياضي؟ كلام عار من الصحة، فكل التقارير من المستشفيات المحلية والخارجية تثبت أنني مريض «سرطان» وقد عشت أياما عصيبة، أسأل الله سبحانه وتعالى ألا يريها لأي مسلم، ولا اعتراض على قدر الله. • هل تجاوزت محنة المرض؟ نعم بفضل الله سبحانه وتعالى، ومن ثم وقفة خادم الحرمين الشريفين، ومسؤولي السفارة السعودية في ألمانيا، حيث أمر خادم الحرمين الشريفين بصرف مليون ريال، بعد أن عرضت منزلي للبيع، بحثا عن المال لكي أعالج نفسي وابنتي (نهلة) التي لازالت في العناية المركز بمستشفى حراء العام بمكة، وكما يعلم الجميع أن مرض القلب وسرطان النخاع الشوكي مكلف جدا، فبعد أن عرضت منزلي للبيع جاءني اتصال زميل الدراسة الشيخ إبراهيم الطاسان رئيس الشؤون الخاصة لخادم الحرمين الشريفين، وطلب مني رقم حسابي الخاص، وبعد ساعات استقبل الحساب مليون ريال كتبرع من خادم الحرمين الشريفين، الذي أذاب عني كل متاعب البحث عن مال العلاج وأنقذ منزلي من البيع. عشق الرياضة • هل ما زلت تحن للرياضة وكيف تتابع تفاصيلها؟ الرياضة عشق وحبها يسري في دمي، وهي مهنتي التي ورثتني راتب العمل التقاعدي، فقد أمضيت 40 عاما في خدمة الرياضة من تعليق وصحافة ومسؤول في رعاية الشباب، ولكن اليوم أتابع أحداثها من خلال القنوات الفضائية، فأنا أعيش أدق التفاصيل عن الرياضة السعودية. • لماذا لا تتواصل مع الرياضيين من خلال موقع إلكتروني أو مقال أسبوعي عبر وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية؟ الوسط الرياضي اليوم غير صحي، وخير دليل على ذلك ما تعرض له الزميل محمد البكيري، حتى كاد أن يدفع حياته أو جزء منها كالبصر ثمنا لمعشوقته الصحافة الرياضية من أحد أبنائنا الطائشين، فالمتابعة لشخص في عمري لا يستطيع مقاومة الشباب أن يكتفي بالفرجة من بعيد ويدعو للمتهورين في الوسط الرياضي بالهداية. • رغم مشوارك الطويل وخبرتك إلا انك كنت بعيدا عن العمل في نادي الوحدة، وحتى من خلال طرح الرأي والأفكار النيرة؟ الوحداويون خالفوا أفكاري ولم يأخذوا بمشورتي فدفعوا الثمن غاليا، لقد نصحتهم بحزمة من النصائح عبر أفكار جيدة لا مناص من تنفيذها إذا ما كانوا جادين في إعادة الفريق إلى جادة البطولات، ولكنهم مع الأسف الشديد رموا بهذه الأفكار عرض الحائط، أما عن تقلد المناصب والمسؤولية فلست من أصحاب الأرصدة المالية في البنوك، لأن المنصب في النادي يحتاج إلى مادة تستطيع أن تجلب من النجوم والمدربين ما تشاء. زمن جديد • كيف ترى الوحدة اليوم في ظل دعم أمير مكة خالد الفيصل وتسلم رجل الأعمال صالح كامل زمام المسؤولية في رئاسة أعضاء الشرف؟ أنا متفائل بمستقبل مشرق للوحدة في ظل اهتمام أمير منطقة مكة صاحب السمو الأمير خالد الفيصل؛ لأن الأمير خالد الفيصل واحد من أبناء مكة من حيث الولادة، فهو ولد في هذه المنطقة الطاهرة وزاول كرة القدم معي أنا وبعض الرياضيين القدامى في حارة البيبان في مكة، وتسلم في فترة سابقة مسؤولية رعاية الشباب، فهو رجل يعرف عن قرب احتياجات الرياضة في الأندية فهو الرياضي الذي يعرف مستلزمات الأندية عبر الممارسة والمسؤولية فيها، وكذلك صالح كامل زميل الدراسة في جامعة الملك سعود بالرياض لديه من الإمكانيات والأفكار التي تجعل الوحدة ريال مدريد وهلالا آخر في مكةالمكرمة. ذهن صاف • ماذا قال لك الأمير خالد الفيصل حينما قابلته في نهائي كأس ولي العهد بمكة؟ حينما قدمني له الأمير نواف بن فيصل في نهائي كأس ولي العهد، من أجل التشرف بالسلام عليه، قال لي بالحرف الواحد «هل سنسمع الليلة يا حلولو»، حيث اعتقد سموه بأنني سأعلق، فقلت له «غزا الشيب مفرقي وطحن المرض عظامي وأصبحت الآن لا أستطيع مشاهدة الرياضة إلا بالرؤية فلكل زمان دولة ورجال». • ما أبرز العوائق التي قد تواجه الأمير خالد الفيصل وصالح كامل في رسم خارطة طريق عودة فريق الوحدة للبطولات؟ معروفة العوائق للعيان، أولا وثانيا وثالثا ومليونا هي المادة، والمادة إذا توفرت ستزول كل العوائق. • بصراحة هل أصدقاء الرياضة كانوا أوفياء معك أثناء فترة مرضك؟ الشدائد تظهر معادن الرجال وتكشف الوجه الآخر، هناك رجال وبالاسم وقفوا معي وهم: منصور الخضيري، تركي السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض، المعلق ناصر الأحمد، والإعلامي فهد الدوس، أما البقية مع الأسف تجاهلوني. عزلتي الرياضية • هل تعيش الآن في عزلة رياضية؟ أضع نفسي في اللون الرمادي في الحياة الرياضية بين هذا وذاك، ولكن في الحياة الخاصة لا أعرف العزلة بتواجد بناتي الثلاث مع أزواجهن وأبنائهن، فهم يملأون الدنيا سعادة، حينما يأتون لزيارتي في الأسبوع ثلاث مرات. • كيف تواجه قسوة الحياة وقد تجاهلك صديق الأمس؟ الحمد الله أنا استلم راتبي التقاعد كاملا بعد أن خدمت وطني 40 عاما متنقلا من ديوان الوزراء، ثم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي كانت في ذلك الوقت تشرف على رعاية الشباب التي انتقلت لها حتى نهاية الخدمة مديرا لمكتب رعاية الشباب بمكةالمكرمة. • هل تمارس الرياضة الآن؟ نعم رياضة المشي بمساعدة سائقي الخاص، فالرياضة جزء من العلاج والتصدي أيضا للأمراض، حتى إن جلستي هذه رياضية، جزء من العلاج، أتابع التلفزيون وأنا ممتد على «طراحة صحية» ووسادة طبية أيضا، فالمريض لابد أن ينفذ تعليمات الطبيب.