كانت ذبابة متعافية جدا.. «مزربة» بمقاييس الذباب. رغم أنها كانت من طراز «دروزوفيليا دومستيكا» وهي من فصيلة الذباب المنزلي العادي، إلا أنها كانت «قبضاية» بمعنى الكلمة. ولا يخفى على الجميع أن بعض الكائنات مجهزة للغتاتة أكثر من غيرها، وكانت هذه بالذات. ويبدو أن حجمها منحها ما يسميه اليهود «الخوتزبه» Chutzpah وهي الجرأة لحد الوقاحة. لم تتركني لحظة واحدة بالرغم من محاولاتي للتخلص منها، فلم أفلح في صدها من خلال «مضايقتي» لها بالهش والنش. ولنا وقفة مهمة هنا فهل من الممكن أن أكون أنا ابن آدم من «يغتت» على هذه الحشرة القذرة؟ ومن الذي يضايق من في هذه الحالة؟ وأشير هنا إلى إحدى المعلومات الغريبة عن الذبابة وهي انشغالها بتنظيف نفسها بشكل مستمر.. يعنى لو لمس أحدنا الذبابة فالغالب أنه ستقضي وقتا في تنظيف نفسها من بصماتنا. يا جماعة من يقرف ممن في هذه الحالة؟ وهناك المزيد من هذه الغرائب فمن يجرؤ على لمس جسم الصرصور أعزكم الله فستجده يبدأ فورا بتنظيف جسمه وكأنه يقول «يخخخ لمسني إنسان!» أغرب من الخيال لأن فيها إهانة أن يقرف الصرصور من لمس البشر. والحمد لله أن موضوع الغلاسة والغتاتة قد وصل الآن إلى مرحلة للتصنيف العلمي فهناك مجموعة تخصصات علمية تبحث في الموضوع. وقد تعدى عدد البشر في العالم على السبعة مليارات إنسان ومن الصعب أن يتفقوا على تعريف الغتاتة المطلقة، ولكن بعض من الممارسات غير الحضارية التي تخضع لذلك المفهوم تحتوى على العديد من العناصر المشتركة التي لن يختلف عليها الكثير من البشر، ومنها على سبيل المثال: 1. غارات الذباب والناموس جوا، 2. الصراصير برا. 3. الزن والإلحاح المستمر. 4. الحديث بصوت عال على الجوالات وسط الناس. 5. الوقوف والتزاحم بداخل الطائرة فور هبوطها. 6. رمي المخلفات في الأماكن العامة. 7. الجهل المتعمد. 8. الثقافة المصطنعة. 9. التكبر و«شوفة الحال» 10. نهاية مبدأ أن القيادة «فن وذوق وأخلاق». أمنية في القائمة المذكورة أعلاه، لم أتطرق للغتاتة التي تمارسها دول بأكملها لأن ذلك العلم لم يتبلور إلى حينه. ولكن من يتابع ممارسات تاريخ الكيان الصهيوني سيجد أنه من المتخصصين في هذا المجال علما بأنها جزء أساس ضمن منظومة الإساءة إلى البشر. وعلى هذه السيرة، فهناك للأسف بعض الدول العربية التي مارست الغتاتة الرسمية ضد مواطنيها كما شهدنا في اليمن، وسوريا، وليبيا. وأكيد أنني أغفلت بعض أنواع الغتاتة فأتمنى أن ترسلوا لي ما ترونه ملائما للتعريف. والله من وراء القصد.