من أبها والباحة جنوبا إلى تبوك شمالا، ومن شواطئ الدمام والخبر شرقا إلى مكةوجدة والطائف غربا، ومن الرياض والقصيم في المنطقة الوسطى إلى المدينةالمنورة، يجتاح زخم المهرجانات الصيفية جميع المناطق في المملكة، فيما يتدفق السياح والزوار والمصطافون على مختلف المواقع السياحية لقضاء أجمل الأوقات والاستمتاع بطبيعة المكان هم وعائلاتهم وأطفالهم. ورغم النجاح الذي حققه مهرجان الصيف المقام في محطة السكة الحديد بالمدينةالمنورة والتي تحولت إلى مدينة ألعاب ومركز رئيسي لإقامة مهرجان «المأكولات الحجازية» الذي تقيمه الهيئة العامة للسياحة والآثار في المنطقة ضمن فعاليات صيف 32، إلا أنه يخشى من أن يتسبب ذلك في خسارة هذا الأثر التاريخي المتبقي من الدولة العثمانية لأول محطة سكة حديد في منطقة الحجاز، لاحتواء المحطة على آثار يجب الحفاظ عليها، وعدم تركها مهملة في أيدي العابثين الذين أخذوا في تدميرها، إما باللعب بها أو الكتابة «الشخبطة» عليها، أو بقطع الأشجار التي بداخلها، وآخرين يتسلقون أسوارها ويحاولون العبث بالمباني الأثرية والغرف الصغيرة المنتشرة بداخل المحطة. حيث رصدت «عكاظ» أجزاء مهملة من القطار وأخرى بجانب ألعاب الأطفال، وشاهدت بعض الزوار يقومون بقطع الأشجار ورمي الفضلات على الأرض، فيما اتخذ البعض من أرض المحطة والتي لم يتبق منها سوى مساحات متفرقة من الغطاء النباتي، مكانا للجلوس عليها وتناول المشروبات والمأكولات. وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لا تتم إقامة المهرجان في الحدائق العامة، بدلا من محطة القطار الأثرية خاصة أن مساحة الحدائق العامة أكبر وتتسع لجميع الزوار، كما تتيح لشرائح أكبر من المشاركين إقامة أنشطتهم دون التقيد بمساحات أصغر داخل المحطة. وإلى ذلك يجيب الباحث في تاريخ المدينةالمنورة والسيرة النبوية ومدير عام التربية والتعليم سابقا بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور تنيضب الفايدي أن محطة سكة الحجاز أصبحت من الآثار الهامة سواء المبنى الرئيس أو مواقع الخدمات المساندة أو ما تبقى من أجزاء القطار، وقد حولت إلى متحف تتم زيارته من قبل الطلاب وتقام فيه الاحتفالات، ولكن يلاحظ عدم التنظيم والإشراف المباشر على هذه المتاحف أو المباني، ما أدى لظهور جوانب من الإهمال، مؤكدا على ضرورة مراعاة ذلك بإقامة المهرجانات والاحتفالات خارج المبنى، واختيار موقع آخر مع فتح المحطة أمام الزوار وفقا لخطة تنظيمية بحيث لا تترك حرية التجول دون مراقبة حفاظا على هذا المرفق، ورغم اندثار جزء من المحطة إلا أن ما تبقى منها يحقق أهداف الآثار الوطنية. سكة الحجاز تميزت المدينةالمنورة دون غيرها من مدن الحجاز قبل أكثر من 100 عام بازدهارها الاقتصادي والعمراني والسكاني، وأول محطة لتوليد الكهرباء لإنارة المسجد النبوي، ومحطة لا سلكي مازال مكانها موجودا ويطلق عليه اسم «الترسيس». وكانت قمة ازدهار المدينة، تسيير خط سكة حديد الحجاز، حيث أنشئت المحطة التي مازالت موجودة بوصول أول قطار عام 1908 من تركيا إلى الشام ثم المدينةالمنورة، وبنيت على طول الطريق الواصل من تركيا إلى المدينةالمنورة عشرات المحطات ولا زال أغلبها صامدا لا سيما داخل المملكة.