سنوات هي مدة محكومية الحدث مشهور البالغ من العمر 17 عاما، في دار الملاحظة الاجتماعية بعد إدانته في قضية أخلاقية، ومع مرارة البقاء خلف القضبان والأسوار العالية، يقاوم أعوام العزلة بالإبداع والابتكار ورفد موهبته بمزيد من الأفكار، ويعد من أشهر أحداث الدار بسبب موهبته وتعدد أفكاره ونشاطه المتدفق وقدرته على تقمص الشخصيات الكوميدية ما دفع إدارة الدار للاستعانة به في حفلاتها ومسرحها الداخلي. ولا يجد مشهور حرجا من رواية تفاصيل الواقعة التي جاءت به إلى الدار، يبكي مرة ويتألم مرات، ثم يضحك مرة، ويحكي قصته للعبرة والاعتبار، ولعل من أجمل عروضه الكوميدية تقمصه دور عاطل يبحث عن وظيفة في القطاع الخاص، ثم حوار ثان حول مريض يحاور طبيبه في شأن الأخطاء الطبية مستعينا في أدواره بخفة روحه وسرعة بديهته وذكائه المفرط إلى أن أصبح نجما للدار. مبدعون في الكواكب ولا يقف الأمر في دار الملاحظة الاجتماعية على إبداعات مشهور، فهناك كثير من الأحداث يقدمون لوحات رسموها بأيديهم؛ منها ما تحكي قصة أو مشهدا أو دعاء، ومنها تجارب علمية في مواد الفيزياء والكيمياء والأحياء، بل إن طلابا قدموا لوحة للجدول الدوري الذي يدرسه طلاب الكيمياء بطريقة مبتكرة باستخدام الأقراص الممغنطة، فيما أبدع آخرون في تصميم مجسمات مختلفة؛ منها مجسم لملعب كرة قدم يعمل بالإضاءة ومجسم آخر لحديقة نموذجية ورابع لحركة دوران الأرض والكواكب، وكلها أعمال وجدت استحسان وثناء إدارة دار الملاحظة الاجتماعية وإدارة المدرسة الملحقة بالدار والتي ينتسب إليها الأحداث في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية. عداوة الشيطان في ممر الطابق الثاني من المدرسة وقف أحد الأحداث أمام لوحة صممها مع زميل له وكتب عليها الآية الكريمة (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) وهي الآية التي يحفظها كثير من الأحداث ممن غلبهم الشيطان وأوصلهم إلى خلف قضبان الملاحظة. وتجولت «عكاظ» على صالات الأنشطة المعدة للأحداث وصالة الرسم وصالات تصميم المجسمات وصالات الرياضة والمكتبة العامة، وقد أثنت إدارة التربية والتعليم على إدراة المدرسة نظير جهودها في تشجيع الأحداث على تصميم معرض خاص بلوحاتهم. ويقول مدير دار الملاحظة الاجتماعية علي فايز الشهراني، إن لدى الدار أنشطة لا منهجية عديدة في الفنون والرياضة والمسرح والحاسب الآلي ويستهدف ذلك شغل أوقات الأحداث. إلى جانب حلقات تحفيظ القرآن الكريم حيث يتسابق الأحداث للحفظ والتجويد على أيدي معلمين متخصصين ومهرة . الاعتماد على الذات ويضيف الشهراني «ليس الهدف من إيداع الحدث في الدار تنفيذا لحكم على جنحة ارتكبها أو الإجراء العقابي، بل إصلاح الحدث وإعادة تقويمه ووضعه على الطريق الصحيح، ولا بد أن يقترن إجراء الإيداع ببرامج تعليمية و تأهيلية وإصلاحية بغية إعادة المذنب إلى المجتمع صالحا سويا ومن الممكن جدا التوصل إلى هذه الغاية عن طريق العمل والتثقيف والتأهيل المعمول بها في المؤسسات الإصلاحية، وتشجع إدارة الدار أن يحقق النزيل من خلال ذاته واجتهاده بما يعود عليه بالمنفعة المعنوية فضلا عن اكتسابه مهارة تمكنه من إعادة دمجه في المجتمع بدلا من تسليمه للضياع بعد إطلاق سراحه وخروجه إلى معترك الحياة من جديد»، مؤكدا «استجابة الأحداث وتفاعلهم مع الأنشطة تعد إيجابية تعكس مدى التوافق مع ما يطبق من قواعد وتنظيمات، كون الهدف الأساسي هو إكساب الحدث مهارات جديدة ومتعددة توازيا مع إكمال دراسته»، وأوضح «تنظم الدار حفلا دوريا نهاية كل فصل دراسي لتكريم الأحداث المتفوقين والمنتظمين والمواظبين وممن لهم مشاركات وإبداعات في النشاط اللامنهجي».