تتوالى زيارات الوفود الرسمية للجالية السودانية، حاملة معها عروض الوزارات المعنية في مجالات التعليم والاستثمار والاسكان وغيرها من المجالات التي تهم المغتربين، وسط حفاوة المستقبلين وتطلعاتهم، لأن يجنوا حلولا لإشكالات أبنائهم التعليمية، أو وعودا باستثمار مدخراتهم، أو الحصول على مسكن لحين العودة للوطن. لكن ما إن تنجلي الحفاوة باستقبال المسؤولين السودانيين، إلا ويطفو السؤال الذي طالما يطرحه المغتربون على كل زائر مسؤول: ما الذي تم إنجازه حتى الآن؟، وكأنه يبدي حالة عدم الثقة من لقاءات المسؤولين السودانيين المعنيين بأوضاع العاملين في الخارج. يقول دراج علي: كنت أفرح كثيرا عند سماعي بلقاء أي مسؤول سوداني بأبناء الجالية، فهذا يشعرني باهتمام المسؤولين بأوضاعنا والاشكالات التي نعيشها، لا سيما حين يستمع لاحتياجاتنا الملحة والتي تقع ضمن اختصاص وزارته. ويضيف: الا ان تلك اللقاءات في معظمها لا تسفر إلا عن وعود واهية، فكثير من القضايا التي ناقشها المسؤولون في لقاءاتهم السابقة والكثيرة، لم تسفر إلا عن وعود لا أكثر ولا أقل، فخذ مثلا مسألة تملك المساكن، فحتى الآن لم نسمع عن مغترب امتلك منزلا من خلال اللجان التي شكلتها الوفود الزائرة لمعالجة هذه القضية. ومن جهته، قال مختار السر: لم أحظ بحضور لقاء الكثير من المسؤولين الزائرين للجالية، باعتبار ان زياراتهم المتعددة لم تسفر حتى الآن عن حل كثير من القضايا التي يعانيها المغترب السوادني، ولا أعتقد انها ستسفر عن شيء حتى وإن توالت الزيارات، فمثلا مسألة دفع ابناء المغتربين للرسوم الدراسية في الجامعات السودانية وبالعملة الصعبة لا تزال تراوح مكانها، في حين أن كثيرا من الاسر يتكبدون مبالغ طائلة جراء ذلك، وآخرين لم يستطيعوا الإيفاء بدفع تلك الرسوم مما حرمهم من فرحة اكمال أبنائهم تعليمهم الجامعي في السودان، فلماذا لم يتم حل هذه المسألة وهي محصورة في وزارة التعليم العالي، التي زار وفدها كثيرا الجالية وعقد معها الكثير من جلسات النقاش لكن دون جدوى؟ ويرى حسن السماني ان قناعة كثير من ابناء الجالية بعدم جدوى لقاء الوفود الزائرة تولدت بسبب أن تلك اللقاءات دائما ما تنتهي بالوعود لحل اشكالات المختلفة للمغتربين، قائلا: ستجد أن تلك الاشكالات يعاني منها المغترب السوداني منذ سنوات طويلة ان لم تكن عقودا، بسبب الوعود والتسويف في حلها. ويضيف: إلا أن الامر يختلف عند زيارات وفود الشركات الاستثمارية، حيث تكون هناك عقود ملزمة بين السودانيين المقيمين والشركات الاستثمارية التي لا تستطيع الإخلال بها، وإلا ستخسر الكثير من الاموال التي جاءت من أجلها. ويرى عبدالله الحاج أن معاناته في تعليم ابنائه وإنشاء مسكن في السودان اختصرها بعيدا عن عمل لجان الوفود الرسمية الزائرة، من خلال إلحاقه بعضا من ابنائه في إحدى الجامعات الخاصة في الهند، وقيامه بشراء منزل اثناء زيارته للسودان، يدر إيجارا شهريا ريثما يعود للسكن فيه عند عودته النهائية للوطن، مضيفا: لكن ذلك لم ينسني أن اتساءل: ماذا باستطاعة السودانيين الذي لا يملكون المال لإلحاق ابنائهم في الجامعات أو لشراء المسكن، ومتى ستقوم تلك الوفود بدورها الحقيقي تجاه المغترب السوداني الذي طالما وقف مع بلاده في مختلف الظروف، ومتى ستنتهي الوعود لتنتهي معها كثير من مشاكل المغتربين.