يعيش الشباب السعودي أزمات مركبة لا يستهان بها، فبعيدا عن أزمتي البطالة والسكن المزمنتين، تبرز إشكالية أخرى حادة تمس الجانب الاجتماعي والنفسي للشباب السعودي، وتستدعي في الوقت ذاته معالجة شمولية عاجلة. فهناك غياب حاد في وسائل الترفية والتسلية؛ لا ملاعب في الأحياء يستطيع الشباب فيها ممارسة رياضة كرة القدم، ولا مسابح عمومية تمكنهم من هواية السباحة، ولا أنشطة تشاركية في المدن والمحافظات، أو برامج ثقافية جماهيرية، أو مشاريع ترويحية تمتص طاقات الشباب وتوظفها بشكل طبيعي وسليم. إضافة إلى ذلك؛ الشباب السعودي ممنوعون من دخول الأسواق (المولات) تحسبا لأية مضايقات ضد العوائل، فنجدهم يتجمهرون أمام بوابات الأسواق الكبرى، ويقصدون المقاهي، أو يجوبون شوارع المدن بحثا عن المجهول الذي قد يكون مشاغبات في الأعياد أو حوادث دامية. ليس أمامهم وسائل للترفيه سوى شبكة الإنترنت، ومتابعة الفضائيات، ورسائل الهواتف الذكية التي زادت عبئهم المالي. إن إعادة الاعتبار لملف الشباب، مدخل رئيس لتحسين واقع الشباب السعودي، وإشباع احتياجاته النفسية والاجتماعية، ومعرفة تطلعاته المستقبلية، بل أجزم أن من الإهمال الكبير تسطيح أزمة الشباب واعتبارها ترفا لا حاجة وطنية. الإشكالية هنا، أن هذا الملف متفتت على أكثر من جهة، فهل ملف الشباب مسؤولية رعاية الشباب، أم الشؤون الاجتماعية، أم الداخلية، أم البلدية؟ الأكيد أن هناك مشكلة، وهناك حاجة ماسة لفتح هذا الملف ومعالجته برؤية وطنية شاملة، فالاحتياجات النفسية والاجتماعية والفكرية للشباب لا تقل عن حاجاتهم للعمل والسكن إذا لم تتجاوزها. ومن غير المقبول أن نرى شبابنا أيضا، تتجاذبهم أفكار التشدد من جهة، وقنوات التفسخ من جهة أخرى، دون أن نمكنهم من فرصة خدمة وطنهم، ونشجعهم على العطاء والإبداع. فغرس خطاب التفاؤل والأمل ومحاربة ثقافة الإحباط، يستدعيان تغييرات شاملة في كافة الملفات المتعلقة والمتقاطعة مع هذه الشريحة الحيوية في المجتمع. [email protected]