شارع ضيق يئن من وطأة الحركة، وخطوات متسارعة تشق طريقها في زحام البشر والمركبات صوب مبنى إدارة الجوازات في جدة، وهو أيضا يجاور مكتب العمل والعمال، فهذا الشارع يشهد وعلى مدار العام حركة لا تهدأ من منسوبي الجوازات أو من حشود المراجعين، الذين يتوافدون على مبنى متهالك لا يواكب التطور الذي شهده وتشهد العديد من الدوائر الحكومية في المحافظة. المشهد يبدأ بعد صلاة الفجر مباشرة، حيث يتوافد المراجعون قبل أن تشرق شمس الصباح وقبل حضور الموظفين، على أمل الظفر بالجلوس على المقعد رقم (1) أملا في إنجاز معاملاتهم في وقت مبكر قبل قيض الظهيرة الحارق، فالكل هنا يركض، مواطنين ووافدين، يحملون نفس الهموم، فالهم الأول هو الوصول باكرا وتجاوز زحام الطريق، والهم الثاني البحث عن موقف في مساحة ضيقة في حي ضيق يعج بمئات المركبات، فيما يبقى الهم الثالث والأكبر في الطوابير التي تمتد إلى خارج المبنى حيث زحام المراجعين والسيارات حتى نهاية الدوام. وتنتشر على جنبات مبنى الجوازات، مكاتب الخدمات المساندة وتسديد الرسوم وإدخال البيانات في الاستمارات، وباعة الكوبونات الذين تتعالى أصواتهم لجذب المراجعين وتقديم الخدمات باعتبارهم يملكون كل الحلول التي قد يحتاجها كل من يقصد هذا المبنى العتيق. لهيب الشمس ومن داخل مبنى جوازات جدة بين أحمد المدني (70 عاماً)، أنه قدم منذ التاسعة صباحا من أجل إنهاء إجراءات إقامة عاملة المنزل المفقودة، وقال: لم أتصور أن يطول الأمر لهذا الحد، وأضاف: بعد تقديم كافة المستندات، طلب مني الموظف الانتظار وها أنا انتظر تحت لهيب الشمس، مع هذا الصخب الكبير الذي لا يهدأ أبدا، وزاد «آمل من إدارة الجوازات النظر بعين الاعتبار في موقع المبنى الحالي، كونه غير مناسب وأتمنى أيضاً تدشين فروع جديدة شمال جدة حتى يخفف العبء عن المبنى الحالي وأيضاً المراجعين، والنظر في وضع كبار السن، خصوصاً وأننا نواجه صعوبة في الركض السريع». زحام كبير ولا يبتعد سلطان الجهني كثيرا عما قاله المدني، فأشار إلى الزحام الكبير الذي يكاد يكون القاسم المشترك في معاناة المراجعين، إضافة إلى عدم توفر مواقف للسيارات، وقال: لا شيء يكدر صفو مراجعي جوازات جدة غير الزحام الشديد والانتظار في طوابير، فمن أراد إنجاز معاملة في الجوازات في نفس اليوم عليه القدوم باكراً، وتابع قائلا: أتيت في السابعة والنصف من أجل إنهاء بعض المعاملات، ولم أنه معاملتي إلا بعد خمس ساعات، إجمالا الأداء داخل الإدارة لا بأس به إلى حد ما، ولكنه في حاجة إلى تنظيم. راجعنا بكرة وفي المقابل، بدا أحمد يحيى هنيدي, متجهما إلى حد كبير وغير راض، حيث أبدى ما بداخله بالقول: تعبت من الوقوف والانتظار الطويل ومن يعاني من أمراض الضغط والسكر عليه الابتعاد عن هذا المكان، وأضاف: مراجعة الدوائر الحكومية بات عملا شاقاً لا يحتمل، فأنا أتيت لإنهاء معاملة إصدار رخصة لمحل تغليف وتجليد ولكنني جوبهت بعملية ربط المعاملات بالإدارات الحكومية الأخرى التي لا تخلو من جملة «راجعنا بكرة»، وزاد قائلا «موقع الجوازات نفسه لم يتغير، وأيضا المعاناة والزحام نفسها». وسط الزحام وفي خضم ما يدور داخل أروقة الجوازات وخارجها، كان محمد المعبدي أكثر سعادة من غيره، وخطواته كانت سريعة وهو يحمل رزمة من الأوراق لعلها معاملة ينوي إنهائها سريعاً، وبادر بالقول «وجدت موقفا لسيارتي على الرصيف خلف هذا الفندق»، وأضاف «أخذ مني الوصول إلى هنا الكثير من الوقت والجهد خصوصاً في شق الطريق وسط الزحام، وأنا هنا في مهمة تجديد جواز سفر»، وخلص إلى القول «الزحام في هذه المنطقة ليس جديدا فهو أمر يتكرر بشكل يومي، إذ لا تهدأ هذه المنطقة إلا بعد انتهاء الدوام لتجد في العصر المكان خاليا من الحياة». فيما يشير عبدالله (أحد المعقبين) إلى أن الوضع لم يتغير في شارع الجوازات، «الزحام كما هو نفسه، فأنا أعمل معقبا منذ 12 عاما، ورغم أن العمل قد تحسن كثيرا في داخل الجوازات لكن الوضع خارجها بقي كما هو». تحسن الأداء ويشير محمد العنزي (مسؤول في مكتب للخدمات) إلى تحسن الوضع داخل الجوازات، ويرى المشكلة فقط في زحام المركبات في الشوارع المحيطة، وقال: الإجراءات داخل الجوازات ليست معقدة، والجهات المعنية تحاول إنهاء مشكلة الزحام بتوسعة المبنى، وأضاف «أنا هنا منذ عام تقريبا وأسمع من بعض المراجعين بتحسن الأداء وإنهاء المعاملات في وقت وجيز». وقت قياسي وبعد إفادات المراجعين، حملنا همومهم والمشاكل التي يعانون منها، إلى المسؤولين، وهنا لم يتردد المتحدث الرسمي لإدارة الجوازات في منطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين لحظة في نفي فردية وجود الزحام داخل الإدارة أو تعطيل المعاملات، وقال: المعاملات تنجز في وقت قياسي في حال اكتمال المستندات المطلوبة، والعمل في إدارة جوازات محافظة جدة يتم آلياً، والإدارة والعاملون فيها على أتم الاستعداد والجاهزية لاستقبال المراجعين دون تعقيد أو حتى تأخير، موضحا إنجاز أكثر من 10 آلاف معاملة يوميا في مختلف الأقسام، وبما يدل على عدم وجود أي تعطيل أو مشاكل. دعم وتسهيل وكشف الرائد الحسين عن خطة عمل في الفترات التي تحتاج فيها بعض الأقسام إلى دعم، خصوصاً في إجازة الصيف التي تشهد زيادة أعداد المسافرين، حيث تم اعتماد الخطة الموسمية لصيف هذا العام الذي عادة ما تشهد إدارات الجوازات زحاما شديداً، وذلك لتسهيل وتيرة العمل وبما يقابل الزيادة المتوقعة في أعداد المراجعين.