أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة على أن الإعلام بمفهومه التقليدي ذي الصوت الواحد قد انتهى وأن الإعلام الإلكتروني بما يمثله من تعدد في الأصوات بات يشكل معالم الحقبة الجديدة لإعلام مختلف، وأشار الدكتور خوجة في سياق حوار «عكاظ» معه إلى أن مواكبة تطور الإعلام تقتضي قرارات تسعى إلى تطوير المؤسسات الإعلامية وتوسيع مجالات اهتمامها، ومن ذلك قرار اعتماد القنوات الفضائية المتخصصة للتلفزيون السعودي والتي استطاعت أن تغطي جوانب كثيرة تمثل اهتمامات المواطنين المختلفة. وحول أهمية إنشاء دور للسينما أكد الدكتور خوجة احترامه لكافة وجهات النظر، مشيرا إلى أن إنشاء دور السينما سوف يشكل بديلا لما تبثه القنوات الفضائية من أعمال لا يمكن ضبطها بينما يمكن التحكم فيما يتم تقديمه في دور السينما التي تشرف عليها الدولة، بحيث لا يتم تقديم ما يمكن أن يتعارض مع قيمنا وثوابتنا. هنا تنشر «عكاظ» الجزء الثاني من الحوار الموسع مع وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة : القنوات الفضائية • تعددت القنوات الفضائية للتلفزيون السعودي واستطاعت أن تغطي حقولا مختلفة من الثقافة بحكم ما هي عليه من تخصص، السؤال: ما هي الإمكانات التي تم توفيرها لهذه القنوات؟ وهل استحدثت لها الوظائف التي تحتاجها أو تم الاكتفاء بتدوير كوادر القنوات القديمة لتغطي احتياجات القنوات الحديثة؟ كانت لدينا أربع قنوات فأصبحت لدينا الآن عشر قنوات، الإعلام يتطور وتتسع دوائر اهتمامه وتتعدد اختصاصاته وأصبح حريصا على أن يكون ممثلا لكافة جوانب الثقافة ومتجاوبا مع جميع تطلعات المشاهدين، المسألة مسألة تحد يكشف عن المقدرة على مجاراة التطور الإعلامي الذي يتحرك بوتيرة متسارعة ومتجددة بشكل يومي على نحو لا يقبل التأجيل أو التسويف فما يمكن تحقيقه اليوم قد لا يصبح ممكنا تحقيقه غدا وأي تأجيل يعني أن المسافة سوف تزيد والتحدي يصبح أصعب، ولذلك لم يكن هناك بد من اعتماد هذه القنوات وتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بتأسيسها والبدء فيها. وعلى الرغم من أنه لا يمكن لنا أن ندعي الكمال أو تحقيق كل ما نتطلع إليه إلا أن لتلك القنوات مردودا إيجابيا كبيرا وتأثيرا عظيما وخاصة قناتي القرآن والسنة النبوية اللتين تحظى كل منهما بمتابعة المسلمين في كل مكان سواء في البلدان الإسلامية أو غير الإسلامية نظرا لما تحققه لهم من فائدة وما تسهم به من تعريف بالشريعة ومقاصدها النبيلة. وكذلك القناة الثقافية التي تحرص على نقل الأنشطة الثقافية والملتقيات الأدبية وعلى رأسها فعاليات الحوار الوطني وأنشطة الجنادرية كاملة وسوق عكاظ، وهو الأمر الذي لم يكن متاحا في القناة العامة أو الإخبارية في التلفزيون، والواجب على المثقفين أن يساعدوا في تطوير هذه القناة ولا يقفوا عند الانتقادات فحسب فهذه قناتهم وهي منهم وإليهم. نفس الشيء بالنسبة لقناة الأطفال أو الأجيال فهي موجهة لأطفالنا تحمل لهم القيم التي نعتز بها وتعرفهم بوطنهم وتراثهم وتسعى إلى أن تجعلهم مرتبطين بدينهم وقيمهم ومجتمعهم وتقاليدهم، وكذلك هو الحال بالنسبة للقناة الاقتصادية التي تعنى بالقضايا الاقتصادية وتتجاوب مع ما يتطلع إليه رجال الأعمال. ورغم ما حققته تلك القنوات من إنجاز إلا أنه لا يمكن لنا أن ندعي لها الكمال ولكن لم يكن هناك بد من اتخاذ قرار البدء بها. وإذا كان هناك ضعف في بعض هذه القنوات فهذا أمر طبيعي وهو الأمر الذي يحدث في كل قناة في العالم، إذ لا يمكن أن تعرض أي قناة في العالم برامج بنفس المستوى من الجودة على مدار ال 24 ساعة ولكن من المعروف أن البرامج القوية «تشيل» البرامج الضعيفة واعتقد أن ثمة برامج قوية دون شك ونتطلع إلى مزيد من التطور في هذه القنوات المختلفة. مشكلة السينما • ما هي مشكلتنا مع السينما؟ لماذا أصبحت معضلة لدينا من بين جميع دول العالم؟ أنا أتفهم مختلف الآراء في هذا المجال وأحترمها كذلك ومن حق كل إنسان أن يكون له رأيه الذي يتوجب علينا احترامه. وفي رأيي أن لو أن كل شخص تفهم الدور الحقيقي للسينما والوظيفة التي يمكن أن تنهض بها لشجع على بناء دور للسينما، لو أنشأنا دورا للسينما لأصبح بإمكاننا أن نتحكم فيما يتم عرضه فيها من أفلام ما دامت دور العرض تحت إشراف الدولة، وأنا أتحدث هنا عن رأيي كمواطن وليس كمسؤول، دور السينما ستكون بديلا لهذا الفضائيات التي تتجاوز ال 500 قناة تبث ما تشاء ولا نستطيع التحكم فيها كما لا نستطيع حجبها، دور السينما سوف تكون أكثر انضباطا من هذه الفضائيات التي تضخ أفلامها وبرامجها على مدار الساعة دون أي قيود أو ضوابط وفيها الكثير مما لا ينسجم مع قيمنا وتقاليدنا. مأسسة الإذاعة والتلفزيون • كان هناك قرار من مجلس الوزراء حول تحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى مؤسسات، أين وصل تنفيذ هذا القرار؟ بحثت هذا الأمر عندما تعينت وزيرا للثقافة والإعلام، بحثت هذا الأمر وتم تحويله إلى لجنة الإصلاح الإداري وهو يدرس الآن من قبل لجنة يشارك فيها عدد من الوزراء بينهم وزير المالية ووزير النقل ووزير الخدمة المدنية ومدير معهد الإدارة ومسؤولون آخرون. ومن وجهة نظري أرى أن الأمر منته ويجب أن يخرج قرار تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسة إلى الوجود في أقرب وقت وأن يوضع موضع التنفيذ خاصة أن هناك قرارا بذلك، ونكاد نكون نحن الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تعمل بالنظام القديم الحكومي البيروقراطي الذي يجعل من الإذاعة والتلفزيون تابعة لوزارة الإعلام، وأنا أقول بكل صراحة إن هذا النظام القديم يعيق العمل الإعلامي من كافة النواحي سواء النواحي الإدارية أو الفنية، وأنا أقول هذا الرأي علنا وأتمنى أن يتم تنفيذ هذا القرار الذي يقضي بتحويل الإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسة لأن هذا القرار يمكن هذين الجهازين من التحليق في أفق الإبداع بعيدا عن قيود البيروقراطية. إعلام العالم الثالث • معالي الوزير، حديثكم يحرضني على أن أسأل: كيف تنظرون إلى ما يقال من أن وجود وزارات الإعلام هو سمة أو صفة من صفات العالم الثالث؟ أتطلع أن تأخذ الكثير من الأمور مجراها من التطور ذلك أن مفهوم الإعلام تطور وكذلك مؤسساته ولم يعد الإعلام بمفهومه التقليدي قائما، فالإعلام التقليدي والإعلام النخبوي والإعلام ذو الصوت الواحد انتهى، أصبحنا أمام إعلام متعدد الأصوات، أصبح الإعلام الإلكتروني قائما على تعدد الأصوات وقضى بذلك على إعلام الصوت الواحد، ينبغي لنا أن نتفهم ذلك بسعة صدر وسعة أفق ونكون صريحين أمام أنفسنا وأن نتعامل مع هذا الصوت الجديد بطريقة جديدة، وحين قررت الدولة تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسات كان تفكيرها سابقا مستشرفا للوضع الراهن وهو قرار وافق عليه مجلس الوزراء ومجلس الشورى ولم يبق إلا التنفيذ والعالم من حولنا انتهى من هذه المسألة. أنا أريد أن تتحرر الإذاعة والتلفزيون لكي تتحرر الثقافة كذلك، وأن يكون لها كيانها المستقل وأن تحلق بطريقتها الخاصة وبالصورة الصحيحة التي لا يقيدها شيء. ربطنا بين الإعلام والثقافة يجعلني أتخيل أننا أنزلنا إلى مضمار السباق فرسين كلاهما رائع وسباق ولكننا ربطناهما على نحو يعيقهما ومن المتوجب أن ينطلق كل فرس مستقلا بنفسه لكي يتمكن من إظهار مهارته ويحلق في عالم التميز والإبداع.