قال لي صديق محافظ ألا ترى أننا نتغير بسرعة، ولا أحد يعرف أين نحن متجهون، ألا تخاف أن نجد أنفسنا منحدرين لما لا نريد، هذا الصديق يعاند بوصلة اتجاه الحياة في عقله، فيعصف التغيير بعواطفه، فهو يرفض حالة لا يسيطر عليها مثل الحصان الجامح، شيء طبيعي، فالبعض يعجز عن التوازن، في القناعات، والبعض لا يعرف أنه يتغير، ومن وجهة نظر أكيده، أن التغيير مطلوب، لأن الجمود خلف جدار التقاليد قد يجعل السد الآمن للحياة ينهار دفعة واحدة، ومن وجهة نظر مؤكدة أيضا أنه لا سبيل أن نتغير دون ألم وقلق بمسايرة التغيير، وقبوله، أو مساعدة من لا يستطيعون تقبله. لقد تنبه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظه الله، وهو الرجل المستنير إلى خطورة التغير الفجائي، أو عدم قبول التغيير فبادر بإنشاء مركز الحوار الوطني، ومراكز الحوارات الأخرى، التي هي صمامات أمان في بنية الأمن الوطني، والهدف نشر الوعي بما يجري عندنا، وعند غيرنا، ومرة قلت في هذا الموضوع إن الحوار الوطني ليس هو هذا الرسمي الذي نسمع عنه، بل ارتداداته وتوابعه في كل كيانات المجتمع، في العمل، والتعليم، والشؤون العامة والخاصة لأنه، أي الحوار، يساعد، ويسرع التغيير. الصديق الذي يقول إننا نتغير دون أن ندري يقر بحقيقة مهمة هي أننا نمر بالتغير بسهولة التقبل والقناعة للبعض، ولسنا وحدنا من يتغير فكل العالم يتغير اليوم، بعض التغيرات تبدو جارفة خطرة مثل ما نرى في دول عربية، وبعضها سهل، ومتقبل مثل ما يجري عندنا، وفي وقت قصير سوف تتغير حياتنا لنكون مثل العالم كله نفهم الحياة، ونتعامل معها كما هي. من هذا كله، ومن شيوع مفهوم التغير في كل جانب من جوانب حياتنا الفكرية، والمادية سوف نخرج من حالة الجمود، ونتجه للعصر بقوة، وبدون هذا التغير سنكون جامدين، وخارج العصر، فالأصوات الخائفة من التغير لا تلام، لأنها تعاني ألم التغيير، لكن تفهمها سيجعلنا في العصر، ولا بد من نشر محرضات الحوار مع هؤلاء، فبقاء من يخافون التغير في الجمود هو عرقلة للتنمية، وسلام المجتمع، وأمنه. المملكة قوية بكل شيء، وقوتها جعلتها واثقة في أمنها الوطني، ولا يمكن التفريط بكل هذا من أجل أفكار جامدة من الماضي عفا عليها الزمن، فإن سايسنا التقاليد، وجاملناها لبضع سنوات أخرى فسوف يأتي يوم يصل الجيل الحالي من الصغار لابسي البنطلونات القصيرة من أولاد وبنات، ويكتسحون الحياة بفكرهم، الذي يصعب على كثير منا كبار السن فهمه، ولذلك أقول افتحوا أبواب التغير ولا تغلقوها، والأخلاق العامة، والقيم، سوف تحمي نفسها، وبوجود نظم وقوانين تحكم الأخلاق العامة لن تتاح الفرصة لتغير يجرف القيم، ولن يذهب المعتقد الراسخ، المهم مسايسة التغير، ودعمه بالإرشاد المقنع، وليس الضيق المنغلق المتشدد. صديقي أدرك أنه يتغير بحاسة بوصلته في الحياة، قد لا يرغب في التغير لكن التغير حتمي في الحياة، وحتميته تأتي من أن الذي لا يتغير ميت بالضرورة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة