تمتلئ حياتنا بالعديد من المخاوف، والاعتقادات السلبية، والاعتراضات الداخلية التي - كثيراً - ما تعوق إمكانية التغيير في حياة الإنسان فالتغيير سنة الله في الكون. كل شيء يتغير فالجبال تغيرها عوامل التعرية، والطقس يتغير ويتقلب.. والاحتباس الحراري يفعل أفعاله في ذلك حتى خلايا جسد الانسان.. تخضع لقانون التغيير. وتطور الحياة ومتغيراتها تفرض على الإنسان أن يتغير ويتطور، بيد أن العوائق التي تسكننا.. تسكن معتقداتنا وقناعاتنا تقف حجر عثرة أمامنا.. فلا نستطيع معها أن نتقدم ونتطور.. ونتغير نحو الأفضل. وأعظم هذه القناعات تأثيراً. وأقواها هي تلك التي نرددها لأنفسنا ونؤكدها.. فترسخ داخلنا.. ومع مرور الايام تمتلك قيادنا فتتحكم فينا.. وفي مسيرتنا في هذه الحياة.. من ابرز هذه المعيقات التي يضعها المرء لنفسه هي تكراره لعبارة:”مشكلتي ليس لهاحل”!! وهذا القول يتعارض مع حقائق ذكرها الله جل جلاله في كتابه في قوله:(لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا). وقوله تعالى:(إن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا) وذكرها نبيه العظيم صلى الله عليه وسلم في قوله:”ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء” رواه البخاري. وقوله:”لكل داء دواء. فإذا أصاب دواءُ الداء، برأ بإذن الله” رواه مسلم. وقوله:”إن الله لم ينزل داء.. إلا أنزل له شفاء. علمه من علمه وجهله من جهله” رواه احمد. لا ننكر ان الكثيرين يعتقدون خلاف ذلك.. ربما لأنهم لم يعرفوا تلك الاقوال العظيمة من الله ونبيه. وربما لأنهم يجهلون معناها.. وربما لانهم يجهلون الدواء.. أو لم يهتموا باللجوء لمن لديه الدواء والحل من المتخصصين لظنهم بأن ذلك لا يجدي. أو لانهم ذهبوا لمن لم يستطع ايضا حل مشكلتهم. وذلك لا يعني انعدام الحل. فقد قال من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم:”علمه من علمه وجهله من جهله”. إذن.. الدواء موجود وما ينقصنا هو السعي للوصول اليه. وهؤلاء الذين يرددون:لا حل لمشكلتي. إنما هم استسهلوا اتخاذ الموقع السلبي من مشكلتهم. أو استسهلوا تقمص دور الضحية!! إن الله جل علاه يأمرنا بالعمل والسعي والاجتهاد، فهل يفعل ذلك ويأمرنا به.. ومشاكلنا ليس لها حل؟.. لا والله. فقد اخبرنا سيد ابن آدم صلى الله عليه وسلم بأنه لا يوجد داء ليس له دواء سوى الهرم. وهذا القول ينطبق على كل مشاكل الانسان ومتاعبه. إذ يظن البعض ان هذه الاقوال تقصد الامراض. ولا تنطبق على المشكلات الاجتماعية والتي تعترض حياتنا يومياً وهذا ليس صحيحاً.. لأن كل مشكلة ولها حل. والمشكلة الحقيقية لا تكمن في (المشكلة) ذاتها.. بل في موقفنا منها. وموقفنا من السعي نحو علاجها. فالبعض لا يبذل جهداً كافياً لحل مشكلته. او البحث عن الاساليب الصحيحة للحل. أو الاستعانة بمن يملك العلم والخبرة وان فعلوا ذلك استعجلوا النتائج.. ولم يواصلوا البحث عن الحل. ناسين ان قطرات الماء المتتابعة تحفر اخدوداً في الصخر الاصم. فمن أدمن طرق الأبواب.. يوشك أن تفتح له. وهناك علاج ناجع مع كل الامراض.. والمشكلات والعلل.. لكننا نغفل عنه، وننصرف إلى ما سواه.. وهو بين ايدينا.. ولو عرضنا انفسنا عليه.. وعرضنا مشكلاتنا وعللنا على قدراته العظيمة في العلاج.. لما بقي في حياتنا داء مستعص. ولا مشكلة لا حل لها.. هذا الدواء هو القرآن الكريم فقراءته، وتدبر معانيه والعمل بأحكامه، والاستجابة لأوامره، والايمان باخباره.. وتأمل آياته، والتصديق بغيبياته.. كل ذلك.. لهو لعمري اعظم شفاء وعلاج.. لكنّ قليلاً منا من يفعل ذلك.. وقلبه مليء بايمان بمدى ناجعية هذا العلاج العظيم.. الناس في سبيل الحصول على الراحة.. والاسترخاء.. والطمأنينة النفسية اصبحوا يقصدون جلسات العلاج باليوجا والتأمل والاسترخاء.. والتدليك.. للتخفيف من الاضرار الناجمة عن التعرض للضغوط والمشكلات. وكل ذلك موجود في الخشوع في صلاتنا.. والتدبر في آيات الله ومعانيها. لكنّ قليلا منا من يفطن إلى ذلك.