أمضيت زهاء أربعين عاما من عمري، متنقلا بين أكثر من قناة إعلامية سعودية، لم أر، ولم أسمع أثناءها مسؤولا يستنكر وجود وسيلة إعلامية سعودية، أو يطردها، أو يمنعها من متابعة حدث سعودي أيا كان، من حق القارئ والمستمع، والمشاهد، أن يعرف أبعاده التنموية، وتأثيراته الإيجابية، لكن في حادثة فريدة، هي الأولى من نوعها، تساءل سعادة الأمين العام لهيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر (د. سامي برهمين) «من الذي دعا «عكاظ» للتغطية الإعلامية؟»، (صحيفة «عكاظ» يوم 13 جمادى الآخرة 1432ه، ص5)، والأنكى أن سكرتارية الأمانة العامة للهيئة طلبت «من فريق «عكاظ» المغادرة قائلة: أنتم غير مدعوين لهذا الاجتماع، ويجب عدم حضوركم إلا في حال دعوتكم».!! إن صح ما قيل، فوسائل الإعلام السعودية: صحافة، وإذاعة، وتلفزيونا، مطلوب منها أن ترحل، وتترك ساحة الأحداث التنموية بعيدة عن الصوت والصورة والكلمة، وهذا فهم خطير لدور وسائل الإعلام السعودية، وتعطيل للسياسة الإعلامية التي نصت المادة (26) منها على أن «حرية التعبير في وسائل الإعلام مكفولة، ضمن الأهداف والقيم الإسلامية والوطنية، التي يتوخاها الإعلام السعودي» وعليها أيضا، ألا تكون مرجعية إعلامية، معرفية، بعضها يستند إلى ما تم من منجزات سعودية سابقة، وبعضها الآخر يدور حوله النقاش، لغة، وفلسفة، يكون فيه المستمع، والقارئ، والمشاهد، مشدودا إليه، فلا يتحول النقاش إلى نقاش صم، أو يكون فيه المتكلم يناجي نفسه حين يتكلم. طرد وسائل الإعلام السعودية معناه أنها ليست وطنية!! موبوءة!! عاجزة!! غير قادرة على الإسهام في مكافحة الفساد، ومعالجة الانحرافات، ونقل منجزات الوطن والمواطن، والتخلي عن دورها في أن تكون: عينا للدولة، وأذنا للمواطن، تنقل همومه، ومعاناته، وأفراحه، وأتراحه، فهل يجوز هذا، والمجتمع يعج بحراك اجتماعي، يؤدي المواطن الدور الأول فيه؟. من المتفق عليه أن الإعلام يكتسب أهميته من: متابعة قضايا وأحداث اجتماعية، وثقافية، وسياسية، والوسيلة الإعلامية ينبغي أن تعالج الأخطاء، وتبدد الأوهام، بأساليب وأشكال تستقر في الذاكرة، وزنا، ومعنى، ومتلقو الإعلام يقلبون النظر فيما يرون، ويسمعون، ويقرؤون، وفي مضامين ما يرون، ويسمعون، ويقرؤون، وهم الجسر الذي تعبر عليه المعلومة: جسر حوار، وتفكير، في قضية مشتركة، وفي مصير مشترك. يخطئ من يستنكر وجود الإعلام السعودي، ويخطئ من يضع أمامه العراقيل، وهو يؤدي رسالته، وواجباته، ووظائفه في: نقل المعلومات إلى الناس، ومشاركتهم بالتالي في اتخاذ القرارات التي تخصهم، سواء إزاء أنفسهم، أو إزاء المعلومة التي يتلقونها، وتستدعي تفاعلا هو في حقيقته ثقافة وطنية، يجب أن يتشبع بها كل مواطن، ليفهمها، ويحبها، ويحرص على وجودها في مجتمعه، قدر حرصه على أثمن شيء في وطنه. لا أدري ما الأسباب التي دفعت سعادة الأمين العام لهيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر (د. سامي برهمين) للتساؤل «من الذي دعا «عكاظ» للتغطية الإعلامية»؟ هل تساءل مستنكرا؟ أم مستفهما؟ لا أعتقد أن الرجل لا يدرك أهمية الإعلام، ودوره، إذا لماذا طرح السؤال، الذي يحمل في ثناياه: عدم الاقتناع بجدوى الإعلام السعودي. لا بد من تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإعلام من جهة، وتلافي أي محاولات مماثلة من جهة أخرى، وهذه مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام، وأخشى ما أخشاه أن تطرد غدا «البلاد» أو «الوطن» أو «الرياض» إذا لم تتوقف على الفور عملية طرد وسائل الإعلام السعودية، فهل يعتذر علنا سعادة الدكتور «سامي برهمين» على موقفه منها؟. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة