خبر قرأته منشورا في «عكاظ» فانتابتني بسببه مشاعر مختلطة ما بين الأسى والغضب. الخبر يفيد بأن هناك من يسرق (آثار ضمد)، وما لا يسرق منها يتهشم أثناء الحفر والاستخراج لعدم مهارة السارقين في التعامل مع الآثار. أما السارقون فإنهم جماعة من الأغراب المقيمين في هذه البلاد الكريمة، اتخذوا من سرقة الآثار تجارة لهم. حين تجد آثار بلدك تدمر وتسرق بيد غريبة لا تعرف قدرها، لتباع ربما بأثمان بخسة، لا تملك سوى أن تشعر بالألم يعتصر قلبك، والخجل يكسوك أن يحدث هذا في مجتمع مثل مجتمعك فيه هيئة ترعى الآثار وتعرف قدرها وتعترف بأهميتها!! وقد يقفز إلى ذهنك سؤال يثير غيظك: كيف نامت العيون عن هؤلاء اللصوص؟ فهم حسب ما تذكر الصحيفة مقيمون في الموقع نفسه الذي يسرقون منه؛ أي أنهم يعملون نهارا في النبش والتخريب، ويستمتعون ليلا بالنوم الهنيء في أمن وطمأنينة اعتمادا على أن الناس كلهم في سبات مثلهم. تنقل «عكاظ» عن مسؤول السياحة في ضمد قوله: إن الموقع تعرض فعلا للنبش والتخريب، وإن هناك بعض الآثار والخطوط فقدت من الموقع وإن بعضها الآخر تعرض للتكسير والتخريب وإنه سبقت المطالبة بالمحافظة على المواقع الآثرية في المنطقة، خاصة أنها سبق أن أجريت فيها عملية مسح لكثير من المواقع الأثرية التي سجلت وعملت لها إحداثيات بقصد إدراجها ضمن المناطق السياحية. كلام هذا المسؤول يفيد أن هيئة السياحة والآثار قد اطلعت على عمليات السرقة والتخريب وعرفت بحاجة الموقع إلى الحماية لكنها مع ذلك، لم تتخذ إجراء سريعا للقبض على أولئك اللصوص كي تحمي المنطقة الأثرية، فبقي الأمر على قائمة التأجيل. ولوجه الحق، فإني لا أعرف الخلفيات الموجودة في هيئة السياحة والآثار التي قد تكون اضطرتها إلى التفريط بآثار ضمد وتركها فريسة ميسورة لأولئك اللصوص. لكني في الوقت نفسه، أتعجب كيف أن هيئة بمثل حجم هيئة السياحة والآثار، يعجزها وضع كمين لاصطياد أولئك الفئران!! وهل الهيئة إلى هذه الدرجة عاجزة عن تأمين حراسة للمناطق الأثرية المعروفة حتى تتركها هملا بهذه الصورة ينهب منها السارقون ما شاء لهم بلا خوف ولا قلق!! إن خسارة البلد بفقد آثار تاريخية مهمة كهذه أكبر مما قد ينفق من مال على تأمين الحراسة والرقابة. إني أعرف أن على رأس الهيئة رجلا مخلصا ونشيطا ومتحمسا لحماية الآثار والحفاظ عليها، هو الأمير سلطان بن سلمان. وأذكر أني سمعته مرة وهو يتحدث بحماسة بالغة عن موضوع الآثار ومدى المشقة التي تواجهها الهيئة في سبيل الحفاظ عليها في ظل وجود ثقافة مجتمع لا تعترف بقيمة الآثار ولا تحمل لها التقدير الذي تستحق، فتقع الهيئة في معاناة كبيرة من أجل تحقيق تلك الغاية. هذه الثقافة التي تحدث عنها سمو الأمير هي التي تسهل على السارقين ارتكاب جريمتهم، فأغلب الناس لا يدركون قيمة ما في بلادهم من آثار وأهمية الحفاظ عليها، وربما لو أنهم عرفوا، لتحولوا جميعهم إلى عيون حارسة. ولكن طالما أن الثقافة المجتمعية لا تعي ذلك، فإن المسؤولية تقع كاملة على الهيئة في حراسة الآثار وعدم تركها أرضا مستباحة من أولئك الغزاة السارقين. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة