طرح المشاركون في اللقاء التحضيري الثاني للحوار الوطني الذي نظمه مركز الملك عبدالعزيز في الشرقية أمس عددا من التساؤلات المهمة حول الإعلام والمجتمع. بدأ الحوار الذي شارك فيه 69 شخصية، أغلبهم ليس لهم علاقة بالإعلام، بكلمة افتتاحية لنائب رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني راشد الراجح الذي طرق قضايا حساسة، قال إنه من المفترض أن نقف عند حدود أبعادها لنخرج من خلالها برؤية واضحة وعملية تتجاوز الحدود التنظيرية ونخضعها للتطبيقات الموضوعية والمهنية لمعرفة ماهية «واقع الإعلام السعودي اليوم». وأضاف الراجح في كلمته «ما علينا سوى العمل على بحث إجابات لها دون أن نعلقها أو نغلفها بعبارات مدجنة لا تخدم قضيتنا وموضوعنا الذي من أجله حضرنا». وأشار الراجح إلى أنه يجب أن ندرك حقيقة جوهرية مفادها أن الإعلام السعودي إعلام مسؤول مسؤولية دينية وتاريخية وحضارية وعلينا ألا نخرج عن هذه الحقائق مطلقا بحيث تمنحنا سبيلا لمعالجة واقعه وفق سياساته ونظمه التي تعزز من المرتكزات الدينية. وأبان أن الدولة أعزها الله أولت الإعلام أهمية كبيرة وأخذت في العمل على توسيع دائرته لإيصال صوت المواطن والحراك بوجه عام عبر وسائطه الحديثة. ضوابط الحوار وشدد الراجح على ضوابط ألزم بها الجميع في عملية بدء الحوار ومنها الالتزام بالموضوعية والحيادية والبعد عن التعميم في الأحكام والنتائج والتركيز في المناقشة على الأفكار لا على الأشخاص وعرض الأفكار بوضوح واختصار، والبعد عن إصدار الأحكام تجاه الآخرين واحترام رؤاهم حتى وإن كنا لا نتفق معهم. وأكد الراجح على الأمانة في النقل والاستشهاد والبعد عن الحدة في المناقشة والتعصب للآراء وللأشخاص. ثم بدأ عضو اللجنة الرئاسية في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الشيخ عبدالله العبيد بتوزيع وقائع الجلسات في محاورها الأربعة واقع الإعلام السعودي، المنطلقات الشرعية والفكرية للإعلام السعودي، الإعلام الجديد ودوره في تشكيل الرأي العام، ومستقبل الإعلام السعودي وسبل تطويره. وبالرغم من أن معظم المشاركين لم يحضروا وبقيت مقاعدهم شاغرة، وآخرين فضلوا المغادرة بعد الربع الساعة الأولى من عمر الجلسات إلا أن أسئلة وتساؤلات ومداخلات المشاركين كانت تسأل عن الواقع الإعلامي السعودي اليوم هل حقق النجاح المأمول أم أنه تراجع أم بقي جامدا تائها ومرتبكا في أطروحاته، وهل حدد مفهوما علميا لمعنى الصناعة الإعلامية التي تحتاج لاستراتيجيات ومناهج تشبع حاجات المجتمع ثقافيا وفكريا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا بذات الطرق الصحيحة والسليمة، وهل له قوة ضغط وتأثير، وأخيرا هل كان لوجود الإعلام الجديد والذي فاجأ الوسط الإعلامي التقليدي بسرعته وتغطيته تأثيرا على الإعلام التقليدي والبحث عن خيارات أخرى تتمحور حول صناعة الخبر وفلسفته المهنية وغيرها من التساؤلات المفتوحة في هذا الجانب. تشخيص الواقع وفي محور المنطلقات الشرعية والفكرية للإعلام السعودي ظلت المداخلات متراوحة بين تشخيص واقعه ومدى تناسبه مع الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والمستجدات الآنية والأخرى التي عملت على تحديد مفهوم التعايش مع الواقع والتعزيز من مبتغى الحرية المسؤولة للإعلام التي هي في أساس الأمر مطلب وطني وتزيد من عناصر الثقة في المؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها. وفي جانب آخر من عمر الجلسات وفي محور الإعلام الجديد كشفت المداخلات الرؤى عن المنطلقات المهنية في ظل توفر إعلام جديد كقنوات التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت ويضاف لها الإعلام التقليدي، حيث طالبوا بوضع منهجية واضحة لإبعاد هذا الإعلام ومعالجته لقضيانا وترشيد الرأي العام من خلاله وضبط توازنه حتى لا يثير النزاعات ويصعد من الخلافات التي تزايدت فيها حالة التصاعد ووتيرة الخلاف وكانت سببا رئيسا فيه. كما طالب أحد المشاركين بإجراء دراسة علمية دقيقة تتبناها إحدى الجامعات السعودية لدراسة جاذبية هذا الإعلام الجديد للقراء والمتلقين خاصة الشباب والفتيات وهل ما يقدمه من مواد إعلامية جديرة بالمناقشة والدراسة. وأثارت الجلسات نقطة ذات أهمية بالغة تحدثت عن واجبات الإعلام الذي يجب أن ينظر بمعيار الرضا الخاص بمجتمعه ولا يكتب إلا ما يرضيه ولا يقفز على حدود خصوصيته. الإعلام المتخصص رأى المشاركون ضرورة توسيع دائرة الإعلام المتخصص في وسائلنا الإعلامية ووضع منهجية واضحة لمفهوم النقد الموضوعي والواعي بذات الشفافية التي تقرر مفهوم الأمن الفكري والاستقرار الاجتماعي، والعمل على تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية بذات الشروط المهنية التي تلتزم الحياد وتوسيع هامش الحرية المسؤولة وإجراء دراسة علمية لتحديد مفهوم الصناعة الإعلامية، ومنح المؤسسات الإعلامية الثقة لمعالجة قضايا المجتمع وهموم المواطنين والسرعة في إجراء دراسة متخصصة لمعرفة قوة الجاذبية للإعلام الجديد لفئة الشباب. وفي نهاية الجلسة الأولى شارك ممثلو وزارة الثقافة في الرد على مداخلات الحضور وتقدمهم الدكتور عبدالعزيز الملحم وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للتخطيط والدراسات وتقنية المعلومات، وسليمان عبدالرزاق الحمود مدير عام القناة الثانية بالتلفزيون السعودي، وجاسم الياقوت مدير الإعلام الخارجي في فرع وزارة الثقافة والإعلام في الدمام، وعرفات حسين الماجد معدة ومقدمة في برامج استوديو الإذاعة في الدمام، ونوف بنت سلطان الغشيان معدة ومقدمة برامج في إذاعة الرياض، وتركزت الإجابات في عرض استراتيجيات الحوار والمنطلقات ومحاولات التطوير في جهاز الإعلام فيظل المتغيرات الآنية. الياقوت استعرض في رده أبرز المعضلات التي تواجه الإعلام وسببها مزاجية رؤساء التحرير واجتهاداتهم خاصة في الجانب الصحافي بينما ما يخص وزارة الثقافة والإعلام التجميد الوظيفي وضعف الأجور والعروض المقبلة من قنوات غير وطنية تستقطب المتميزين لدينا وعدم وضع معيار تحدد به أماكن العاملين وأحقيتهم في المناصب.