أطلق الأطباء المختصون تحذيرا جديدا من استشراء ظاهرة السمنة وما يترتب عليها من انعكاسات مرضية مصاحبة، مشيرين إلى أن دراسة حديثة كشفت أن ثلاثة أرباع سكان المملكة مصابون بالسمنة (70 في المائة من الرجال و 75 في المائة من النساء)، من خلال عينات مسحية بلغت 2800 شخص، شملت الرياض والمنطقة الشرقيةوجدة، بواقع 700 فرد في كل عينة، اتضح تطابق كبير في نسبة الإصابة بالسمنة بين المسح الميداني والدراسة الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، كما ألمحت الدراسة إلى أن أكثر من 80 في المائة من مرضى السكر من النوع الثاني في المملكة لهم علاقة بالسمنة. كما بينت الدراسة أن 3 ملايين طفل في المملكة يعانون من السمنة، وأن السمنة ترتبط ب 47 مرضا مزمنا. وأرجعت الدراسة السبب الرئيس لانتشار السمنة بين الأطفال الذين يمثلون ما لا يقل عن 50 في المائة من السكان إلى نمط الحياة غير الجيد الذي يشمل غذاء غير صحي وغياب الرياضة، في ظل ضعف حركة الطفل في البيت والمدرسة، بجانب ضعف كفاءة الحصص الرياضية في المدارس، التي تمثل 10 في المائة فقط من الكفاءة المطلوبة وتنعدم لدى مدارس البنات كليا. الأميرة عادلة ل «عكاظ» "كيل" مستمرة في معالجة السمنة أكدت ل «عكاظ» صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله على أن الجمعية الخيرية لمكافحة السمنة «كيل» حملت على عاتقها مهمة إنسانية لتوعية وتثقيف المجتمع السعودي وإيجاد حلول لظاهرة السمنة التي تفشت في المجتمع السعودي والمجتمعات الخليجية. وبينت خلال حفل جمعية «كيل» والتي ترأسها صاحبة السمو الأميرة آية بنت فيصل بن عبد الله بن محمد، أنها تحاول أن تقدم للجمعية خبرتها حول إيجابيات وسلبيات العمل، ليبدأوا من حيث انتهى الآخرون.
رأى استشاري طب المجتمع والمشرف العام على مركز المساعدية التخصصي في مستشفى الملك فهد العام في جدة الدكتور عبدالحفيظ يحيى خوجة، أن السمنة تعد من المشاكل التي يترتب عليها أمراض مصاحبة أخرى تهدد صحة الفرد المصاب، وأصبحت تشكل أبرز التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات الخليجية وخصوصا المملكة لاعتبارات عديدة، مسببة بذلك خطورة على المرضى، بجانب الانعكاسات النفسية والاجتماعية والبدنية والاقتصادية المترتبة على ذلك. ولفت إلى وجود عدة دراسات نشرت حول معدل انتشارها وهي لا تختلف كثيرا عن بقية دول الخليج، فنجد أن نسبة زيادة الوزن عند الرجال تصل إلى 29 في المائة، وعند النساء 27 في المائة، بينما نجد أن نسبة السمنة عند النساء تصل إلى 24 في المائة والرجال 16 في المائة. وأضاف «هناك عوامل عديدة وراء انتشار السمنة هي النمط الغذائي، وقلة النشاط والحركة، والعوامل النفسية والبيئية، واختلال في الغدد الصماء، والوراثة، وجينات السمنة». وحذر خوجة من زحف انتشار السمنة في ظل غياب الوعي الصحي رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من خلال الحملات الوطنية والمحاضرات والندوات التي تنادي وتحذر من توسع دائرة السمنة، لذا يبقى دور المواطن مهما في تجنب كل ما يضر ويهدد صحته. بدانة الأطفال ويتطرق استشاري طب الأطفال الدكتور حسن بادريق إلى جانب سمنة الأطفال، فيقول «جميع الدراسات العالمية والمحلية أكدت على زيادة نسب السمنة عند الأطفال وخصوصا في الدول النامية نتيجة الأطعمة المحتوية على نسب عالية من الدهون، وغياب البرامج الوقائية التي تحث الأطفال على عدم الإكثار من الوجبات السريعة وضرورة ممارسة الرياضة لتجنب زيادة الوزن الذي يمهد للسمنة وما يترتب عليها من مضاعفات». ودعا بادريق إلى ضرورة إعادة النظر في وجبات المقاصف المدرسية، لاسيما أن 90 في المائة من الأطفال لا يتناولون الخضار و 50 في المائه لا يتناولون الفواكه، وهذا مؤشر غير صحي يترتب عليه انعكاسات غير صحية على المدى البعيد. وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية سبق أن أطلقت عدة تحذيرات تنبه من ارتفاع نسب السمنة عند الأطفال، وخصوصا أن هناك مضاعفات عديدة تترتب على السمنة، ومن هذا المنطلق فإن توجيه الأطفال منذ الصغر بالعادات الغذائية الصحيحة يجنب الكثير من المشاكل المترتبة على الصحة. هشاشة العظام في سياق متصل، أوضح استشاري علاج أمراض الروماتيزم الدكتور ضياء الحاج حسين، أن هناك علاقة بين زيادة الوزن وهشاشة العظام بين النساء، مستشهدا أن هناك عوامل أولية وخصوصا عند النساء مثل تقدم السن والوزن واللون وانقطاع الطمث، وعوامل ثانوية منها: نقص الكالسيوم بسبب عدم تناول كميات كافية من الحليب ومشتقاته. وأفاد ضياء إلى أنه في المجتمعات الغربية ترتفع نسبة الإصابة بهشاشة العظام إلى 50 في المائة بعد عمر الستين، وفي دراسة حديثة تبين أن هذه النسبة تنخفض إلى 19 في المائة في كوريا، وقد يكون السر في البروتين النباتي، حيث إن الكوريات لا يقبلن على اللحوم والوجبات السريعة مثل الهامبورجر والدجاج المقلي، كما وجدت بعض الدراسات العلمية أن زيادة الدهون في الوجبة الغذائية تعتبر من العوامل المساعدة على هشاشة العظام، حيث إن وجود الدهون وخاصة الحيوانية بكثرة يقلل من نسبة امتصاص الكالسيوم، وبالعكس فقد اكتشف الباحثون في جامعة بيوردو الأمريكية أن الدهون الغذائية الموجودة في الأسماك والمكسرات تلعب دورا مهما في الوقاية من هشاشة العظام وترققها. 90% لا يتناولون الخضار و 50% الفواكه انعدام الحركة واعتبرت أخصائية التغذية الدكتورة رويدا إدريس، أن البدانة تتصدر المشكلات الصحية التي يعاني منها طلاب المدارس، وهي تنتج عادة من تراكم الدهون في الجسم، مبينا أن السمنة أو البدانة تنقسم إلى نوعين: الأول ناتج عن زيادة عدد الخلايا الدهنية ويظهر عادة عند الأطفال وفي مرحلة الشباب المبكرة، والثاني ناتج عن زيادة حجم الخلايا الدهنية ويظهر في مرحلة البلوغ وعند الكبار، ولا تكون أسباب السمنة بالضرورة زيادة كمية الطعام. ونبهت إلى أن معظم الأطفال يعتمدون في وجباتهم على الأطعمة الدسمة والمشروبات الغازية، وجميعها تنعكس على الجسم إذا كان الطفل يقضي ساعات طويلة أمام التلفزيون أو الكمبيوتر ولا يتحرك أو يمارس أي نوع من الرياضة، وبذلك تكون السمنة لديهم مكتسبة بغض النظر عن الأسباب العضوية أو الوراثية. ونبهت رويدا إلى غياب دور الوالدين الذين يتحملون المسؤولية الكاملة لسمنة أطفالهم بسبب غياب الرقابة الأسرية والاعتماد على المربية التي تفتقد للثقافة الغذائية والحس العاطفي الذي يجبرها على وضع مصلحة الطفل كأولويات، بالإضافة شدة الدلع أو شدة القسوة التي ينتج عنها أطفال مضطربون نفسيا ومفتقدون للعاطفة التي لا توجد وسيلة لإشباعها سوى بأكل ما تصل إليه أيديهم بالإضافة لافتقار مدارسنا لمناهج التوعية الغذائية بدليل ما تحتويه مقاصف المدارس من وجبات عالية بالمواد النشوية والدهنية والسكرية بالإضافة لقلة النشاط البدني. التوعية بالسمنة من جانب آخر، كشفت الحملة الوطنية لمكافحة السمنة التي دعا إليها كرسي أبحاث السمنة في جامعة الملك سعود، من خلال المعرض السابع في جدة الذي نظم في مجمع «الردسي مول»، بمشاركة عدد من الطلاب والطالبات المتطوعين بمختلف التخصصات الطبية من مختلف الكليات في جامعة الملك عبدالعزيز، إلى ضرورة استمرار الحملات التوعوية التي تحذر من خطورة السمنة والمضاعفات المترتبة عليها. وأوضحت رئيسة قسم التغذية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتورة إيمان رئيسة فريق العمل التطوعي، أن الحملة في السوق أظهرت مدى حاجة المجتمع لمزيد من التوعية بأخطار السمنة والأمراض المترتبة على زيادة الوزن، وكذلك كيفية التخلص من السمنة عبر تغيير السلوك الغذائي للسعوديين وما يصاحب ذلك من عمل تمارين رياضية تساعد على التخلص من الشحوم في الجسم. وأكدت إيمان أن المجتمع السعودي بحاجة إلى مزيد من الحملات التوعوية في موضوع السمنة، خاصة وأن المعرض التوعوي بين أن كثيرا من الناس لا يعون أخطار السمنة، بعد إجراء الفحص المجاني على الزوار. يشار إلى أنه تم خلال المعرض إجراء فحصوصات للزوار، وتوزيع المطويات والكتيبات التي ترشد إلى أنواع الأكل المسموح به وعدد السعرات الحرارية لكل وجبة، إلى جانب عمل أكثر من 800 استبانة يوميا للزوار بهدف تقييم النتائج وتقديم الحلول الممكنة لها.