ولدت ما بين شهري أبريل ومايو ذات عام ولا أعرف تحديدا متى ولا كيف ولدت ولا في أي بحر سوف أغرق أو في أي أرض أموت. سقط رأسي «هنا» ذات مرة بغير تدخل طبي، وما شهد على ميلادي أحد حيث أكتب الآن في قبو مهجور لم يدخله أحد هكذا بهدوء سقط رأسي. بعد سنوات سبع خلت «ماما» تهمس في أذني قائلة «جئت خفيفا وسوف تمضي خفيفا أيضا». ومنذ ذلك عشت هائما على مدى نصف قرن آخر من الزمان.. كنت أؤمن منذ زمان بعيد أن الناس إذا ماتوا صحوا، ولبعض من ذلك أحاول أن أستيقظ الآن.. ولكنني لا أستطيع تماما كما لو كنت طفلا أولد من جديد. لا أعاني من وجع ولا مرض، وليس عندي صداع ولا أصدقاء ولا يوجد في حياتي أعداء، ولا أعاني من أية آلام أخرى. في صباي ذهبت إلى «جامعة»، وعملت في صبيا ودلهي وقرأت كثيرا في المغرب ومشيت حائرا ومكتئبا لقليل من الوقت في تونس. نمت في بغداد فحلمت أنني أقرأ رباعيات الخيام بلغة أعجمية في مدينة «نيسابور»، ولاحقا عدت إلى مسقط رأسي منذ بضع سنوات فنمت في غرفتي «هنا»، حيث أكتب الآن لآخر مرة، فرأيت أنني واقف في ساحات أورشليم. رأيت الكثير جدا من ممالك لمدن قديمة تتهاوى. تزوجت وأنجبت فخلصت وعندي أبناء، مات أصدقائي الواحد تلو الآخر، ولاحقا هربت من استجواب داخل مقبرة. لا أعرف إلى أين أمضي أو كيف أنتهي كما جئت ذات مرة إلى الحياة. لا توجد عندي طموحات، ولا أهداف، وأعيش وحدي كيفما اتفق. ولا يوجد لدي أقل استعداد لأن أعرف شيئا. ذهني مشوش جدا، أكتشفت نفسي بالصدفة وأعترف أنني أسرق الحياة كل يوم وأمشي إلى جانب الجدران ولا أتعاطى شيئا مع أحد. الحياة صارت ضيقة هذه الأيام، وكلما عدت إلى الوراء أكتشف مدى رحابة الحياة. لم يكن أبواي يعرفان القراءة والكتابة، وهكذا دفعا بي إلى يد معلمة حنون قرأت من خلال عينيها الكثير من الصور بنكهة الطفولة. لاحقا قرأت الكثير فعرفت القليل وقذفت بعشرات التقاويم عبر النافذة وأحيانا داخل براميل تتآكل فيها النار وجبت في قطارات كثيرة وترامات أيضا فما طالني شيء قدر السأم إذ أرى وأحس بدهشة أن الرغبة حيال الأشياء تتراجع إلى الوراء طواعية وبلطف أيضا. الحياة صارت مثل حكاية التقويم، إذ لأول مرة أدرك أنه يقف أمامي قبل أوانه عاريا من الورق. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة