تسبب ثالوث ضاغط، أطرافه الإزالة الواسعة للمساكن وعدم بناء البنية التحتية لأكبر مخطط منح في مكةالمكرمة يضم 30 ألف قطعة أرض، وتخصيص ملاك العمائر عقاراتهم للاستثمار في الحج في بروز أزمة سكن حقيقة قادت أم القرى على حافة أزمة حقيقة في الحصول على السكن ضحاياها المواطنون والمقيمون والإدارات الحكومية، يحدث هذا في ظل التحرك الحكومي لبناء وحدات سكنية وأخرى عن طريق القطاع الخاص، مغلفة بسلحفائية التنفيذ، في الوقت الذي طالب المواطنون بتحرك عاجل من قبل أمانة العاصمة بالدفع بمطالب ملاك المساكن للسماح لهم بتعدد الأدوار الذي لا زال قيد الدراسة في أمانة مكة. وفي مكةالمكرمة خياران لا ثالث لهما أمام المستأجرين (لا تعرف أنصاف الحلو)، إما القبول بمضامين العبارة القاتلة «خروج حج !» أو الخروج كليا وركوب عربة المعاناة في البحث عن مسكن، ولا أدل من تصوير حجم الأزمة من أن أحياء بحجم العزيزية ومخطط البنك وستر اللحياني والهجرة تفرغت من السكان بنسب كبيرة، كما أن هجرا بعيدة دبت فيها الحياة من الجديد وزاد ضجيجها بقبول مستأجرين السكن فيها مثل حي الحسينية وحدا وبحرة. أم رمزي واحدة ممن جأرن بالشكوى ل «عكاظ» بسبب تعرضها للطرد من قبل صاحب العمارة التي تسكنها بعد 20 يوما وقالت: ثلاثة أشهر وأنا أبحث عن سكن يحتضني أنا وأولادي، حيث إنني أرملة بلا سكن أو حتى دخل ثابت. هاني الهذلي (باحث عن سكن) قال: إن ثمة ظاهرة عقارية جديدة بدت تطل برأسها على سوق عقارات الإسكان السنوي بمكة، أبطالها أصحاب مكاتب عقارية وضحاياها المواطنون.. الظاهرة الجديدة تتمثل في قيام أصحاب المكاتب باستئجار العمائر السكنية من أصحابها مباشرة بعقود طويلة تمتد لخمس سنوات، تدفع قيمة الإيجار مقدما وبشكل سنوي، في حين يضع صاحب المكتب السعر الذي يريد أو تحويلها إلى مساكن حجاج. متابعون لواقع السوق العقارية في مكة، أكدوا أن الظاهرة الجديدة رفعت أسعار العقار بسعر جنوني وبنسبة تصل إلى 40 % في المساكن و70 % في تأجير العقارات للقطاعين الخاص والحكومي، مرجعين أسباب انتشار الظاهرة إلى جشع أصحاب العمائر والمكاتب الذين استغلوا المتغيرات الجديدة على الخارطة العقارية بمكةالمكرمة بعد إزالة عقارات الشامية والحجون وأم الجود والعمرة وشارع المنصور لصالح التوسعة الشمالية والطرق الدائرية والأنفاق الجديدة. ورغم أن السكان يجدون مبررا للملاك، فالمبالغ التي يحصلون عليها من العقود مربحة، إلا أنهم يؤكدون تضررهم من ذلك، حيث يؤكد صالح فليت (أحد المستأجرين في المبنى) أنهم عانوا كثيرا من مطامع المستثمر الذي فكر في العائد المادي دون مراعاة ظروف الأسر المتضررة، حيث يقول «كنا ننعم بالاستقرار في هذه الشقة منذ 20 عاما تقريبا، وبإيجار ثابت لا يقل عن 22 ألف ريال، إضافة إلى تكبدنا مبالغ كبيرة من أجل عمل تحسينات للشقة، سواء من طلاء الجدران أو السباكة والكهرباء والآن نخرج منها». وأوضحوا أن توجه كثير من الملاك في العزيزية إلى الاستفادة من عقاراتهم عن طريق تأجيرها لإسكان الحجاج والمعتمرين رفع الإقبال على لجنة إسكان الحجاج بصورة غير مسبوقة زاد من اشتعال جذوة أسعار السوق، في الوقت الذي سجلت فيه عقارات الشوقية والكعكية والبحيرات والعمرة والشرائع والزاهر ارتفاعا ملحوظا بنسبة زيادة تتراوح من 5000 إلى 8000 في إيجار الشقة السكنية. أبو سامي (من سكان العزيزية) أكد أنه ظل منذ خمسة أشهر يبحث عن شقة سكنية لإسكان أسرته المكونة من 18 فردا دون أن يعثر على سكن في العزيزية والعوالي، مؤكدا أن انفتاح شهية الملاك وراء رفع عائدات عقاراتهم عن طريق إسكان الحجاج خفض نسبة المساكن للمواطنين والمقيمين بشكل واضح. ولا حل في نظر حسين مهدلي (مستأجر) إلا بتدخل من الجهات المعنية للمحافظة على أسعار تأجير الشقق السكنية بمنع أصحاب المكاتب من السيطرة على العقارات مما أدى إلى رفع الأسعار بزيادة غير مقبولة، مشيرا إلى أن غياب الرقابة على السوق أدى إلى رفع الأسعار بلا مبرر. وطالب سعود الهذلي بحل قابل للتنفيذ من خلال سماح أمانة المقدسة لأصحاب العقارات على الطرق الرئيسية بتعدد الأدوار (ستة أدوار)، خاصة على طريق المدينة السريع وطريق العوالي الطائف وطريق السيل وطريق الفيحاء، وزيادة الأدوار على الشوارع التجارية في المخططات السكنية إلى أربعة أدوار بهدف إيجاد مساكن بديلة تلبي حاجة السوق التي تعاني من قلة العرض منذ ستة أشهر. إبراهيم اليامي (عقاري) طالب بسرعة تدخل أمانة مكة لتخطيط الأراضي العامة والتعجيل في توزيعها كمنح سكنية للمواطنين من أصحاب الدخل المحدود، في ظل بروز مساحة نزع الملكيات الآن بمكة بشكل غير مسبوق في تاريخ أطر بقاع الأرض مع أهمية تدخل الجهات المعنية في إيجاد ضوابط لمواجهة رفع الإيجارات السكنية مع أهمية التوسع في مشاريع التمويل العقاري ورفع القروض العقارية إلى 400 ألف على أقل تقدير لمواجهة ارتفاع مواد البناء، والتسريع في رفع نسبة القروض العقارية المخصصة لمكةالمكرمة بطريقة استثنائية لمواجهة أزمة إسكان الحجاج والمواطنين والمقيمين التي نشأت بسبب التوسعات الجديدة للمشاريع الجديدة. سعيد المطرفي طرح فكرة تدخل أمانة مكة بسرعة وبلدية الجموم والبلديات الفرعية في حدا وعسفان لطرح مزيد من المخططات السكنية لأهل القرى، الذين يسكنون المدن على نظام الإيجار بهدف إيقاف النزيف السكاني للمدن بإيجاد فرص سكنية داخل المراكز والقرى والهجر الواقعة خارج مكةالمكرمةوجدةوالطائف، مشيرا إلى إمكانية توظيف دور البنوك الوطنية في إيجاد شراكة تبتعد عن تحمل المواطن بالديون، بحيث تتبنى البنوك بناء قرى سكنية تسلم للمواطنين بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك. وأكد الشريف منصور أبو رياش رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية بالعاصمة المقدسة، «أن نسبة العجز في المساكن في العاصمة المقدسة بلغت نحو 15 في المائة من أصل 200 ألف وحدة يتطلب إنشاؤها نزع 6 آلاف عقار لصالح مشاريع تنموية قائمة»، مشيرا إلى أن جميع المستثمرين يتوجهون إلى بناء مساكن الحجاج بدلا من المساكن الخاصة بالمواطنين والمقيمين؛ وذلك بسبب أن مساكن الحجاج ذات دخل مضمون ومجز خلافا لمساكن المواطنين والمقيمين، التي أشغلت بها الجهات الرقابية والتنفيذية في ظل التهرب الدائم من سداد قيمة الإيجار. جولة «عكاظ» الميدانية على كثير من المواقع في أم القرى كشفت لنا ثمة مواقع جبلية غير مستفاد منها يمكن أن تتحول إلى مدن جديدة لإسكان المواطنين، فيما يظل السؤال: كيف يمكن أن تستثمر هذه المواقع في قبلة الدنيا، في الوقت الذي تشهد مكةالمكرمة أزمة سكن حقيقة لم تشهدها من عشرات السنين بعد إزالة أكثر من 7000 عقار، ما زاد من جذوة اشتعال نار الإيجارات للوحدات السكنية بفعل ملاك العمائر الذين جذبتهم إغراءات بعثات الحج؟ مشروع بوابة مكة يظل من المشاريع التي أصبحت حلم أهل أم القرى للحصول على مسكن، مع ما يكتنف ذلك من طول مدة التنفيذ والمشروع الذي سيحول بوابة مكة الرئيسية إلى العالمية يقع على مساحة 83 كيلو مترا مربعا ويبعد عن الكعبة المشرفة 13 كيلو مترا ويبعد عن محافظة جدة 40 كيلو مترا ويحتضن ضاحية سكنية تضم 20 ألف وحدة سكنية تستوعب 600 ألف نسمة، ويعتمد على وسائل النقل الحديثة من القطارات، حيث يمر عبره مشروع قطار الحرمين وربطه مباشرة بالمسجد الحرام عبر طريق سريع ويضم المشروع مجمعا حكوميا للمنطقة ومنتجعا ومتنزها طبيعيا يعتبر أكبر محمية طبيعية في المنطقة ومركزا استشفائيا عالميا ضمن واحة الأمير سلطان الثقافية وجامعة ومركزا للأبحاث ومركز الملك عبدالله للحوار الثقافي ومركز وموسوعة السلام (عليك أيها النبي). أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار رئيس مجلس إدارة شركة البلد الأمين الذراع التنفيذي لأمانة العاصمة المقدسة، أكد «أن مشروع البوابة هو المشروع الأول من مشاريع الضواحي في مكةالمكرمة والتي تتولى الإشراف عليها شركة البلد الأمين وتنفذه شركة البوابة المملوكة لها بالكامل»، مضيفا «أن المشروع يقدم فكرة طموحة وعلمية لتطوير الضاحية الغربيةلمكةالمكرمة والتي تبعد عنها 12 كم، وتعتبر البوابة الرئيسية للدخول إلى المدينة المقدسة ويقع المشروع على مساحة 83كم2، وفقا للمخطط الهيكلي رسمت ملامح الأمانة بالتعاون مع مطور من القطاع الخاص»، مؤكدا أن شركة البلد الأمين تمتلك 63 كم2 من مساحة المنطقة التي يغطيها المخطط، بينما يمتلك القطاع الخاص ووزارة المالية باقي المساحة التي تبلغ 20 كيلو مترا مربعا، ويحدد مخطط البوابة استخدامات الأراضي وشبكات الطرق ومناطق الخدمات والكثافات الأولية للسكان، بالإضافة إلى تحديد اشتراطات أولية للتطوير ترتكز على تحقيق وتعظيم أهداف الاستراتيجية العامة للتنمية في مكةالمكرمة ومراعاة المميزات الطبيعية للموقع وشبكة الطرق الرئيسية ومنظومة النقل، وسيتم توزيع استعمالات الأراضي بطريقة فاعلة تتكامل مع البيئة الطبيعية المحيطة وتراعي مراحل التنفيذ المختلفة وسيتم خلال هذه المراحل تحديد وإعلان مناطق يتم تطويرها عبر إقامة شراكات للتطوير بين البوابة والمطورين الراغبين بعد تأهيلهم، ويهدف مشروع الضاحية الغربية إلى توفير وحدات سكنية مواكبة للمشاريع التطويرية التي تشهدها مكةالمكرمة، كما أن الأمانة أطلقت عبر شركة البلد الأمين مشروع الإسكان الميسر ويضم 4 آلاف وحدة سكنية تحقق الإسكان البديل لملاك العقارات المنزوعة عقاراتهم للمصلحة العامة ضمن المشاريع التطويرية، وبعد ذلك يتم مراعاة احتياجات المواطنين للسكن ويعتبر هذا المشروع باكورة لمشاريع مقبلة يسكون لها الأثر الإيجابي في توفر السكن في مكة.