متفقون في عوالم الإبداع أن الأجمل في الغالب هو ذلك الإبداع المرتبط بالخروج عن القاعدة بعض الشيء .. والقاعدة هنا هي التعامل النمطي في جوهر وشكل الفن والأدب وبرر ذلك صيغ ومفاهيم ومأثورات عدة مثل «يحق للشاعر مالا يحق لغيره» وهو الأمر الذي يتكىء عليه المبالغون من الشعراء حتى في اعتماد ضرورة القافية كنصب المرفوع أو العكس، أو المبالغة في الوصف أو التحدي وما شابه، كما هي الحال مع فطاحلة الشعر العربي في الشجاعة مثل عنترة الذي يدعي أن كل خصومه كواسر وهو كاسرهم، كذلك عمرو بن كلثوم في قوله: «ونشرب إن وردنا الماء صفوا .. ويشرب غيرنا كدرا وطينا. إلى أن يقول: إذا بلغ الرضيع لنا فطاما .. تخر له الجبابر ساجدينا». وفي الجمال والوصف مثل البحتري في وصفه لمقدم فصل الربيع: «أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا .. من الحسن حتى كاد أن يتكلما .. وقد نبه النيروز في غسق الدجى .. أوائل ورد كن بالأمس نوما». ومن الشعراء المعاصرين ذلك النزار القباني الجميل الذي لايتورع في شعره أن يقول إنه ضارب علاقة حب وجنس مع نصف نساء الأرض وطالما ردد نزار «عشرين ألف امرأة أحببت .. عشرين ألف امرأة ......» وفي تجاذب أطراف حديث عن هذا الرائع المتجاوز كل الأطر الراحل مع ابنته الراحلة هدباء قالت لي: كنت أمازح والدي تعليقا على شعره المليء بالمغامرات والعشق صولات وجولات مع النساء في أبياته وقصائده وهو الذي ينام من العاشرة قائلة له: «ها بابا بدي أفضحك شي يوم قدام خلق الله .. بدي قول بابا يغسل جواربه ويستسلم للنوم والسرير من عشرة ليلا .. يعني لا نساء ولا مغامرات».. من هنا تتضح لنا ضرورة المبالغة في العمل الأدبي دون أن تكون ممارسة هذا الخروج والتمادي حقيقة وتطبيقا واشتراطا، فالمبالغة والخروج عن السائد في العمل الأدبي والفني من المنطق جدا أن تكون جميلة ومحبذة. فاصلة ثلاثية: يقول الأسكوتلنديون: يظل ابني .. ابني إلى أن يتزوج، وتظل ابنتي .. ابنتي طوال حياتي. ويقول المثل الأوكراني: لا تثن على زوجتك قبل سبع سنوات زواج. ويقول الإنجليز: المرأة الجميلة جنة العيون، ومطهر للجيب، وجهنم للروح.