تعيش منطقة الرياض عصرا تطويريا ذهبيا في النواحي المعمارية كافة، الاستثمارية، التطويرية والاقتصادية، إلا حيا واحدا يقع خارج خارطة التطوير والتحسين، ويفتقر سكانه من المواطنين والمقيمين للخدمات المعيشية المناسبة، هو الحي المعروف ب (المغتصبة) تجاوزه قطار التطوير الشامل لأحياء العاصمة. يعيش سكان حي (المغتصبة) فيه منذ ثلاثة عقود ونصف العقد، دون أن يلمسوا أي تطوير له، يعانون من عشوائية في كل شيء، يشد انتباه أي زائر لهذا الحي الواقع في حي المرسلات خلف وزارة العمل والاتصالات شمالي الرياض، شوارعه التي لا تزال تفتقر للسفلتة، الإنارة والخدمات البلدية، ما يحوله إلى بيئة غير صحية، فقط يمكن اعتباره بيئة صحية في المساء للوافدين المخالفين، ومروجي الخمور والمخدرات، ما تسبب في إلحاق الضرر بسمعة ساكنيه، مع غياب أي نشاط من أية جهة حكومية للنهوض بهذا الحي، وملاحقة التطوير التي تشهده الأحياء الأخرى، والتمدد العمراني والحضاري المزدهر في العاصمة. أجمع سكان الحي على معاناتهم من الطرق التي لا تزال أعداد كبيرة منها لم تعبد، ما ألحق الضرر بمركباتهم، مشيرين إلى أن تجمع مياه الأمطار يهدد حياتهم وأبناءهم بالخطر. وفيما طالب سكان الحي بتكثيف الاهتمام بهذا الحي وتوفير الخدمات الأساسية فيه، أسوة بالأحياء الأخرى، أكد ل«عكاظ» مصدر رسمي أن هناك لجنة من جهات حكومية عدة زارت الحي قبل أشهر عدة لمتابعة أحواله وما يعانيه من نقص في الخدمات، مشيرا إلى أن الإجراءات في هذا الشأن متواصلة لإيجاد حلول عاجله لتطوير الحي. ويتوسط حي المغتصبة حي المرسلات - أفخم أحياء الرياض- تتواجد فيه القصور وأحدث المباني المصممة بأفضل ما توصل لها العمران السكني الحديث، ويلاحظ المار بشارع الأمير مشهور بن عبدالعزيز الفاصل بين الحيين، الفارق الكبير بينهما في جميع خدمات البنية التحتية، النظافة والإنارة وغيرهما. الجهة المعنية بأحياء منطقة الرياض للحي، التفتت إلى الحي وغيرت اسمه من حي (المغتصبة) إلى الحي (الشعبي) قبل 25 سنة أي قبل ربع قرن، دون تغيير ما بداخل الحي، وكان الأهالي قد استبشروا آنذاك بتحسينه وتطويره وتوفير الخدمات كافة فيه، إلا أن ذلك الأمل لا يزال حتى يومنا هذا ولم يتحقق. طرق متعرجة وفي جولة ل«عكاظ» داخل الحي الذي اختلفت أسماؤه ولكن حاله لم تختلف منذ زمن بعيد، فكانت المنازل الشعبية تسود جوانبه كافة، تحيط بها طرق ترابية متعرجة ومستنقعات مياه متجمعة في شكل بحيرات تتكاثر فيها البكتيريا والحشرات الناقلة للأمراض، ما ينذر بأخطار بيئية وأمراض.. وأعمدة إنارة قديمة وبقالة غير نظامية، تتواجد في الحي نسبة ليست ببسيطة من العمالة ما بين نظامية ومخالفة، فيما يسكن وافدون في منازل ملاصقة لمنازل بها عائلات سعودية تخشى من تكاثر الجرائم الجنائية والسرقات. ويعاني سكان الحي من عدم توفر شبكات المياه والصرف الصحي، رغم أنها لا تبعد عنهم إلا أمتارا قليلة، وفي موسم الأمطار تدخل السيول إلى منازلهم بعد تكدسها في الشوارع لعدم وجود التصريف المناسب لها ما يهدد حياتهم. ولأن غالبية منازل الحي شعبية آيلة للسقوط أصبحت تهدد السكان، ويخشون أن تنهار عليهم في أي وقت، يضاف إلى ذلك أنهم يعانون من عمليات السرقات التي تكثر في حيهم، حيث إن اللصوص يقفزون على المنازل لسرقة ما خف حمله من أسطوانات الغاز والأجهزة الكهربائية وغيرها، وبعد مضي أربعة أعوام على جولة سابقة، لم أشهد أي تغيير في هذا الحي، حيث إن سكانه ما زالوا يعانون من عدم توفر أبسط الأمور الحياتية التي تؤمن لهم الحياة الكريمة. جنسيات وافدة يقول عمدة حي المرسلات والمصيف سند بن عبدالله المطيري «توجد في هذا الحي أعداد كبيرة من الجنسيات الوافدة غير النظامية، ما تشكل خطرا أمنيا، إذ تم ضبط منزل شعبي به عمالة تصنع الخمور». ورأى أن سبب تسمية الحي ب«المغتصبة» يعود إلى عام 1394ه عندما وضع البعض صناديق حديدية كمنازل لهم على قطعة كانت تستخدمها أحد القطاعات المهمة، مشيرا إلى أن الأمر تطور لبناء منازل طينية وشعبية، واستمر إطلاق هذا الاسم عليه حتى عام 1406ه ليطلق عليه الحي الشعبي، لافتا إلى أن الحي فيه نحو 230 منزلا شعبيا تسكنها الطبقة الفقيرة. وأشارت آخر إحصائيات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إلى أن عدد سكان حي المرسلات من الجنسين (ذكور، واناث) السعوديين تجاوز 12 ألف شخص ومن غير السعوديين تسعة آلاف شخص. وشكا ل«عكاظ» محمد الحسيني بأنه يعيش في هذا الحي أكثر من 16 سنة عانى خلالها من عدم توفر المياه، ما يضطر الأهالي لوضع خزانات مياه في منازلهم، مشيرا إلى عدم توفر شبكات الهاتف. من جانبه يقول أبو عادل «إن الأمطار التي شهدتها الرياض مؤخرا، ألحقت الضرر في عدد من المنازل بسبب عدم وجود أي تصريف». إلى ذلك، يقول المقيم خالد من الجنسية الباكستانية «إنني أقطن في منزل شعبي داخل حي المغتصبة، وداهمتني مياه الأمطار مع أربعة من رفاقي، ما تسبب في إتلاف جميع أثاث المنزل». واستغرب سعود السلمان بقاء هذا الحي بعيدا من ملامح التطور الشامل في كل أحياء الرياض، مضيفا يفتقر الحي للخدمات العامة، ولم ينال أي نصيب من تلك الخدمات والتسهيلات الموجودة في بقية الأحياء. يذكر أن هناك مشاريع وحركة عمرانية يجري تنفيذها خلف مبنى وزارة العمل والمبنى الرئيس لشركة الاتصالات السعودية ومبنى المساحة العسكرية في الأحياء المجاورة لحي المغتصبة.