أروع كتاب استقصائي يتناول أثر الإرهاق على حياة الانسان هو كتاب «سارقو النوم» لمؤلفه البروفيسور ستانلي كورين، وهو من بين شخصيات علمية اشتهرت من خلال دراسة المسوحات الميدانية والنفسية في حقل النوم. درس المؤلف سيرة عدد من المبدعين، وقال عن شخصيات، مثل تاتشر ونابليون وسلفادور ودافينشي، إنّها من أقل الشخصيات نوما في التاريخ. غير ستانلي يورد هذه الأمثلة في كتابه من باب دراسة أثر قلّة النوم على الإبداع أو القدرة في الحوار اليقظ مع إتخاذ القرار. استهل بروفيسور ستانلي أبحاثه لأكثر من ثلاثة عقود، وأجرى تجارب متعددة ومتنوعة على الفئران، وحيوانات أخرى، وأكتشف أن الفئران تموت تلقائيا إذا ظلت مستيقظة 21 يوما. أمّا الحيونات الأخرى فيقول عنها ستانلي أنها تفقد 20 في المائة من وزنها الطبيعي، ومع ذلك فهي في هذه المرحلة تستهلك طعاما أكثر. وعندما تموت فهي تستلقي في هدوء وفي ظروف صحيّة لا أثر فيها لارتفاع درجة حرارة الجسم فيما تسلم نفسها الأخير. هذا الرجل يلقي باللائمة من خلال مؤلفه الموسوم Sleep Thieves على قلّة النوم، ويحمّل الإنسان مسؤولية الكثير من الحوادث العملاقة. يقول ستانلي: إن معظم حوادث الوفيات في المستشفى، وفي الطرق البريّة، ومسارات الملاحة الجوية تحدث بسبب أشخاص لم يتلقوا قسطا صحيحا من النّوم. هذا الرجل هو أستاذ كرسي لعلم النفس في جامعة كولومبيا البريطانية، وفي كتابه عن سارقي النوم يتناول انفجار تشرنوبيل وانفجار مكوك الفضاء الأمريكي تشالينجر وغيرها من الحوادث التي سيطرت على الصفحات الأولى للصحف، وأغلفة المجلات الجادة، بالتحليل العلمي الجاد، ويؤكد في الوقت ذاته من خلال مسوحاته النفسية للكثير من الحوادث أن انعدام النوم هو المسؤول الأول عن هذه الحوادث. يقول ستانلي: إن الإنسان عاش أربعة ملايين سنة بدون كهرباء، وفي هذه المرحلة كان ينام معظم ساعات الظلام، فيما يرصد البروفيسور من ناحية أخرى التحول الكبير في تاريخ الحضارة، ويقول: إن الكهرباء لعبت أخطر دور في تضليل الساعة البيولوجية للإنسان. ذات مرّة رصد ستانلي حوادث السير في بريطانيا، وأكتشف أمن معظم حوادث المرور تحدث ما بين الثالثة والرابعة عن أي من الفترتين الصباحية أو المسائية. يعلل ستنالي هذه الظاهرة، ويقول أن هذه المرحلة هي مرحلة ذروة، ومعظم المسؤولين عن هذه الحوادث هم أشخاص لم يتلقوا قسطا كافيا من النوم، أو أنهم ناموا بطريقة متقطعة، أو أنّهم كانوا على وشك النّوم في تلك اللحظة. غيرأن البروفيسور ستانلي يحدد في نفس الوقت من واقع دراساته المخبرية الفترة والزمن والكيفية الأفضل ممارسة في النوم فيقول أن نظرية نوم ست ساعات في اليوم الواحد هي هراء محض، ولا أساس لها من الصحة، فالإنسان بحاجة من 9 8 ساعات يوميا. ويمكن لبعض الأشخاص أن يقضوا هذه الساعات بالتقسيط كأن يناموا 7 ساعات ليلا وساعتين أثناء القيلولة. وهذه هي أفضل الطرق لتلافي الغفلة والتوتّر، وأكثرها أمانا للتعاطي مع الحياة والنّاس . Sleep Thieves Stanley Coren