ما إن يذكر اسم تيماء حتى يحضر التاريخ بكل عبقه مفاخرا بحضارات تعاقبت، متمثلة في بئر هداج العظيمة الخالدة في ذاكرة التاريخ، قصائد الشعراء، روايات الرحالة من الشرق والغرب، جبل غنيم الذي يحتضن آثار تاريخ ما قبل الإسلام، قصور الحمراء، الرضمة، والأبلق التي يعود بناؤها إلى ما قبل التاريخ الميلادي، وما زالت المدينة حبلى بالكنوز التاريخية، ولعل آخر تلك الاكتشافات النقش الأثري للملك الفرعوني رمسيس الثالث الذي أعلنت عنه الهيئة العامة للسياحة والآثار العام الماضي. مدينة تيماء الحديثة (260 كلم جنوب شرقي تبوك)، وإن كانت تفاخر بتاريخها العريق، إلا أنها في الوقت نفسه تسابق الزمن نحو التطور والنماء كغيرها من مدن المملكة، ويتطلع سكانها إلى المزيد من الخدمات في لهاثها نحو التنمية، بما يتناسب والرصيد التاريخي لمدينتهم، وموقعها الجغرافي على الطريق الدولي، إذ إن واقعها الحالي يؤكد حاجتها إلى التنظيم أكثر من أي شيء آخر، تنظيم المخططات الجديدة والعناية بشوارع المدينة بشكل عام قديمها وحديثها. «عكاظ» رصدت في جولتها في بعض الأحياء الجديدة، تراكم مخلفات البناء بين المنازل بشكل يشوه شوارع الأحياء، إضافة لوجود معظم شوارع الأحياء الجديدة دون رصف، كما هو الحال في حيي الشفا والرحمانية، إضافة إلى إهمال واضح للحدائق العامة، وترك الشباب دون ملاعب تنفس عن طاقتهم. قال الشاب فهد الشمري «نحن الشباب في حاجة ماسة إلى توفير ملاعب لممارسة الرياضة، خصوصا أنهم لا يجدون مكانا لمماسة هواية الرياضة، ويضطرون للتمرين في بعض المسطحات الخضراء، إلا أن الشرطة تلاحقهم وتمنعهم». وأشار كل من ياسر جمعان العتيبي ومحمد فارس، إلى أن محافظة تيماء ينقصها الكثير، شوارعها في حاجة لاهتمام، وشبابها ينتظرون الملاعب الرياضية والمنتزهات لقضاء وقت فراغهم فيه. من جهته، يرى سعود الغالي أن الاحتياجات الأساسية في المحافظة مكتملة، إلا أنه استدرك قائلا «تيماء تفتقر إلى مراكز رياضية وثقافية من أجل شبابها، ولا يوجد فيها إلا ملعب نادي المحافظة، ويعجز عن استيعاب كل شباب المحافظة من مختلف الأعمار، كما أنه لا يمارس فيه الرياضة إلا الأعضاء المسجلون فيه». وأضاف أن اهتمامات وتطلعات الشباب اختلفت عما كانت عليه قبل ربع قرن من الزمان، الجيل الحالي أصبح مهتما بالتقنية الرقمية الحديثة، ما يحتم أن تسرع جامعة تبوك في افتتاح فرع للطلاب في المحافظة ليكونوا ملمين بالتقنية المعرفية، حتى لا يضطروا إلى مغادرة مدينتهم والدراسة في الجامعة الأم في مدينة تبوك. تراجع الخدمات البلدية وانتقد الغالي الطريقة التي تتبعها الشركات المنفذة في تنفيذ مشاريع سفلتة طرق الأحياء الجديدة، فقال «بدأت شركة في سفلتة مخطط جديد في حي الشفا، وبعد فترة وجيزة حضرت شركة أخرى لتنفيذ خدمات أخرى، وكان من الواجب التنسيق بين كافة الجهات مع البلدية لتنفيذ كافة الخدمات في وقت واحد». وأضاف، الشوارع بشكل عام في المحافظة لا تسر، شوارع متهالكة ومليئة بالحفريات، وبالطبع المستفيد الوحيد من هذا الوضع أصحاب ورش صيانة السيارات. واتفق نايل المحمود مع ما ذكره سعود الغالي في ما يتعلق بضعف التخطيط في تنفيذ شوارع الأحياء، وانعدام التنسيق بين الجهات المنفذة لكافة الخدمات، وقال إن الخدمات البلدية تراجعت كثيرا عما كانت عليه في السابق، «نعاني من وجود حفريات في معظم الشوارع، وصار كثير من المشاريع التي تنفذ عديمة الجدوى». إلى ذلك، استشهد عبدالرحمن الخلف بالطريق الذي يمر بالقرب من كلية البنات، قائلا «إنه طريق حديث نفذ قبل شهرين، وأصبح حاليا متهالكا وكأنه نفذ قبل عشر سنوات، ما يعني وجود خلل، لا ندري هل في الشركات المنفذة أم في المكاتب الهندسية، أم في الجهات المشرفة على التنفيذ في البلدية». دور المجلس البلدي وقلل نايل المحمود، من دور المجلس البلدي في المحافظة بسبب هيمنة البلدية عليه، وقال «إذا كانت البلدية ترأس المجلس البلدي، فكيف ننتظر منه أن يمارس سلطته في معالجة أوجه القصور في الأداء وتنفيذ المشاريع؟»، متمنيا من المجلس البلدي المقبل بعد الفراغ من انتخابات المجالس المقبلة، أن يكون مراقبا حقيقيا على كافة أعمال البلدية وميزانيتها، لما فيه مصلحة المحافظة. وزاد: توجد في تيماء حاليا أربعة مخططات حديثة فيها مساكن قائمة، بحاجة إلى سفلتة وإنارة، خدمات، وحدائق ومرافق عامة لتكون أحياء نموذجية تليق بالمدينة وسكانها، ويجب أن يتغير تفكير البلدية في هذا الأمر، وأن تنفذ كافة الخدمات في المخططات بشكل عصري وحضاري قبل السماح بعملية البناء، فالذي يحدث في الوقت الراهن البناء أولا ومن ثم الخدمات، وهذا مخالف لما هو معمول به في الدول المتقدمة. وطالب المحمود البلدية بمعالجة مراكز الخدمة الواقعة داخل المدينة، نظرا لعبور قوافل المسافرين عبر الطريق الدولي القادمين من تركيا، سورية، الأردن، ومصر ويتوقفون في تلك المراكز للراحة، حيث إن حالتها مزرية، وتفتقر إلى النظافة، وبذلك تعطي صورة غير حضارية للمدينة والوطن بشكل عام، حيث إن معظم من يقصدها هم من خارج الوطن من الدول المجاورة. مكتبان للجوازات والعمل ويرى سعود الماضي حاجة أهالي تيماء لافتتاح مكتبين للعمل والجوازات، لإنهاء الإجراءات المتعلقة بالمقيمين، بدلا من تكبد السفر إلى مدينة تبوك لمسافة تصل إلى 260 كلم، إضافة إلى افتتاح مكتب للخطوط السعودية، أو مكاتب لوكالات السفر، حيث إن المحافظة كان بها في السابق مكتب واحد لوكالة سفر سبق إغلاقه. الخدمات الصحية وقال الماضي «ما زال مستشفى تيماء العام يفتقر حاليا إلى بعض التخصصات المهمة، مثل الأنف والأذن والحنجرة، النساء والولادة، وقلة الكوادر الطبية، وفي حالة سفر أي طبيب في إجازته السنوية لا يتوافر أي بديل له، يضاف إلى ذلك حاجة المحافظة للمزيد من مراكز الرعاية الصحية الأولية، حيث يوجد فيها مركزان فقط هما،هداج والمروج. من جهته، يرى عبدالرحمن الخلف أن مشكلة القطاع الصحي في المحافظة تتمثل في ضعف العمل التشغيلي في مستشفى تيماء العام، وقال: العمل التشغيلي في المستشفى لا يرقى حتى إلى مستوى مركز الرعاية الأولية، ولهذا يحال الكثير من الحالات المرضية إلى تبوك، وقليل من العمليات تجرى في هذا المستشفى، إضافة إلى عدم وجود قسم عناية مركزة حقيقي، ومما تحتفظ به ذاكرتي في هذا الصدد وفاة حالات في مركز القليبة بسبب عدم وجود الحقن اللازمة، ونأمل أن ينهي المستشفى الجديد معاناة المرضى، وأن تتوافر فيه كافة التخصصات والأقسام الطبية. الدفاع المدني ويطالب أهالي مراكز: عردة، الكتيب، الجهراء، الجديد، الحزم، قارة الحيران، والمثلث التابعة لمحافظة تيماء، بإنشاء مراكز للدفاع المدني في هذه المراكز لما تشهده من نمو سكاني، ووقوعها على طريق دولي يربط بين منطقتي تبوكوالمدينةالمنورة مرورا بمحافظة تيماء، مشيرين إلى أن مركز الدفاع المدني الوحيد في المحافظة يخدم مساحة مهولة تمتد من تيماء إلى حدود منطقة المدينةالمنورة (120 كلم جنوبا)، وحدود منطقة حائل «الشملي» (200 كلم شرقا). يقول المواطن عطاالله سنابل «تكمن معاناة المتضررين في بعد وسائل الإطفاء والإنقاذ اللازمة، حيث يحتاج الأمر لبضع ساعات حتى وصول الفرق المتخصصة في ذلك من تيماء لموقع الحادثة، فضلا عن رداءة وسائل الاتصال مع الجهات المعنية في بعض الأحيان». من جهته، يقول عبدالله مهجع «عايش أهالي هذه المراكز خلال السنوات الماضية الكثير من المآسي الدامية جراء وقوع الحوادث المرورية المتكررة على الطرقات، بسبب بعد مسافة الحادث عن مراكز الإنقاذ والإطفاء المباشرة السريعة، بالإضافة لندرة وضعف الإمكانيات المتاحة في جهاز الدفاع المدني في المحافظة». وفي السياق نفسه، أشار منديل فالح، إلى أن قلة وبطء مركبات الإنقاذ والإطفاء المحملة بالماء والرغوة في الوصول لقلب الحدث في الأماكن البعيدة، يشكلان هاجسا مستمرا للمواطنين من داخل المراكز والعابرين على طرقاتها في كيفية الاستجابة السريعة مع معطيات وطبيعة الحوادث المختلفة أيا كان نوعها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وطالب المواطن الأسمر عبكي بإنشاء مركز للدفاع المدني ليساعد في الحفاظ على الممتلكات والمواطنين وأرواحهم في حالة وقوع أي حريق، والمساعدة في عمليات الإنقاذ من أخطار السيول في الأودية المحيطة بالمراكز. مركز صحي وناشد أهالي المحافظة وزير الصحة بافتتاح مركز صحي جديد لخدمتهم، بدلا من الانتقال إلى مبنى بعيد عنهم، والإبقاء على مركز صحي المروج في حي الروضة في محافظة تيماء، وعدم إقفاله بحجة الانتقال إلى المبنى الجديد في حي الربوة، مشيرين إلى أن مركز المروج الذي افتتح منذ أكثر من 20 عاما، ما زال بنفس الإمكانيات مع ازدياد عدد السكان والمساكن عدة أضعاف، وفي الوقت نفسه يغطي أحياء: الروضة، الصفا، المنتزه، الربوة، الشفا، الفاو، الحي السكني التجاري، الرحمانية، والنسيم، بالإضافة إلى المراكز الخارجية التابعة للمحافظة ومنها جريدا ومديسيس. وأكد المواطن إبراهيم العيادي أن انتقال المركز إلى المبنى الجديد، يمثل مشكلة حقيقية لهم، حيث إن غالبية المرضى يراجعون المركز سيرا على الأقدام. من جانبه، أوضح عبيدالله الفنيخ أن الأهالي يواجهون صعوبة في الانتقال إلى المبنى الجديد بسبب عدم وجود وسائل نقل عامة في المحافظة. من جهته، أكد ل «عكاظ» المهندس رئيس سعود العنزي أنه اعتمد خطة لإعادة حدائق وساحات بلدية في الأحياء؛ منها مشاريع تمت ترسيتها للمقاولين، وقال «نحن بصدد طرح مشروع لصيانة الحدائق والمزروعات لكافة الحدائق والمسطحات الخضراء بقيمة تسعة ملايين ريال». وأوضح العنزي أن ما يشمل إنارة الأحياء فقد تم الانتهاء من الطريق الدائري ومدخل المدينة وسيتم الانتهاء من إنارة الأحياء في حي الربوة وحي المنتزه والطريق الدائري التجاري. وأفاد رئيس البلدية أن العمل جار لإعادة سفلتة الطرق الداخلية في الأحياء والشوارع الرئيسة، ذاكرا «نعترف بوجود تهاون من قبل بعض الشركات وبالذات الشركات التابعة لإدارة المياه وخاصة مشاريع الصرف الصحي والتوصيلات المنزلية لتأخرها بانجاز أعمالها». وأضاف «هناك تأخير واضح لإنهاء أعمال الحفريات في بعض المشاريع التابعة للبلدية، فما كان منها بسبب إهمال وتسيب من قبل الشركات فتتم محاسبتها على حسب العقود المبرمة معها» مفيدا أنه تم تطبيق غرامات على ثلاث شركات بمبالغ مالية وصلت إلى 50 ألف ريال.