حين نسمع عن جريمة قتل بشعة، ذهب ضحيتها إنسان بريء، تنتابنا الصدمة والحسرة (يا الله)، خاصة بعد أن يتعرف الواحد منا على تفاصيل الجريمة وتفاصيل اللحظات الأخيرة لحياة الضحية، ولهذا فإن أكثر ما يزعجنا في تلك الأثناء ويعكر مزاجنا (أكثر مما هو معكر) أن نسمع من يقول بكل هدوء وروية: إن المجرم مريض نفسيا وارتكب جريمته دون شعور، عندها ننفجر ونردد بأسلوب لا يخلو من الغيظ والسخرية هذه العبارة الجامدة: يا أخي، يعني كل ما ارتكب واحد جريمة نقول عليه مريضا نفسيا، هي حياة الناس لعبة وإلا ما لها قيمة، يجب القصاص منه ليكون عبرة لمن لا يعتبر؟! لقد رددت كغيري هذه العبارة كثيرا، حتى قرأت في (مدونة الأحكام القضائية) الصادرة عن الإدارة العامة لتدوين ونشر الأحكام بوزارة العدل، قضية غريبة جدا، غيرت من نظرتي في هذا الجانب وأعتقد بأنها ستغير من نظرتكم أيضا، وهي باختصار: يقول المدعي في عصر ذلك اليوم حضرنا إلى منزل المدعى عليه (أخي) لقصد الذهاب به إلى المستشفى لعلاجه حيث إنه متظاهر بالمرض وكان معي أخي (المطالب بدمه) فأخرج هذا الحاضر معي مسدسا من جيبه وأطلق النار طلقة واحدة على أخينا، أصابته في صدره سقط بعدها على الأرض ثم أطلق طلقة أخرى أصابته في رأسه ثم أخذ سكينا من المطبخ طعن بها على صدره فتوفي وكان فعله هذا منفردا وعمدا وعدوانا، لذا أطلب القصاص بقتل المدعى عليه؟! وبسؤال المدعى عليه أجاب بقوله: إن أخي القتيل وأخي الحاضر قد فعلا فاحشة الزنا بزوجتي وقد حضرا إلي من أجل إرضائي وإعطائي مبلغا إلا أنني لم أوافقهما على طلبهما، ثم طلبا مني أن أذهب معهما لعلاجي من السحر على حد قولهما ولم أستجب لهما، فقام أخي القتيل وجثا على صدري وخنقني فلما أحسست بالموت كان معي مسدس قد أحضرته لأجل قتل نفسي بسبب الفعل الذي حصل من أخوي المذكورين وقد أطلقت النار على أخي، وفعلت ذلك دفاعا عن نفسي وأنا مصاب بمرض (انفصام زوراني) بحسب تشخيص الطبيب ولا أعلم عن وفاة أخي إلا من قول المدعي، وقد أجاب المدعي على هذه الادعاءات بأنها كذب وبهتان ، كما جرا حث وترغيب والدة المدعى عليه (القاتل) في العفو لكنها أصرت على القصاص من ابنها (حتى الأم كان لديها نفس النظرة تجاه عذر المرض النفسي مع أن القاتل ابنها)!! رفعت الجلسة للكتابة لمستشفى الصحة النفسية بالطائف، للكشف على المدعى عليه وموافاة المحكمة بتقرير مفصل عن حقيقة مرض الانفصال الزوراني والإفادة عن حالته العقلية أثناء حادث القتل وقبله وبعده وهل هذا المرض يسقط الأهلية للمريض أم لا؟!، فتضمن التقرير، بأن المرض هو مرض عقلي يعتقد المريض بأن الآخرين يريدون إيذاءه، كما يبدأ الكثيرون منهم بالاعتقاد بأن الزوجة غير مخلصة، وأن لها علاقات غير شرعية مع الآخرين خاصة أقرب الأقربين إليه، وهذا ما حصل بالضبط مع المريض، إذ صار يعتقد اعتقادات مرضية بأن زوجته تخونه مع إخوته، وهذا جعله يقرر الانتقام فقام بقتل زوجته وأحد إخوانه وجرح الآخر، ولكل هذا فقد جاء حكم المحكمة: لعدم توفر أهلية المدعى عليه إذ هي شرط من شروط القصاص فقد أفهمنا المدعي بعدم استحقاقه المطالبة بالقصاص من المدعى عليه، وقد صدق الحكم من محكمة التمييز. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 277 مسافة ثم الرسالة