هل تتذكرون في المدرسة عندما علمونا أن هناك ثلاث حالات للمادة؟ الصلبة، والسائلة، والغازية.. للأسف أن هذا الكلام غير دقيق وللمعلومية فهناك أكثر من عشر حالات للمادة ومنها البلازما plasma أي المادة شديدة «التأين»، والمادة «الفرطة السيولة» superfluid، والصلب «اللابلوري» amorphous solid، وغيرها، ولكن أغربها على الإطلاق هي حالة إينشتاين بوسه Einstein-Bose Condensate BEC واسم «الدلع» هو «بيك» وأكيد لا علاقة لها بالدجاج المقلي الجداوي الشهير. الشاهد أنها حالة غريبة للمواد تتحقق لو ثلجت سائلا ما إلى مستوى يكاد أن يصل إلى أقل درجة حرارة في الكون وهي 273 درجة مئوية تحت الصفر وهي «الصفر المطلق» عندئذ تحدث أشياء عجيبة، ومنها أن المادة تبدأ في «الشعبطة» لتترك الوعاء الذي وضعت فيه. حقائق علمية أغرب من الخيال، وبالرغم أن العالم الفذ ألبرت إينشتاين قد تنبأ بهذا الوضع عام 1925 إلا أن التطبيق العلمي في المعمل لم يطبق إلا عام 1995 ونال على ذلك العالمان كورنيل ووايمان جائزة نوبل في الفيزياء عام 2001. الشاهد أن الشعبطة لها أبعاد عجيبة وغير متوقعة، فكل مرة تدخل فيها إلى الإنترنت للبحث عن معلومة ما، ولنقل مثلا كلمتي «زنقة... زنقة» يتم تفعيل آلية الشعبطة للبحث وتحديدا فهناك برامج إرشادية تسمى «العناكب» أو البوتز Bots على وزن «سدس» وهي اختصار لجمع روبوت Robots وتبحث هذه البرامج بسرعة وتكرار عجيب المواقع بحثا عن «زنقة زنقة» إلى أن تزنقهما، والطريف أن بروتوكول البحث يحرص على اتباع بعض القواعد المهمة ومنها: الاقتصاد، وآلية إعادة الزيارات، والأدب؛ لكي لا تزدحم المواقع العنكبوتية على الإنترنت، جميلة فكرة العناكب التي تتشعبط بأدب. وقد وقعت في فخ الشعبطة قبل فترة عندما كنت رئيسا للمجلس البلدي بجدة، وكنت في زيارة ميدانية لأحد الأحياء في شرق جدة وكان السبب هو شكوى قدمها بعض الأهالي ضد مصانع الخرسانة التي كانت تعمل بالقرب من المناطق السكنية. ووددت أن أوثق الشكوى بكاميرتي فبدأت بالتصوير، ووجدت تلة شمال الموقع تصلح لأخذ صور «بانورامية» فتسلقت وصورت، وصورت، وتسلقت، وبعد أن أنتهيت وجدت أن حماسي كان زائدا عن اللازم؛ لأنني وصلت إلى نقطة مرتفعة تعادل حوالى طول باص (أنيسة). ولم أجد دربا للنزول، فكانت الشعبطة في الطلعة بسبب حماسي الزائد ولم أخطط بشكل كاف ولائق للنزول، وتبادلت النظرات مع الأهالي الذين كانوا ينتظروني في الشارع وكأنهم أدركوا أن هناك دراما ستنتج من هذه الشعبطة ويقال إن الخوف في حد ذاته ليس عيبا وإنما العيب أن نجعل الخوف يتغلب علينا الشاهد أنني وجدت من الأهالي الكرام كل تشجيع وتقدير، فنزلت نزلة جعلتني أحترم قوة الجاذبية البالغة 9.81 متر في الثانية لكل ثانية من السقوط السريع جدا، بدون أية إصابات.. ولله الحمد على ألطافه التي لا تعد ولا تحصى. أمنية من غرائب الشعبطة أن هناك دولا بأكملها تمارسها بدون أي خجل، وأولها الكيان الصهيوني الذي سيحصل خلال هذا العام المالي 2011 على ما يعادل مبلغ واحد وثلاثين مليون ريال يوميا كدعم من الولاياتالمتحدة ومعظمه لأغراض عسكرية وللممارسات القمعية المتكررة للظهور على أكتاف الحضارة الفلسطينية، سواء كانت في العمران أو السياسة أو فيما هو أهم من كل هذا وهو الإنسان، أتمنى أن لا ننسى قوة الشعبطة في حياتنا بمستوياتها وأساليبها المختلفة. والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة