دأبت إيران ومند أمد ليس بالقريب أن لا تبقي ولا تذر لحسن النوايا أي مستقر، وهي في ذات الوقت لا تجد حرجا في التصريح والتعبير عن أهدافها وتطلعاتها المشينة، ناهيك عما تبث من سموم في محيطها العربي عامة والخليجي خاصة، وفي كل مرة تحاول فيها دول الخليج العربي غض الطرف في محاولة لتلطيف الأجواء وكسبها كدولة إسلامية وجارة من أجل المحافظة على أمن واستقرار المنطقة وتبادل المصالح المشتركة، تجدها تخرج كالأفعى مستغلة أية ثغرة وأية حالة سياسية أو اقتصادية، ضاربة بعلاقات حسن الجوار وبالأعراف والقوانين عرض الحائط، لتبرهن للجميع وبما لا يدع مجالا للشك، أنها تسير في مسار معاكس تماما لاتجاه دول المنطقة الساعية لتحقيق السلم والتقدم والرقي لشعوبها، بدلا من العزف على أوتار الطائفية والمذهبية وتوظيفها لمصالح توسعية وأطماع مشبوهة، تلك هي إيران التي ظلت دول الخليج ترفع لها الراية البيضاء، آملة أن تتخلى عن مواقفها العدائية والتآمرية وممارساتها غير المقبولة تجاه جيرانها. والحقيقة المرة أن النظام الإيراني ما فتئ يناوش ويناور لتصدير الفتنة والطائفية والمذهبية، وزرعها في أي بلد عربي ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ومن ثم يعمل على مد تلك البذرة بما ينميها ويكفل لها الاستمرارية والبقاء، ليقينه أنه سيجني ثمارا تخدم خططا استراتيجية ومستقبلية تعبر به نحو هدف الهيمنة والسيطرة على المنطقة وخيراتها، والدلائل حية ومشاهدة على أرض الواقع، وأبرزها احتلال الجزر الإماراتية والرفض القاطع حتى لمبدأ الحوار، إضافة لغزو العمق الخليجي بشبكات تجسس، مجندة من قبل الاستخبارات الإيرانية لجمع المعلومات عن الأماكن الحساسة والعسكرية، ولم تسلم معظم الدول العربية مما نالها من التدخل الإيراني ما أفسد أمنها وجعل المجتمع الواحد ينقسم على نفسه، ليدخل دوامة غير منتهية من العنف والقتل والاتهامات المتبادلة، الأمر الذي انعكس سلبا على تنمية واقتصاد تلك الدول، وبالتالي على حياة المواطن التي تجردت من الأمن والعيش الكريم. وما جعل إيران تستشيط غضبا وتشعر بالإفلاس؛ جراء تسويق بضاعة كاسدة في الآونة الأخيرة، هو يقظة دول مجلس التعاون الخليجي وقطعها الطريق على كل تلك المحاولات اليائسة، ولم يعد أمامها سوى اختلاق وتلفيق الأحداث وبثها عبر ما تملكه من وسائل إعلام تخدع نفسها قبل أن تحاول خداع غيرها، ويبدو أن إيران فهمت الدرس جيدا وأدركت أن أي يد تمتد لأي شبر في هذا الكيان الخليجي العظيم سوف تصاب بالشلل وستفقد طاقتها وحركتها إلى الأبد. م. عايض الميلبي ينبع