هكذا قادتني الصدفة ذات ظهيرة غائمة لكي أدفن أحدهم ممن آلوا إلى رحمة الله. وصلت إلى المسجد في الوقت المناسب وحمدت الله أنني ما أزال أتذكر كيفية الصلاة على الميت. بعد التكبيرة الرابعة استدار الإمام برقبته إلى اليمين قائلا السلام عليكم ورحمة الله. انصرفنا سريعا ولم أتمكن من حمل الجثمان؛ لأن أحباب المرحوم كانوا كثيرين. وقفت عند أقرب نقطة من المثوى الأخير مستذكرا حسنات الميت، وفي الوقت نفسه قائلا: «اللهم حبب فينا خلقك أجمعين». تراجعت إلى الوراء قليلا للبحث عن مخرج والتقيت مصادفة رجلا سمينا فسألني قائلا من أين تود الخروج؟ أردت من الداخل تجاوز الخط الذي يفصل بين حياتين وفي الوقت نفسه أجبت الرجل قائلا «السلام عليكم». نظر إلي الرجل بحنق رغم معرفتي الأكيدة أنني ما فعلت له شيئا واستمال إلى أذني قائلا ومتى سوف نلقي عليك نظرة الوداع إلى جانب المرحوم. تراجعت قليلا إلى الوراء وأحسست أن نظراته الحولاء اخترقت صدري من غير أن أكون قد فعلت ضده شيئا. آخر مرة التقيته قبل عشر سنوات ولا يزال منذ ذلك الوقت مصرا على دفني مجانا ومن غير أتعاب. حاولت تفاديه بشتى الوسائل وكانت السماء غائمة وفي الفضاءين للأحياء وممن آلوا إلى رحمة الله زحام شديد. لم يعجبه أحد غيري، فقد وقع اختياره على العبد لله من دون الناس، وبصراحة فمصير الإنسان بيد الله، وعن نفسي لا يوجد عندي استعداد مطلقا لتنفيذ رغبته في وقته وحينه ولم أجد المخرج المناسب في الوقت المناسب وبقي الرجل السمين داخل حدود المقبرة حائرا ومستاء يريد الجواب. شيء غريب، فبعض الناس يستكثرون علينا الحياة، وإذا وجدونا أحياء تماما مثلهم، فهم يستكثرون علينا عبارة «وعليكم السلام ورحمة الله»! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 265 مسافة ثم الرسالة