وصل حسني مبارك إلى زعامة أكبر دولة عربية إثر عمل اتسم بالعنف (اغتيال أنور السادات)، وفقد زعامته نتيجة لانتفاضة شعبية. وكان الاستقرار كلمة السر في عهده، بينما استمر سريان مفعول قانون الطوارئ (الذي يحظر التجمع لأكثر من خمسة أفراد) طوال فترة حكمه التي استمرت ثلاثين عاما. ولكن مصر انتفضت في يناير (كانون الثاني)، مستلهمة ثورتها من ثورة تونس، وشهدت البلاد احتجاجات استمرت أسابيع على الفقر والفساد والبطالة والحكم الأوتوقراطي. وفي الأول من فبراير (شباط) أعلن الرئيس مبارك في كلمة متلفزة أنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة في شهر سبتمبر (أيلول)، ولكن المحتجين كانوا يطالبون بأكثر من ذلك: باستقالته، وقد حصلوا على مطلبهم. ولد محمد حسني سيد مبارك في الرابع من مايو (أيار) عام 1928 في قرية صغيرة في دلتا النيل. وبالرغم من فقر عائلته تخرج مبارك من الكلية الحربية عام 1948، ثم انتقل إلى سلاح الجو عام 1950. وكان له دور مهم في حرب أكتوبر عام 1973 كقائد لسلاح الجو، وحصل على مكافأة بعد سنتين بأن عين نائبا للرئيس، ثم أصبح رئيسا عقب اغتيال أنور السادات عام 1981. وبالرغم من انخفاض شعبيته في الداخل وفي الخارج إلا أن مبارك أحسن تبني قضية، السلام مع إسرائيل، ليعطي انطباع بأنه رجل دولة عالمي، وساعد ذلك في توطيد علاقته بالولايات المتحدة التي قدمت مساعدات سنوية بمليارات الدولارات لمصر. واعتبر صوتا للاعتدال في النزاع العربي الإسرائيلي، ولكن هذا أدى إلى تسميم علاقته بالمتشددين، وهو ما استخدمه النظام الذي قدم نفسه للغرب على أنه مهم للجم المتطرفين. ونجا مبارك من ست محاولات اغتيال على الأقل، وأخطرها، تلك التي وقعت في أديس أبابا عاصمة الحبشة حين تعرضت سيارته للهجوم. وتميز عهد مبارك في سنواته الأولى بدرجة من الاستقرار والنمو الاقتصادي، مما جعل معظم المواطنين يتقبلون احتكاره للسلطة، ولكنه بدأ في السنوات الأخيرة يتعرض لضغوط داخلية وخارجية لتشجيع الديمقراطية. وقد وصلت الضغوط إلى درجة لا تحتمل بعد أسابيع من الاحتجاجات في مصر وفقده دعم الجيش، وبعد محاولات لتمديد بقائه على رأس السلطة رفضها المحتجون اضطر أخيرا للتنحي. وأصاب نبأ تنحي مبارك المصريين المحتشدين في شوارع القاهرة والإسكندرية ومدن أخرى بحالة من النشوة، بينما انسل مبارك من الأضواء وتحول إلى تاريخ. ولكن شباب الثورة لم يكتفوا بذلك فقد أصروا على محاكمة مبارك بينما بدأت السجون تستضيف أركان نظامه، وبالفعل تحقق ذلك في 10 أبريل (نيسان) بقرار النائب العام المصري استدعاء الرئيس السابق ونجليه علاء وجمال للتحقيق معهم في اتهامات بشأن اتصالهم بجرائم الاعتداء على المتظاهرين وسقوط قتلى وجرحى خلال ثورة 25 يناير.