يبدو أن أحد مسؤولي لجنة التعديات في محافظة جدة يقضي أغلب وقته أمام المحطات التلفزيونية الإخبارية التي تتابع تطورات الثورات العربية لأن الرجل يستعمل لغة ثورية مشحونة بالمفردات الرنانة الطنانة ضد مواطنين مساكين دفعتهم الظروف والحظ السيئ للسكن فيما يسمى بالمناطق العشوائية، وقد كان آخر هذه التصريحات الخنفشارية قوله: (حررنا 200 مليون متر مكعب من الأراضي المغتصبة في جدة من لصوص الأراضي خلال 3 أعوام)!. ومما يجدر ذكره أن الأخ القائد المحرر المناضل الذي يقود في عمليات التحرير هذه جيشا من البلدوزرات والعمال الآسيويين ضد مواطنين بؤساء اختلفت ظروف (احتلالهم) لهذه البيوت والأحواش والمزارع والعقارات فبعضهم ورثها دون صك وبعضهم تعرض للنصب والاحتيال وقسم ثالث يملك صكوكا لم يعد لها قيمة، وبعضهم لم يكن لديه خيار آخر، وهو دائما ما يتهم هؤلاء الضحايا بأنهم المتسببون في كارثة سيول جدة!، ومن المثير حقا أن جيش الأخ القائد لا يتحرك أبدا ضد لصوص الأراضي الحقيقيين ويستحيل أن تتحرك بلدوزراته المدرعة ضد المتسببين الحقيقيين في كارثة جدة أو من صنعوا فوضى العقارات التي تعيشها هذه المدينة اليوم. ومشكلة الأخ القائد ليست في طريقة معالجته القاسية لقضية التعديات فقط بل في تصريحاته الاستفزازية وتركيزه على مصطلح (لصوص الأراضي) ضد مواطنين بسطاء يمكن أن يسميهم في أقصى الحالات (مخالفين) عوضا عن هذه التسميات التي لا تليق به كمسؤول رسمي، فقد تابعت تصريحات جميع المسؤولين الذين تحدثوا حول مشكلة التعديات ولم أجد عند أي منهم هذه الحماسة المفرطة للإساءة إلى المواطنين لأن تركيزهم ينصب على حل المشكلة وليس الاستعراض الكلامي الذي يضر أكثر مما ينفع. وأخشى ما أخشاه أن يأتي اليوم الذي تضع فيه الفضائيات عبارة (خبر عاجل) قبل تصريحات الأخ القائد فيخرج علينا وهو يقول: (أيها العشوائيون .. من أنتم؟.. سوف أحرر جدة منكم.. شبر شبر بيت بيت دار دار زنقه زنقه.. دقت ساعة العمل.. إلى الأمام إلى الأمام) فتتحرك البلدوزرات التي يقودها شباب بنغلادش في كل الاتجاهات. والمضحك المبكي أن الأخ القائد المناضل المحرر يقول في تصريحاته إن لجنته غير معنية بالمواطنين الذين اشتروا الأراضي من أصحابها ويؤكد في الوقت ذاته تذمره من شكاوى المواطنين على لجنته عند بعض الجهات المختصة وهو هنا مثل القذافي الذي ينكر كونه رئيسا لليبيا ويرفض في الوقت ذاته التخلي عن الحكم!. قبل عام أو أكثر دعيت إلى جمع كريم من سكان شرق جدة كانوا يتحدثون بحرقة عن قسوة العبارات التي يطلقها تجاههم ويتملك الغضب كل واحد منهم حين يأتي ذكر عبارة (لصوص الأراضي)، ومنذ تلك الليلة وأنا أتابع تصريحات الأخ القائد حول التعديات في جدة فخرجت بقناعة وحيدة وهي أن هذا الرجل يتبع استراتيجية: (أبوي ما يقدر إلا على أمي!!). وأخيرا ليس لدي ما أقوله للأخ القائد البطل المناضل سوى إهدائه هذا البيت: (لا خيل عندك تهديها ولا مال.. فليسعد النطق إن لم تسعد الحال)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة