أكد مدير التوجيه والتوعية في وزارة الداخلية الدكتور علي بن شائع النفيسة، أن الأوامر الملكية في جلها مهمة وفاعلة في توفير احتياجات المواطن وتوفير سبل العيش الكريم، مشيرا إلى أن خادم الحرمين الشريفين عرف عنه حبه الجم لشعبه ويحرص على إسعادهم وراحتهم. ولفت النفيسة إلى تأمين 60 ألف وظيفة عسكرية سيكون لها إسهام كبير في خدمة المواطنين وحمايتهم من كل الأخطار المحدقة بهم. وكشف النفيسة عن وجود أجندات حالية داخلية وخارجية تعمل على تجنيد متطرفين، وهذا ما تثبته القوائم المتتالية التي تعلنها وزارة الداخلية، محذرا من أساليب جديدة ملتوية يستخدمها بعض المنظرين والممولين لهذا الفكر، كاستخدامهم أساليب غريبة متنوعة يطرحون خلالها أفكارا مختلفة للتمويه على الشباب. وأرجع النفيسة انحراف الشباب فكريا إلى أسباب ثلاثة، مناديا أولياء الأمور بضرورة بث الوعي والحس بأبنائهم لتحصينهم من الوقوع في براثن الانحراف. وأوضح النفيسة في حواره مع «عكاظ» إلى تفشي المشاكل الأخلاقية في المجتمع، مبينا وجود جهات تحاول نشر الرذيلة في المجتمع من دعارة أو غيرها بهدف إفساد الشباب فإلى التفاصيل: • بداية كيف ترى الأوامر الملكية التي أعلن عنها واشتملت على 60 ألف وظيفة عسكرية في وزارة الداخلية وما انعكاساتها على المجتمع؟ ما سمعناه من رقم كبير لهذه الوظائف المرشحة لشباب المملكة قد اختيرت بعناية تامة واستراتيجية فائقة ومردودها على الشباب والمواطنين كبير؛ لأنها ستحقق لهم عبر هذه الأرض الخصبة نتائج مهمة منها أولا: توفير فرص لالتحاق الشباب بوظائف وأعمال متنوعة تسهم في خدمة ملكهم ووطنهم وشعبهم عبر هذه القطاعات، ثانيا: ستقدم خدمات مهمة للمواطنين، وسيلمسون نتائجها مستقبلا كتوظيف أبنائهم وما إلى ذلك، أما الجانب الثالث: فهو أن هذه الأوامر ستسهم في تقديم خدمات أفضل للمواطنين عبر أجهزة الشرطة أو الدفاع المدني وغيرها من الأجهزة المتنوعة. تجنيد المتطرفين • ذكرت سابقا أن هناك من يعمل لتجنيد متطرفين جدد في المملكة، فهل مازال التجنيد موجودا حتى اللحظة وهل هناك مدارس مستمرة في ترويج الفكر؟ نعم هذا موجود والدليل على ذلك القوائم المتتالية من المطلوبين أمنيا التي تعلن عنهم وزارة الداخلية، وهذا يؤكد وجود تجنيد وأجندة خفية عبر الإنترنت أو غيره ما يسبب تكوين فجوة بينهم وولاة الأمر. وأما المدارس التي أقصدها فهي التي تفرخ الإرهاب كالاستراحات المشبوهة ومناطق الصراع الدولية والإقليمية أو من يلعب على الأدمغة وغيرها من المحرضين ولا أقصد المدارس النظامية. • معنى كلامك أنه يمكن أن نشهد مزيدا في المستقبل من الأحداث لاستمرار الفكر وتجنيد الشباب!؟ أقول إن الضربات الاستباقية قضت على الكثير من المعليات الإجرامية وأوكار الفساد، وهناك جهد مماثل وهو ما نسميه بالمنظومة الفكرية وتتمثل في المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية والدعوية والكراسي العلمية فهذه لها مجهوداتها الكبيرة المبنية على استراتيجيات لمحاربة الأفكار الدخيلة على الناشئ، وهذا من ثمرات الجامعات والمناشط الدعوية والهيئات والمعاهد التي أثمرت جيدا، ويبقى وجود مدارس فكرية كما أشرنا إليها آنفا تفرخ هذا الفكر وهذا بالطبع خارج نطاق المؤسسات التعليمية والدعوية. • وهل هذه المؤسسات المفرخة للإرهاب متواجدة بكثرة في وقتنا الحالي؟ ليست هي مؤسسات، بل هم مجموعة محرضون لهم أهداف استراتيجية يعملون وفقها وهذا ما صرح به بعض المتراجعين؛ إذ كشفوا أن هناك فئات جهادية ليست حقيقية تعمل في الخفاء تديرها قيادات وهمية بعيدة عن الواقع الذي نتعايش معه وهي من تسبب في الإشكاليات العظمى التي ينجرف الشباب خلفها ولها أهداف عدوانية انتقامية وبالذات على المملكة. 3 أقسام • قلت إن هؤلاء أفراد ومحرضون وليسوا مؤسسات، لكني ربما أستشف من كلامك أن أعدادهم كبيرة؟ هؤلاء مقسمون، منهم من هو أدوات للتنفيذ ومنهم من يمول الفكر وينشره ومستمر على ذلك حقبة من الزمن، لكن الضربات الاستباقية دائما تكون لهم بالمرصاد، ويمكن أن أقسم الفئة الضالة إلى ثلاثة أقسام أولا: الداعمون والممولون، وثانيا المنظرون أي أصحاب الأطروحات والشبهات، والقسم الثالث المنفذون، كما أشير إلى نقطة أخيرة وهي وجود أجندة داخلية تسهم في نشر هذا الفكر. • وهل عن أنباء جديدة تفيد محاولة ظهور فئة جديدة؟ لا أنباء جديدة وإنما هو تلون من قبل الجهة الضالة بين الفينة والأخرى فيطرحون أفكارا جديدة وشبهات تصب في المصب نفسه كالتغرير والجهاد، لكن الأمر محاط ولا يعلم حاليا تورط أحد في هذا الفكر؛ ذلك أن منابر العلماء وكافة الفعاليات تصب في محاربته والجهود مكثفة لدحر ما يظن لدى بعض الشباب أنه جهاد، كما نتصدى لكافة محاولات طرد الشبهات على الشباب، خصوصا أن من ينشر الفكر بات يستخدم طرقا غير معهودة وأفكارا لم تطرق سابقا فاكتشفناها ونتصدى لها ولم تعد الأمور فيها ضباب، وبالتالي أقول لا يعذر من تورط في هذا الفكر الضال فكل الأمور جلية والفكر الإرهابي مبني على العبث والضحك على العقول الصغيرة والنتيجة تلك الويلات التي لا تخطر على بال من تورط فيه من سجون أو ذهاب إلى الأراضي الملغمة وأماكن الصراع أو قتلهم الأبرياء وفقدهم للحريات والأهل والأولاد ظنا أنه جهاد. جهات أجنبية • ومن وراء العمليات التخريبية، خاصة أن الإسلام لا يدعو إلى ذلك بتاتا، أليس هناك جهات خارجية وأجندات خفية تعمل لمصالح آخرين؟ نعم وليست هذه الإجابة من جعبتي؛ فوزير الداخلية صرح بأن هؤلاء الشباب وراؤهم أناس يجندون. وقد بين بعض العائدين بأن هناك بعض الجهات الأجنبية هي من طرحت عليهم ذلك وقدموا لهم الدعم للنيل من المملكة ما يؤكد استهداف المملكة من قبل المناوئين لها للنيل من أمنها واستخدام أبنائها أدوات للتنفيذ، بل إن أحد العائدين عن الفكر الضال أفصح أنه وبعد ذهابه للعراق بغرض الجهاد قابله ثلاثة أشخاص قالوا له: لم أتيت تجاهد هنا؟ أذهب وجاهد في بلدكم فحكومتكم كافرة! وهنا ينشحن الشاب السعودي ويشعر وكأننا كفار فيعود للمملكة كالقنبلة ويكون عنصرا عدائيا في بلادنا. • بحكم جلوسكم مع بعض الإرهابيين، كيف يتمكن الشاب أساسا من الانخراط والاختلاط مع هذه الفئات ثم يغادر المملكة؟ لا يكون ذلك إلا بالتحريف عليه للسيطرة على عقله فيخرج إلى البلاد المجاورة ثم يتسلل من هناك إلى مناطق الصراع ويزرع فيه الجهاد فيعود ناقضا للبيعة ظانا أنه على الحق، والمفتي قال في بيانه الشهير: إنه تبين أن أغلب الشباب المتورطين هم ناقضون للبيعة، وهذا دليل فساد في العقيدة وثوابت الدين فالرسول صلى الله عليه وسلم قال (من مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية) وقال أيضا عليه السلام (من نزع يده عن طاعة مات ولا حجة له) فيبدأون في التشكيك في عقيدة المسلم. قصور المؤسسات • قلت بأن المؤسسات التعليمية والإعلامية تحارب الإرهاب ولكن البعض يرى أنها مازالت مقصرة، هل تؤيد هذا الرأي؟ ربما كان تقصيرها في حقبة من زمن قد انتهى فكان تقصيرهم واضحا، لكن نداءات وزير الداخلية ومطالبته بزيادة التوعية لأجل القضاء على الفكر الضال تحسنت حاليا، وأقول إن المؤسسات لو نشطت في توعيتها لاستطعنا القضاء على الكثير من الأفكار الضالة. • ما هي مجهوداتكم في وزارة الداخلية في محاربة هذا الفكر؟ مجهوداتنا كثيرة، سواء عبر الإعلام أو الأنشطة والمجهودات، كما لي شخصيا مجهودات خاصة وخارجة عن نطاق العمل، وأنت سألت في بحر لا نستطيع تفصيله في جملة أو جملتين. • ما القواسم المشتركة لنشر الفكر الضال بين فئات الشباب؟ أقول الشباب المنخرط في الفكر الضال لديهم ثلاثة قواسم مشتركة، الأول حداثة التدين والسبب موقف أو حادث حصل له أو لأبيه مثلا أو أمه أو أحد أقربائه فتؤدي هذه الصدمة إلى تدين سريع مفاجئ، إضافة إن إصابته الصدمة وهو حديث السن وهذا هو الجانب الثاني فيكون حينها مفتقرا للعلم والمعرفة والتجربة، أما الجانب الثالث فهو افتقاره لجانب العلم الشرعي وبالتالي تنطلي عليهم الحجج ولا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل فتدغدغ مشاعرهم تلك الخرافات ويظن أنه يحمل الجهاد ويحمل الإسلام والحق، وبالتالي يدافع عن هذه الأفكار المنحرفة إن كان حديث التدين وضعيف العلم وصغير السن، وهذه هي القواسم المشترك. قواسم مشتركة • ذكرت لي أن القواسم المشتركة هي من تقود الشاب لذلك، ودي لو تعطيني السبب الأساس الذي يجعل بعض الشباب ينخرطون في هذا الفكر، تعلم أن هذه القواسم لدى معظم الشباب فلم بعضهم يلتحق بالفكر الضال؟ العاطفة أهم سبب ثم ضعف المخزون الشرعي، واستجابتهم للحجر الفكري من قبل المنظرين والاكتفاء بما يطرحه أولئك وعدم قبولهم الآراء الأخرى ورفضهم لمن يعارضها وبالتالي يستهدف الإرهابي المارين ورجال المرور، والسبب المشترك بين كل هذه العمليات وعلى مستوى العالم الإسلامي هو التكفير. وقد بدأنا منذ زمن في محاربة الفكر الضال ومستمرون على ذلك لدحره ونقوم بتوعية أفكار الشباب من الأفكار الهدامة عبر كافة الوسائل المتاحة للقضاء عليه، كما نطور جهودنا المتنوعة وأقول لك إن كافة جهودنا مدعومة لمحاربة الفكر الضال. • ماهي أبرز نصائحك للقضاء على الفكر الضال؟ لابد أن يكون هناك وعي وحس لولي الأمر والمدرس والإمام أو الخطيب فيلاحظون التغييرات السلوكية التي تطرأ على الشاب فيجب مراقبتها، سواء الأسرة أو المجتمع أو في أي مكان؛ لأن الشاب قد يكون على اتصالات مشبوهة أحدثت له التغييرات أو اطلع على ما يدعوه إلى هذا الفكر أو تصفح بعض مواقع الإنترنت، فلابد أن نتعامل في الأمر بكل شفافية والتوعية حتى لا يعطي نتيجة مفاجئة مفجعة وبالتالي لا ينفع الندم. والمملكة لا شك لها جهود جبارة واضحة وجلية في مكافحة الإرهاب ومحاربة الأفكار الدخيلة على المجتمع، كما عقدت المؤتمرات والندوات التي تفند انتساب هذه الأفكار إلى الإسلام وغيرها من الجهود التي لا حصر لها ويكفي دور الأسرة والمجتمع. كرامات وأخلاق دخيلة • قمتم بحملات ضد أصحاب الكرامات بالذات في مكةالمكرمة، سؤالي من هم أصحاب الكرامات وما تقصد بهم؟ المدعون للكرامات هم أصحاب الشعوذة والدجل والسحر، والدولة قامت بمحاربتهم، حيث أقامت الحد على امرأة في مكة اشتهرت بذلك، ولاشك أن هؤلاء يقومون بأنشطة مضادة للشريعة وكأنهم أصحاب كرامات وعلاجات، كما لديهم خرافات دخيلة فنحارب هذا الفكر وهذه الكرامات المزعومة الكاذبة. • لو دخلنا إلى القضايا الأخلاقية فما دوركم فيها؟ نحن في الوزارة نحارب كل ما يضر الشاب وأنا في هذا المجال لي مجهودات كثيرة، وأقول إذا انضبط الفكر انضبط السلوك؛ ذلك أن السلوك ترجمة وانعكاس للفكر وكلما تشتت الفكر كان السلوك مشينا فيلجأ الشاب إلى الأخلاقيات أو تعاطي المخدرات أو السرقات أو غيرها، وأما ما يدفع الشاب أو غيره إلى السلوكيات المنحرفة فهو الفكر فلابد أن يربى الشاب على أننا مجتمع دين وأعراف وكلما خرجنا عن الثوابت ابتعدنا عن الإيجابية وكان هناك انحراف في السلوك. • هل هناك مؤشرات لتردي وزيادة القضايا الأخلاقية؟ لاشك أن المشاكل في ذلك كثيرة والسبب أن الكثير يترك ويطلق العنان، خصوصا للناشئة إلى الجهات والوسائل الإعلامية المشبوهة، وهدف الجهات أحيانا انحراف المجتمع كنشر الدعارة والمخدرات والخلاعة بين أفراده ويأتون للشاب بطرق ملتوية أو يكون هدفهم ماديا بحتا، وهذا يحملنا كمسؤولين رعاية الناشئة وبذل الجهد الكبير لحمايتهم فنحن الآن بين طرفي النقيض أي بين الإفراط والتفريط والغلو وترك الأمور وبالتالي يكون الشاب في حيرة هل يبر بوالديه أو يكون منحطا منحرفا ويتبع عبدة الشياطين فيحتار أحيانا في السلوك الوسطي، فلابد أن يكون الشاب متزنا في العقل والحكمة ويتبع الوسطية في كل شيء. • وهل لكم تنسيقات مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القضايا الأخلاقية مثلا؟ مؤسسات الدولة لا شك بينها تنسيق من أجل نشر الوعي لأجل تحقيق الأمن الفكري.