كان يوم الجمعة موعدا آخر للبهجة والسعادة وترسيخ الوفاء والمحبة الصادقة بين الشعب وقيادته. فإطلالة خادم الحرمين الشريفين كان يترقبها الصغير قبل الكبير، الشبان والشابات، فلم يغادروا البيوت لتناول الغداء أو التنزه كالمعتاد في مثل هذا اليوم، وذلك شوقا لسماع صوت الوالد القائد، وخلت الشوارع وتسمر الجميع ليرووا عطش العيون برؤية قائد هذه الأمة، وهو يلقي الكلمات النابعة من قلبه الطاهر لتنفذ كسهام المحبة في أفئدة أبنائه المواطنين. يوم الجمعة كان موعدا للقاء المحبة بين الأب وأبنائه، وكان موعدا للعطاء، وكان موعدا لتكبيل الفساد، وكان موعدا لتحقيق الآمال. هذه اللحظات الغامرة بالأفراح عاشها الوطن والمواطنون والمقيمون أيضا. عاشوا لحظات الفرح الغامر وهم يغبطون أبناء هذا الوطن بما حباهم الله من قيادة رشيدة تعمل بإخلاص لتثبيت دعائم الشرع الحنيف، وتسعى جاهدة لإسعاد المواطنين، وتسابق الزمن لتحقق خطط النمو التي حلم بها القائد الظافر الصالح المصلح الملك عبد الله بن عبد العزيز. أرادها ثبوتا على مبادئ الشرع، وأرادها تنمية، وأرادها حربا على الفساد، وأرادها نموا اقتصاديا، وأرادها ريادة عالمية للحفاظ على الاقتصاد العالمي. وكل هذه الآمال والإنجازات كانت مبرمجة عبر خطة التنمية التاسعة، ولم تكن على سبيل التعاطي مع مواقف أو قضايا طارئة. ما يمكن ملاحظته هو أنه أعطى المسؤولين دروسا حقيقية في التطبيق، وتحقيق الآمال، فالخطة التاسعة التي أمر بإطلاقها، والتي هي استمرار لخطط التنمية التي سارت عليها الدولة منذ عشرات الأعوام يحمل لواءها ملك بعد آخر، ترتكز جميعها في تحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، والاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطن، والعناية بالفئات المحتاجة من أفراد المجتمع، ولهذا فإن هذه الأوامر الملكية لم تكن كما يظن من في قلبه مرض أنها رد فعل لما يحدث حولنا، بل إنها آمال معقودة على مر الأيام والزمن، كتبت قبل حدوث هذه الأوضاع كرؤية واستراتيجية لمنهج الدولة في عهد خادم الحرمين الشريفين وولي العهد والنائب الثاني. هذه الأفراح التي عاشها المواطنون بدون استثناء، زاد فيها بوادر قيام شركات ومؤسسات بالاقتداء بالأوامر الملكية وشعورهم المشكور بواجبهم الوطني تجاه أبنائهم العاملين، وإعلانهم بصرف مكافأة راتب شهرين، فإن من شأن هذه المبادرات الخيرة أن تنعكس إيجابيا على شعور العاملين في تلك الشركات، وتعزز روح الولاء والانتماء بما يزيد من إنتاجيتهم، ومن الجدير أن نقدم الشكر لكل تلك الشركات. والذي لفت نظري إعلان شركة زين، التي تئن من وطأة الخسائر، لكنها أبت أن تحرم أبناءها العاملين من الفرحة، فلها شكر خاص . أما عن الشركات الأخرى التي يعبر عنها بأنها ما زالت تلبس الجلدة، فإنه لا بد من حدوث وقفات معها، وإرسال اللجان للاطلاع على قوائمها المالية، وكشف الفجوات الواسعة بين ما يصرف لكبار التنفيذيين والمتنفذين من حوافز ومزايا، وبين الكادحين من الموظفين السعوديين في تلك الشركات، والأمر لا يتوقف على كبار الموظفين من السعوديين، بل إنه يتعداه إلى غير السعوديين وممن لهم سطوة لا تخفى على أحد. وقد وجب الآن أن يحاسبوا على القليل والكثير والفتيل والقطمير. وأخيرا نهمس لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، ونسأل عن حالها وحال السعوديين الذين يتقاضون معاشات كأقرانهم في مؤسسة التقاعد، فهم ينتظرون ما يبهجهم.