واصلت العملية العسكرية الجوية الغربية «فجر أوديسا» استهداف منظومة الدفاع الجوي التابعة للزعيم الليبي معمر القذافي، حيث بدأت مقاتلات فرنسية في فرض سيطرتها على الأجواء الليبية، فيما أطلقت سفن حربية أمريكية وبريطانية، ترابض في البحر المتوسط، زخات من صواريخ «توماهوك»، على أهداف بالقرب من العاصمة الليبية طرابلس. وأكد نائب الأدميرال في الجيش الأمريكي، ويليام غورتني، في بيان للصحافيين في مقر وزارة الدفاع «البنتاغون»، أن السفن الحربية والغواصات الأمريكية والبريطانية، أطلقت ما يزيد على 110 صواريخ استهدفت نحو 20 هدفا عسكريا، غالبيتها من القواعد الجوية والدفاعات الجوية. وبينما وصف المتحدث العسكري الأمريكي هذه الهجمات بأنها «المرحلة الأولى»، في مؤشر على أن العملية العسكرية ضد الدفاعات الجوية التابعة للقذافي، والتي قد تجري على عدة مراحل. كما أفادت محطة «سي بي اس نيوز» أن ثلاث مقاتلات بي-2 شبح أمريكية ألقت أربعين قنبلة على قاعدة جوية ليبية. ولم يتم الحصول على تأكيد رسمي للعملية على الفور. وقالت المحطة إن هدف العملية كان تدمير قسم كبير من سلاح الطيران الليبي، ولكن الطائرات الحربية الأمريكية قامت في الوقت نفسه بملاحقة قوات برية بهدف تدميرها. وأضافت أن جميع الطائرات عادت إلى قاعدتها سالمة. وأطلقت الولاياتالمتحدة السبت وابلا من صواريخ توماهوك ضد الدفاعات الجوية للنظام الليبي. وأكدت واشنطن أنها لن ترسل قوات برية في إطار العملية العسكرية المحدودة التي تنفذها ضمن الائتلاف الدولي لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 بفرض حظر جوي على ليبيا. وفي طرابلس، ندد متحدث باسم الحكومة الليبية بالقصف الجوي الغربي لبلاده، واصفا إياه ب«العمل البربري»، وقال إنه بدلا من إرسال مراقبين دوليين للتأكد من وقف إطلاق النار، فقد اختار التحالف الدولي العمل العسكري، وتابع أن القصف الجوي الذي استهدف عدة مواقع في طرابلس ومصراتة، قد سبب «ألما حقيقيا» للمدنيين، دون أن يكشف ما إذا كان القصف قد أدى إلى سقوط ضحايا. وتابع المتحدث في تصريحات بثها التلفزيون الليبي الرسمي، بقوله: «إنني حزين ومستاء جدا، لأن بلادي تواجه هجوما مسلحا بربريا»، إلا أنه أضاف قائلا: «هذه الأعمال العسكرية لن تضعف من عزيمتنا». وجاء القصف الجوي والصاروخي بعد قليل من إعلان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، بدء العمليات العسكرية ضد نظام القذافي، في الوقت الذي بدأت فيه مقاتلات فرنسية التحليق في الأجواء الليبية، قائلا إن هذه العملية تهدف إلى منع الزعيم الليبي، معمر القذافي، استخدام سلاحه الجوي في قصف المدنيين المناوئين لنظامه، والذين يطالبون برحيله. وألقى ساركوزي كلمة مقتضبة، في أعقاب اجتماع دولي شهدته العاصمة الفرنسية باريس ظهر السبت، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وعدد من الزعماء العرب والأفارقة، لمناقشة سبل التحرك قدما نحو «حماية الشعب الليبي»، بما يتفق وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، بفرض حظر جوي على ليبيا. وقال الرئيس الفرنسي: «إن قواتنا الجوية سوف تعارض أي أعمال عنف قد يقوم بها العقيد القذافي ضد سكان بنغازي»، وتابع قائلا: «من الآن، تقوم طائراتنا بمنع أي طائرات من قصف المدينة»، كما أشار إلى أن الطائرات الفرنسية «جاهزة» أيضا للتدخل ضد دبابات القذافي. وبعد قليل من إدلاء ساركوزي بكلمته، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية إن مقاتلات فرنسة قصفت إحدى المركبات العسكرية التابعة لكتائب القذافي، دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل، فيما أفاد مراسل صحافي في مدينة بنغازي، أن الوضع أصبح هادئا في المدينة، التي كانت قوات القذافي ترابض على مشارفها في وقت مبكر السبت. من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أن اللجوء إلى العمل العسكري ضد ليبيا لم يكن ضمن ما كانت تسعى إليه الولاياتالمتحدة، وتابع، في رسالة صوتية من البرازيل، أن «استخدام القوة ليس أول خياراتنا، كما أنه ليس الخيار الذي لجأت إليه بسهولة»، إلا أنه استدرك قائلا: «ولكننا ليس بمقدورنا أن نقف صامتين، عندما يقول أحد الطغاة لشعبه إنه لن يرحمهم». وفي موسكو، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أسفها لقيام عدد من الدول بشن هجوم جوي على ليبيا، وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، ألكسندر لوكاشيفيتش، إن روسيا تدعو مجددا وبإلحاح جميع الأطراف الليبية، وكذلك المشاركين في العملية العسكرية ضد ليبيا، إلى عمل كل شيء من أجل تجنب إلحاق الأذى بالسكان المدنيين، ووقف إطلاق النار والعنف في أسرع وقت ممكن. وقبل ساعات من بدء العملية العسكرية، سعى القذافي إلى إعادة فتح قنوات دبلوماسية مع الغرب، حيث وجه عدة رسائل إلى كل من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، ونظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون. وقال موسى إبراهيم، الناطق باسم الحكومة الليبية، في مؤتمر صحافي تلا خلاله رسائل القذافي، إن تلك الرسائل تنتقد تدخل أوباما وساركوزي «في الشأن الليبي الداخلي»، بحسب قوله. وأكد القذافي في رسائله إن حكومته «لن تطلق مطلقا رصاصة واحدة على أحد مواطنيها»، مجددا إلقاء تبعة الأحداث التي تشهدها ليبيا منذ 17 فبراير (شباط) المنصرم، والداعية لرحيل القذافي، على عاتق تنظيم «القاعدة»، وفق المتحدث باسم الحكومة الليبية.