تنطلق الأهمية التي يتمتع بها منتدى جدة الاقتصادي في نسخته ال11 من كونه يعقد في وقت تجتاح فيه أمواج التغيرات السياسية في بعض البلدان العربية، بمشاركة التأثيرات الجيولوجية الطبيعية التي عصفت بأقوى اقتصاد آسيوي وهو اليابان، في لعب دور حساس ومؤثر في إعادة التركيبة الاقتصادية العالمية. كذلك فإن المنتدى يعد أحد التجمعات الاقتصادية الإقليمية المهمة في المنطقة على الساحات المحلية والإقليمية والدولية. وقال ل«عكاظ» عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام خليفة إن منتدى جدة الاقتصادي يشكل نشاطا اقتصاديا بارزا، ويعتبر من أهم التجمعات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، من حيث الترتيب والتنظيم وحسن اختيار المحاور المتنوعة. ولعل التميز في استقطاب الشخصيات البارزة من رجال وسيدات الأعمال، المشاركين من القطاعات الحكومية والخاصة المعنية، يعكس مدى اهتمام القائمين على المنتدى من أجل دعم النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمملكة بشكل خاص. وعلى مدى الأعوام السابقة للمنتدى كان المتحدثون في المنتدى قيادات عالمية، ما يجعل وجودهم بيننا ثروة يجب الاستفادة منها ودراسة توصياتهم التي يقدمونها كحلول لمواضيعنا التنموية المختلفة. فتلك التوصيات لا تأتي من فراغ أو من باب المجاملة بقدر ما هي توصيات تبنى على تجارب مروا بها، ويعتقدون بإمكانية نجاحها عند التطبيق في المملكة. كما لم يغفل المنتدى القيادات والخبرات المحلية، إذ استضاف القيادات السعودية صاحبة الطروحات المميزة، في محاولة من المنتدى لوضع أفكارهم موضع الدراسة والنقاش أمام نخبة مميزة من رجال الأعمال والمتخصصين الحاضرين. إن التقاء العقول والأفكار واختيار المواضيع أسس قاعدة قوية للمنتدى نحو ترسيخ مفهوم الشراكة الوطنية بين القطاعين الخاص والحكومي، تناقش التحديات والقضايا الاقتصادية العالمية والإقليمية والمحلية، وتسعى إلى إيجاد حلول عملية لمعالجتها، من أجل الوصول إلى اقتصاد قوي يجلب الرخاء والأمن والطمأنينة للمجتمع. وسجل المنتدى علامات فارقة في أذهان المشاركين، ورفع نسبة الوعي والإدراك الاقتصادي السياسي والاجتماعي لدى أفراد المجتمع. فالأغلبية أصبحت تدرك حجم المشكلات التي تحيط بالمنطقة ومدى تأثيرها المباشر على دفع عجلة الاقتصاد، وأن هذه المشكلات ليست اقتصادية بالأصل وإنما هي إفرازات سياسية، وأن السياسة الدولية ترتبط ارتباطا مباشرا في توجيه اقتصاد المنطقة، وبالتالي ساعد على تطور نظرتنا نحو العولمة والتفاعل معها، وفي تطوير نظرتنا تجاه المفاهيم الاقتصادية والسياسية بصورة أشمل وأكبر. لقد أثر النجاح الكبير الذي حققه المنتدى إيجابيا على كثير من رجال الأعمال والشركات السعودية التي بدأت تتحرر من المحلية وتستفيد من الجانب الإعلامي للمنتدى، للتعريف بنشاطاتها الاقتصادية والالتقاء بالشخصيات القيادية العالمية، من خلال ورش العمل من أجل تسهيل عقد الصفقات التجارية. وأعطى المنتدى صورة قوية عن دور المرأة السعودية. فبعد أن كانت مجرد مستمع أصبحت تشارك في أعمال المنتدى بصورة نالت الإعجاب، ضمن ثوابتنا الإسلامية وفي إطار تقاليدنا وعاداتنا الاجتماعية، وأضفت على أجواء المنتدى قدرا عظيما من الحيوية. نقاط الضعف والسلبيات في المنتدى إن ما يبذل من جهد وما يصرف من مال، وما يتم من تنظيم كبير لهذا المنتدى أمر يستحق الثناء والتقدير والشكر لغرفة جدة. ولكن لا يخلو أي عمل جاد من بعض السلبيات، وهذا شي طبيعي ولا يقلل من الإيجابيات، ويمكن تقييمه ومعالجته في المنتديات المقبلة. لهذا نأمل أن نراجع النتائج والفوائد الحقيقية لهذه المناسبة وأن يكون لدى الغرفة قدر كبير من الشفافية والوضوح لتطوير مستوى هذا المنتدى ليرتبط بنا وبهويتنا ومشكلاتنا وما نهتم به وما نحرص عليه ويخدم بيئتنا ومجتمعنا ووطننا بصفة عامة ووضعنا الاقتصادي بصفة خاصة. ولعل من أهم السلبيات التي لاحظتها في المنتديات السابقة تتمثل في: ضعف البنية التحتية التكنولوجية، ونقص المعلومات الإحصائية الدقيقة الخاصة بالاقتصاد السعودي بشكل عام وشركات القطاع الخاص على وجه التحديد. عدم وجود آلية عملية تجمع رجال الأعمال مع القيادات العالمية المشاركة من أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية أو مناقشة معوقات الاستثمار التي تواجه رجال الأعمال في الخارج. ارتفاع رسوم الاشتراك لهذه المناسبة لكثير من الاقتصاديين والمختصين في القطاعين العام والخاص والمهتمين بالمنتدى. لذا نأمل تخفيض الرسوم لهذه الشريحة أو توجيه دعوات مجانية لهم. إن الاستفادة من المنتدى تكمن في قدرة مجلس التسويق في الغرفة التجارية على تقييم المنتدى من جميع جوانبه وأبعاده، بالاستعانة بأفراد أو مؤسسات من داخل أو خارج المجلس لديهم الخبرة العلمية والعملية في هذا المجال، لمعرفة مواطن القوة والخلل وتفعيل المنتدى بتوصيات قابلة للتطبيق. كما نأمل طباعة التوصيات أو عمل ملخص للمحاضرات وتوزيعها على المشاركين بحيث يمكن أن يستفيد منها المشاركون من القطاعين العام والخاص. ويتفق الدكتور عبدالرحمن الصنيع، الدكتور مهندس عبدالرزاق بن هاشم المدني حول أهمية توثيق أعمال المنتدى ال11 والدورات العشر السابقة وطباعة توصياتها جميعها للاستفادة منها ووضع مايمكن تطبيقه موضع التنفيذ وحتى يمكن مراقبة التطبيق ليستفيد منها مجتمع الأعمال، بما يؤدي إلى تطوير الأعمال وما يؤدي إلى دعم التنمية المجتمعية ليس في جدة فحسب، وإنما في المملكة ككل. وقال الكاتب والباحث في قضايا التنمية المستدامة الدكتور فيصل بن عبدالله العتيبي إنه لا يمكن التقليل من مساهمة هذا النوع من المنتديات في تحقيق التلاقح الفكري ونشر ثقافة المعرفة، خصوصا وأنها تستقطب العديد من القيادات الفكرية الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي التي أثرت أوطانها بخبراتها المعرفية وهاهي تنقل خبراتها ومعارفها وتجاربها التطبيقية إلى بلد فتي كالمملكة. وبالطبع أن هذا الأمر سينعكس على السياحة في المملكة باعتبار أن القطاع الاقتصادي مترابط بشكل أو بآخر، إلا أن ذلك لايعني أن ينعكس على تطوير السياحة بشكل فعال مالم تكن السياحة هدفا محوريا من ضمن الأهداف التي يسعى المنتدى لدعمها بشكل مباشر. وهو الأمر الذي يمكن على أساسه قياس مدى مساهمة منتدى جدة الاقتصادي فيه وعلى مدينة جدة تحديدا. أما فيما يتعلق بمدى مساهمة المنتدى في دعم اقتصاد المملكة بشكل عام وجدة بشكل خاص فأصدقك القول إنني وبحكم التخصص قد أتيحت لي فرصة لحضور منتديين اقتصاديين سابقين في جدة قبل توقفه الأخير . وكذلك نظيره في الرياض والذي أعتبر أن نسخته هي مانحتاجها فعليا من هذه المنتديات فقد لمست فيه الواقعية والاحترافية في اختيار الموضوع والتطبيق والترجمة إلى قرارات وطنية على مستوى القيادة يتم عكسها مباشرة خلال الأشهر التالية كونها مقدمة بالدرجة الأولى من مكاتب استشارية وطنية بالمناسبة وتتم على أساس مخرجات ورش عمل تحضيرية مكثفة تسبق المنتدى بفترات كافية. أما في مؤتمرات جدة الاقتصادية فكان لي بعض التجارب الشخصية المحبطة التي بنيت عليها عدة نتائج ومن ثم لدي مقترحات أود توجيهها عبر منبركم إلى القائمين على المنتدى وهي: ضرورة مراجعة الأهداف التي تسعى لها المؤتمرات الاقتصادية لمدينة جدة وصياغتها والتخطيط لها بشكل علمي، وبنفس الاحترافية الإعلامية التي نجحت بها منتديات جدة السابقة فالتمثيل والانعكاس الداخلي لنتائج المنتدى وموضوعاته على الوضع التنموي مهم جدا من وجهة نظري ومتطلب حضاري. ربما يجد البعض أن منهجية المنتدى التي اختارتها اللجنة المنظمة أو طبيعة أوراق العمل المقدمة لمؤتمرات جدة الاقتصادية هي التي أفضت إلى هذه النتائج. إلا أنه ومن وجهة نظري الشخصية على الأقل حول المنتديات التي حضرتها أو تابعتها عن كثب كانت بحاجة إلى ترجمة.