هذه وقفات يسيرة نتأمل من خلالها قدر ما بين أيدينا من النعم، ونعتبر مما يجري ويقع في بعض المجتمعات من المحن والفتن والكوارث والمصائب لندرك جميعا عظم نعمة الله تعالى علينا وفضله ومنته في هذه البلاد المباركة بلاد التوحيد. لنتذكر نعمة الأمن والاستقرار ورغد العيش التي امتن الله تعالى علينا بها في هذا البلد الآمن الطاهر بفضل الله، ثم بتحقيق العقيدة وتحكيم الشريعة وإظهار شعائر الإسلام، ومنها شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فأغنانا الله بعد الفقر والعالة، وأتم لنا الأمن بعد الخوف والرعب وجمع كلمتنا على الحق والهدى وأسبغ علينا النعمة ظاهرة وباطنه، قال الله سبحانه (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم)، وقال سبحانه (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) قال ابن كثير: أي تفضل عليهم بالأمن والرخص، فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا؛ ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة، ومن عصاه سلبهما منه. فلنحافظ على هذه النعمة بشكرها على الوجه الذي يرضيه سبحانه بإقامة ما أوجب وفرض علينا واجتناب المعاصي والآثام والفتن، فإن الذنوب والمعاصي جلابة النقم، واستقرار النعمة مقرون بشكرها، والاستعاذة بالله تعالى من الفتن، والحذر من الخوض فيها والاستشراف لها ومن مكائد الأعداء وزخرف قولهم وتلبيس عبارتهم. إن السمع والطاعة لولي الأمر وطاعته في غير المعصية، والدعاء له وبذل النصيحة له ولزوم جماعة المسلمين أصل عظيم من أصول الشريعة ومقصد جليل من مقاصدها؛ لحفظ الأمن واستتبابه، وسد أبواب الفتن والمحن عن المجتمع المسلم، وقد تضافرت وتكاثرت في هذا نصوص الشريعة. وعليه فإن الانسياق وراء المظاهرات، والاغترار بعبارة الأعداء المزخرفة في تمجيدها معارض لهذا الأصل ومناف لهذا المقصد. إذ من شأنها إشعال نار الفتنة، وتمكين قدم العدو من بلاد أهل الإسلام ومقدساتهم. علي بن فهد بن عبد الله أبا بطين المدينة المنورة