الجميع متفق على جدوى نظام ساهر ونجاعته، بيد أن تطبيقه بهذه السرعة قد نشأ عنه العديد من السلبيات رغم أن وزارة الداخلية وهي تسعى إلى تحقيق الانضباط وتوفير السلامة لا تهتم بتحقيق مكاسب مادية من خلال استيفاء الغرامات المالية بقدر ما يهمها تحقيق الردع والانضباط وحفظ الأرواح والممتلكات، والإدارة العامة للمرور وهي المعنية بتطبيقه على أرض الواقع كان لا بد لها وهي تبدأ بالتنفيذ بتهيئة المواطنين وإعدادهم بشكل جيد ليصبحوا أكثر وعيا بمخاطر السرعة والعقاب، وبالتالي عدم ارتكاب المخالفة، فالمهم تحقيق السلامة والشارع الحكيم عندما شرع كثيرا من العقوبات والحدود وإنما جعلها زواجر وهو ما يلزم أن تكون هناك آليات يتحقق من خلالها الوعي وأن المسألة جدية، وقد أدى البدء برصد المخالفات دون مقدمات إلى وقوع أعداد كبيرة منهم يقدر بعشرات الألوف حتى أنهم في تزايد وفي ذلك محاذير اجتماعية، فقلة منهم قادر على تسديد الغرامة فورا، وأخرى وهم الغالبية عاجزة عن السداد، ذلك أن غالبية المركبات التي تجوب شوارعنا تتوزع قياداتها بين الأبناء والسائقين وهي مسجلة باسم الأب أو الكفيل، وهم غالبا من يتحمل تبعات سداد المخالفة المرتكبة ولا خيار، فمصالحهم متعطلة وخصوصا عند بدء تطبيق النظام ومن لا يبادر بالسداد تتضاعف الغرامة، الأمر الذي زاد من أحوال الكثيرين سوءا وأشاع نوعا من التذمر، فهناك من لا يجد قوت يومه، فضلا في أن يبادر في سداد المخالفة بعد مضاعفتها وأنا لا اعتبره مبررا لتعطيل المشروع ولكن الأمر يتطلب إعادة النظر ولا سيما أن كثيرا من «الشباب» ممن تقدم للالتحاق بالتجنيد من شروط القبول سداد رسوم المخالفات المتراكمة عليهم والتي ليست منها السرعة في غالبيتها وإنما هي مخالفات أخرى كتحميل الركاب بأجر، حيث يلجأ إليها كثير من الشباب للاسترزاق واتخاذها مهنة، وقد اقترحت سابقا تطبيق تداخل العقوبة لاستيفاء الرسوم لتحرير المخالفين من القيود التي تكبلهم حتى يتمكنوا من العمل، فغالبية من يتخلف عن السداد هو إما من الفقراء أو الشباب العاطل، والكثير من المخالفين أصبحت مخالفاتهم تتجاوز عشرات الألوف، ولذلك فإنني اقترح إعادة النظر في تسجيل المخالفات بأن تعد المخالفة للمرة الأولى إنذار وما تلاها يسدد بحده الأدنى دون تحديد مدة، واعتقد أن ذلك كافيا لتحقيق الردع على أن يعفى طالبو العمل في القطاع العام أو الخاص من شرط السداد قبل القبول بالوظيفة، فذلك ادعى بتحقيق الرضى واستيعاب الشباب في سوق العمل. اللواء م. محمد سعيد الحارثي مدير شرطة العاصمة المقدسة سابقا