وها مليكنا بمناسبة عودته من رحلته العلاجية يبادل شعبه حبا بحب، ووفاء بوفاء، فتهطل أياديه البيضاء خيرا مدرارا ليزيد فرحة أبنائه بشفائه فرحة، فيبشرهم بأكثر من (150 مليار ريال) دعما للشرائح الأكثر حاجة بين أبناء شعبه عبر صناديق ومؤسسات الدعم الاجتماعي المختلفة، حيث أعلن (حفظه الله) رفع رأسمال بنك التسليف إلى ثلاثين مليار ريال (ثمانية مليارات دولار)، وضخ أربعين مليار ريال ( 10.66 مليار دولار) في صندوق الإسكان، وإعفاء المقترضين من بنك التسليف من قسطين لمدة عامين وتثبيت بدل غلاء بنسبة 15 % في مرتبات موظفي الدولة، وحسب القرار الملكي ستمنح عشرة ملايين ريال (2.7 مليون دولار) لكل جمعية مهنية، وإعانة مالية للباحثين عن العمل لعام واحد، وتخصيص عشرة ملايين ريال (2.7 مليون دولار) لكل ناد أدبي. لم يكن الأمر كما ظللت أردد بمستغرب من قيادتنا الحكيمة، فقد ظل هذا هو نهج ولاة الأمر منذ تأسيس المملكة، إلا أن الذي يستحق الوقوف ويستدعي التساؤل هو كيف نستفيد من هذه الإمكانيات التي ترصد من أجل تحقيق التنمية الشاملة والرفاه بشكل كاف؟، فالبذل جد بسخاء، والإمكانيات جد كبيرة، ولكنها تحتاج، أيضا، إلى الإخلاص في تحمل المسؤولية، وإلى الإبداع في التخطيط وأسلوب العمل والتنفيذ. ويهمنا في حزمة المبادرة الملكية السخية والكريمة هذه، ما خصص منها لحل مشكلة الإسكان، لأن توفير المأوى الكريم للمواطن يعتبر هو حجر الأساس في استقرار الأسرة، وكما نرى فقد خصص خادم الحرمين الشريفين (أعزه الله) مبلغ (10.66 مليار دولار) لصندوق الإسكان، مع إعفاء المقترضين من بنك التسليف من قسطين لمدة عامين. كنت قبل أكثر من عقد من الآن قد طرحت اقتراحا لا أجد بأسا من إعادة طرحه. علنا لا زلنا نذكر جيدا أن سنوات الطفرة شهدت نموا متسارعا، وزيادة مطردة في إنشاء بنوك وصناديق الدعم الاجتماعي حيث أقيمت في جميع أرجاء المملكة أفرع لهذه المؤسسات، وكان ولاة الأمر أكثر الناس حماسة لأن يعم الخير جميع أفراد المجتمع السعودي أينما وجدوا، ولتحقيق هذا الهدف عمل ولاة الأمر على التوجيه بإنشاء البنوك والصناديق الإقراضية لسد وتلبية الحاجات الاجتماعية للفئات غير المقتدرة .. لنجد أن «بنك التسليف السعودي» قد خصص أغلب موارده للقروض الاجتماعية مثل الزواج وترميم المنازل والسلفيات للأسر لمواجهة الحاجات الضرورية، بينما تخصص «البنك الزراعي» في تمويل العمليات والمشاريع الزراعية عن طريق الإقراض والإعانات، وتوجه «صندوق التنمية العقاري» لإقراض العمليات العقارية، «وصندوق التنمية الصناعي» في مجال الصناعة بكل أنواعها ومستوياتها، وبنك الاستثمار لتمويل العمليات الاستثمارية عن طريق القروض، وقد روعي وضع ضوابط مرنة، وشروط ميسرة وسهلة، حتى يستفيد أكبر قطاع ممكن من المواطنين من هذه القروض. وقد لعبت هذه البنوك دورها الاجتماعي بشكل جيد، حين ساعدت الكثير من ذوي الحاجات في المجتمع على تسهيل أمور حياتهم، الأمر الذي ساعد على تغيير وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين وأحدث نقلة نوعية في المشهد المجتمعي. إلا أن الظروف تغيرت الآن على المستويين الداخلي والعالمي عما كانت عليه خلال سنوات الطفرة، وأصبح الاقتصاد السعودي يواجه تحديات نوعية جديدة، خاصة في ظل العولمة، مما يستلزم وضع استراتيجيات واضحة للقطاعات القابلة لأن تكون ذات قيمة مضافة تساعد على تحسين الوضع وامتصاص آثار هذه التحديات، الأمر الذي يستلزم تركيزا شديدا لكافة القوى الاقتصادية، والقطاعات المالية منها على وجه التحديد. وهذا ما سنناقشه في حديثنا الأسبوع المقبل بإذن الله. (*) أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة