انتقد ملاك مساكن ودور المعتمرين والزوار في المدينةالمنورة ما أطلقوا عليه «ازدواجية العمل»، بين لجنة الإسكان وفرق الهيئة العليا للسياحة، وألمحوا إلى أن غياب التنسيق بين الجهتين فرض على العديد من مستأجري مساكن العمرة تطبيق اشتراطات متنوعة ما أوقعهم في مشكلات وأزمات مع ملاك تلك البنايات الذين يرفضون تقليص مبلغ الإيجار بعد تحمل المستأجرين خسائر مالية كبيرة نظير تطبيق اشتراطات الجهتين الحكوميتين للحصول على تراخيص الإسكان. وأوضح أسامة عابد، الذي يعمل منذ سنوات في مجال إسكان الزوار والمعتمرين في المدينةالمنورة، أن كثيرا من العاملين في هذا الميدان فوجئوا بحزمة من الاشتراطات والإجراءات تطلب من الجهات المعنية في لجنة الإسكان، الدفاع المدني وأمانة المدينة تطبيقها بهدف رفع كفاءة وجودة المباني، غير أنهم اصطدموا بأن ذلك مرتبط بحصولهم على تراخيص الإسكان. يضيف عابد «من جملة الاشتراطات والمطلوبات مساواة الدور السكنية التي تقع خارج المنطقة المركزية بالفنادق التي تقع داخلها، لاسيما فنادق فئة الخمس وأربع نجوم، حيث تطالب تلك الاشتراطات بإنشاء سلالم طوارئ، وأنظمة رش تلقائي، وتركيب مضخات تصل قيمتها إلى 100 ألف ريال في المبنى الواحد، وتنفيذ تعديلات محورية على البناء للحصول على الترخيص». وإزاء ذلك، يقول عابد، «تكبد المستأجرون خسائر جسيمة ووقع كثير منهم في حرج بالغ ومشاكل مع مالكي البنايات الذين يرفضون تقليص مبلغ الإيجار، ويطلبون تكاليف الإصلاحات والتعديلات والتركيبات أو جزءا كبيرا منها». أزمة سلالم يستطرد أسامة عابد: لجنة الإسكان تنذر طالبي التراخيص بتقليص نسبة قاطني مساكنهم إلى 30 في المائة في حال عدم إنشاء سلم طوارئ في جانب المبنى من الجهة الخارجية وفقا لتقرير المكتب الهندسي، فيما لا تحتمل بعض المباني تطبيق مثل هذا الشرط من الناحية الإنشائية. مشيرا إلى أن أسعار إيجار مباني إسكان المعتمرين تختلف بحسب مواقعها، لكنها لا تقل عن ربع مليون ريال في العام، فيما تصل تكاليف تطبيق اشتراطات لجنة الإسكان إلى ما يوازي نصف المبلغ أو يزيد، وقد أحجم كثير ممن عملوا في هذا المجال عن العمل، وانتقلوا إلى مجالات أخرى. وألمح عابد إلى أن عددا من أصحاب المساكن تقدموا بشكاوى إلى إمارة المدينةالمنورة لتسهيل إجراءات الحصول على تراخيص إسكان المعتمرين. طلبات تعسفية يستمر العاملون في قطاعي العمرة والحج في توجيه انتقاداتهم لأمانة منطقة المدينةالمنورة، ويعزز متحدث آخر ما تناوله أسامة عابد، ويضيف «عند مراجعة الأمانة لاستكمال إجراءات الحصول على الترخيص نصطدم بطلبات وشروط تنجم عنها خسائر إضافية لتنفيذ تعديلات غير مهمة»، ويضرب مثالا بطلبات واشتراطات هيئة السياحة، حيث تصر على وجود دواليب وخزائن في الغرف وهو شرط صعب التطبيق، فمساحة الغرف في غالبية المباني المخصصة لإسكان المعتمرين صغيرة الحجم ولا تتحمل إنشاء دواليب وخزانات بالحجم الذي تحدده شروط لجان التفتيش. ومن الشروط الغريبة توفير أسرة خشبية بدلا عن الحديدية، وهذه المطلوبات غير مفروضة من لجنة إسكان الحجاج والمعتمرين، ووضعت أعباء إضافية ومبالغ طائلة على العاملين في هذا المجال، ويشير المتحدث إلى أن تلك الشروط يجب أن تطبق تدريجيا ولا تفرض في سنة واحدة على أصحاب المساكن ومستأجريها. معايير 6 جهات تزداد وتيرة ونشاط عمل لجنة الإسكان خلال موسم العمرة، حيث تبدأ استعداداتها مبكرا لاستقبال ما يقارب مليوني حاج خلال موسم الحج. واستهلت الجهات المختصة في المدينةالمنورة نشاطها منذ الشهر الماضي في منح تراخيص إسكان الحجاج لتمكين ملاك المساكن من تطبيق كافة الاشتراطات وفقا للائحة الجديدة التي أعلنتها وزارة الداخلية، والتي تهدف إلى الارتقاء بخدمات قطاع الإسكان وتحسينها، وفرض شروط لضمان إجراءات السلامة في المباني والدور السكنية، كما تركز على الرفع من مستوى الأمان داخل المنشآت السكنية التي يقطنها المعتمرون، والتوسع في تطبيق الاشتراطات الصحية وأنظمة السلامة والوقاية من الحرائق، وسلالم الطوارئ، إلى جانب متطلبات أخرى فرضتها الجهات المعنية في لجنة الإسكان، الشرطة، الدفاع المدني، الأمانة، المياه والكهرباء. وترصد لجان الكشف الميداني سواء خلال موسم العمرة أو الحج، عدة مخالفات منها تعمد بعض أصحاب المساكن إلى الاستفادة من مساحات في سطح المبنى لعمل إضافات في بناء المسكن أو غلق الشرفات وتحويلها إلى غرف في المباني المصرح بها، وتحرص لجان الكشف على التأكد من عدم وجود أي تسرب مائي من أسقف الغرف والبنايات أو هبوط وتصدعات في الأعمدة وانحناءات في الأسقف لمنح تراخيص الإسكان للمعتمرين. تقييم الأداء شرعت الإدارة العامة لخدمات المعتمرين في وزارة الحج في إجراء استطلاع واسع يهدف إلى تقييم أعمال موسم العمرة ورفع مستوى أداء العمل،, وطلبت الإدارة العامة لخدمات المعتمرين قبل بداية الموسم الحالي من كافة الجهات المرخص لها تقديم خدمات المعتمرين من الشركات والمؤسسات المتعاملة في خدمة المعتمرين إلى موافاتها بالسلبيات والإيجابيات والمقترحات التي تسهم في الرفع من مستوى أداء العمل، وتناول الاستطلاع عدة نقاط ومحاور، طلبت الوزارة تقييمها، ومن أبرزها تقييم دور الوزارة في متابعة ومراقبة شركات ومؤسسات العمرة من حيث أساليب العمل المتبعة ودور العاملين، والإجراءات التي تتخذها بشكل عام، كما شملت محاور الاستطلاع تقييم دور الجهات الحكومية ذات العلاقة بنشاطات العمرة، كما اشتمل الاستطلاع على تقييم وسائل النقل بما فيه النقل الجوي (خطوط الطيران) والنقل البحري والبري بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وكذلك ما يتعلق بإسكان المعتمرين واستئجار المساكن الحاصلة على تصريح حج، والخدمات المطلوبة للسكن من حراسات وعمال نظافة وعمالة نقل أمتعة المعتمرين، كما شمل الاستطلاع محور التوظيف من حيث اختيار الموظفين وضمان حقوقهم وتدريبهم في مجال عملهم في نشاط العمرة. إخلاء في 3 دقائق تضمنت اشتراطات السلامة في اللائحة شروطا خاصة بالمباني السكنية في المنطقة المركزية، ومنها عدم وجود منشأة خطرة ملاصقة للمبنى مثل محال الغاز، محطات الوقود، ومن الشروط سهولة وصول آليات الدفاع المدني إلى المبنى ووجود سلمين على الأقل متباعدين تؤدي إلى موقع آمن لاستخدامها في حالات الطوارئ والحريق، بحيث لا يقل عرض المخرج عن متر واحد وطريق النجاة 130 سم إلى جانب توفير مراوح دفع الهواء وأبواب مقاومة ومانعة لتسرب الدخان بحيث يتم ربط المراوح بمصدر كهربائي وتركيب أنظمة إنذار، كما تركزت الاشتراطات على تحديد طاقة المبنى الاستيعابية بما يسمح بإخلاء المبنى خلال (3) دقائق في الحالات الطارئة، وأن يتوافر في سطح المبنى مساحة خالية لا تقل عن 50 في المائة من مساحة المبنى، فيما تلزم اللجنة بأن لا تقل المساحة المخصصة لكل حاج في الغرفة عن 4 أمتار، وأن لا تشكل وسائل الحماية على النوافذ أي عائق في عمليات الإطفاء والإنقاذ. كما ألزمت اللجنة أصحاب الدور السكنية بتوفير نظام الرش التلقائي للمباني التي تزيد طاقتها الاستيعابية عن 250 شخصا أو يزيد ارتفاعها عن 7 أدوار، مع توفير طفاية حريق لكل 100م2، وتزويد الغرف بنظام إخماد آلي مربوط بالإنذار وطفايات حريق، وأن تتوافر في مواقد الطبخ خاصية منع تسرب الغاز، كما ألزمت اللجنة كافة أصحاب الدور التي تزيد طاقتها الاستيعابية عن 300 شخص بإبرام عقود صيانة دورية لجميع وسائل السلامة والإطفاء والمصاعد مع شركات متخصصة ومعتمدة من قبل الدفاع المدني، وكذلك توفير رجل سلامة ذي خبرة لا تقل عن 3 سنوات في أعمال السلامة والإطفاء والإنقاذ. أصناف المخالفات لجان الكشف رصدت العام الماضي عدة مخالفات، وبحسب مصادر «عكاظ»، فقد فرضت غرامات مالية على أصحاب المساكن المخالفة تزيد عن مليوني ريال، وأظهرت جولات تفتيشية عدم التزام أصحاب المباني المرخصة بتوفير خزائن حفظ الأمانات، وعدم التقيد بشرط وضع لوحة على أبواب الغرف موضحا بها رقم الغرفة باللغتين العربية والإنجليزية والعدد المصرح إسكانه في كل غرفة، ومن المخالفات المرصودة عدم توفير برادات مياه بالقدر الكافي في بعض المباني، وكذلك مخالفات تتعلق بتوفير لوحات إرشادية تتضمن أرقام الطوارئ بلغات مختلفة، كما ألزمت الشروط بتعاقد القائمين على مساكن المعتمرين والحجاج مع متعهد لسحب مياه الصرف الصحي في حال عدم ارتباط المبنى المرخص له بشبكة الصرف الصحي، وتوحيد زي العاملين في الدار السكني، وإبرام عقود تشغيل وصيانة مع مؤسسات متخصصة للمباني التي تزيد طاقتها الاستيعابية عن 500 شخص. ودافع مدير عام الدفاع المدني في المنطقة العميد زهير أحمد سيبيه عن الضوابط التي فرضتها إدارته، وقال إن فنادق المنطقة المركزية تطبق أعلى معايير السلامة على مستوى العالم، ما يتعلق بأنظمة الكشف عن الحرائق ومكافحتها. وأشار إلى أن حدوث بعض حالات السقوط من شرفات الفنادق لمعتمرين أو قاطني المركزية تعد نادرة. مبينا أن إدارته تلزم الفنادق ودور الإسكان بتركيب نوافذ للوقاية من خطر سقوط الأطفال من النوافذ. أفغان وبنجلاديشيون من جانبهم، شكا عاملون في قطاع إسكان الزوار والمعتمرين من استئثار وافدين بنصيب معتبر من السوق، حيث تمارس أنشطتها في الخفاء عن طريق التحايل والاستفادة من تساهل مواطنين يتقاضون مبالغ مقابل عملهم كمعقبين لدى الجهات الحكومية، حيث يقدمون أنفسهم على أنهم مستأجرون لتلك المساكن فيما يتولى إدارتها وافدون من دول آسيوية، وأشار أحد المتحدثين إلى أن تنافسا محموما ظهر خلال العامين الماضيين بين العمالة الأفغانية والبنجالية للفوز بحصص أكبر في قطاع إسكان المعتمرين. وهاتفت «عكاظ» مدير لجنة مكافحة التستر في قطاع الإسكان في فرع وزارة الحج أحمد هايل للتحقق من الملاحظة ودور اللجنة في التصدي لتلك الممارسات إلا أنه لم يجب على اتصالات الصحيفة. لكن أحمد عبد الهادي، العامل في قطاع الإسكان أشار إلى أن العناصر الوافدة التي تعمل في قطاع إسكان المعتمرين والزوار تقوض كثيرا من الجهود التي تبذلها وزارة الحج والجهات الرسمية، حيث تكشف المباني التي يديرها أجانب في الخفاء تدني مستوى الخدمات المقدمة للمعتمرين. وكانت لجان المراقبة والمتابعة في الإدارة العامة لشؤون المعتمرين بدأت أخيرا في إجراءات للكشف على مكاتب شركات ومؤسسات العمرة في كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورةوجدة، لتقييم مستوى التجهيزات والأداء خلال الموسم، وحصلت «عكاظ» على نسخة من خطاب بعث إلى كافة الشركات والمؤسسات العاملة في خدمات العمرة، يلزمها بتسهيل مهمات فرق الكشف، والتقيد بأنظمة وتعليمات الوزارة للرفع من مستوى الخدمات.