بالأمس كان الحديث عن أرقام فلكية لصفقات انتقال لاعبي كرة القدم ضربا من الخيال، أما اليوم فأصبحنا نعد كم سيكون الرقم على يسار الأصفار الستة، ومع ارتفاع حمى كرة القدم التي أصبحت ماء وهواء الشارع السعودي، تتصاعد معها في خط متواز بورصة أسعار اللاعبين وازدياد عدد وسائل الإعلام المواكبة للحراك الرياضي. أما البورصة التي أود الحديث عنها فهي للاعبين مختلفين لا يجلبون النجاح بأقدامهم بل بعقولهم، إنه الجيل الجديد من الشبان السعوديين المحترفين في مواقع العمل خصوصا القياديين الذي أصبحت الشركات العالمية في منطقة الشرق الأوسط تتهافت عليهم حتى أصبحوا عملة نادرة تجدهم في فنادق دبي وأبو ظبي أو الدوحة الفخمة إما لعقد صفقات أو للحديث في المنتديات والمؤتمرات العالمية عن تجاربهم. اليوم تحديدا أصبحت القيادات السعودية الشابة من أكثر الكفاءات طلبا في السوق، والسؤال الذي يدور في ذهن من يراقب هذا الحراك: أين هؤلاء الشبان من قيادة المواقع الحكومية التنفيذية في فروع الوزارات وشركات الدولة والأجهزة التطويرية التي تحاول الخروج بمؤسسات الدولة من جلباب البيروقراطية؟ ولماذا أيضا لم يمكنوا من مواقع قيادية عليا في الأجهزة أو المؤسسات التي كانوا يعملون فيها داخل البلاد؟. والإجابة واضحة لمن يعرف تفاصيل أجواء العمل داخل البلاد: إما أن إدارة المكان ترى أنه مازال صغيرا ويعامل على طريقة «ورع متهور ومتفلسف»، أو «المناصب بالأقدمية»، وهكذا كلما نبت غصن جديد يود أن يرتقي إلى السماء وجد فرعا يابسا قديما يهوي عليه ليخرجه من الشجرة الكبيرة. إن معظم القياديين الشباب اليوم هم إما نتاج برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي أو الشركات الوطنية، وحتى الجامعات والمؤسسات شبه الحكومية امتلكوا الموهبة وحاولوا البحث عن منافذ للنور كي ينموا داخل بيوتهم الأولى إلا أنهم لم يستطيعوا، وغيرهم سيأتي ويرحل مادامت هذه السياسة وعقلية التفكير «معشعشة» داخل مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية، غير مدركين بأن المستقبل بكل ما تعنيه الكلمة للشبان ولا أحد غير الشبان: كوادر مؤهلين قياديين وفرق عمل. ويكمن الخوف الحقيقي من أن طريقة التعاطي مع الكوادر المؤهلة التي سيتلقفها سوق العمل خلال العام الجاري والسنوات المقبلة، ستحدث نوعا من الخلل بين خطط الدولة في تقديم عقول وأيدي عاملة درست وتدربت في جامعات على امتداد الكرة الأرضية من اليابان حتى الولاياتالمتحدة، ومؤسسات مازالت تسير في مكانها منذ أعوام دون تنظيم لهياكلها الإدارية وثقافة العمل وتقديم المنتج للمستفيد، وستتحول إلى بيئة عمل طاردة تدفع بالشاب السعودي إلى البحث عن مكان يستقبل إمكاناته ومواهبه، فالسعوديون اليوم بشهادات الخبراء في كثير من المحافل أصبح بينهم خارقون أدهشوا العالم بقدراتهم العقلية والعملية أمثال مدير تطوير الأعمال في شركة قوقل عبد الرحمن طرابزوني خريج معهد MIT، أو معهد المحظوظين على مستوى العالم كما يحب أن يسميه أساتذة الإدارة وتقنية المعلومات، وبدر البدر مدير شركة سيسكو العالمية في المملكة، وأسماء كثيرة تثير الدهشة منجزاتها وقدراتها. رسالة: الوطن أحق بأبنائه الشباب المحترفين الجادين هم من سيرتقون بالبلاد. أفسحوا المجال دعوهم يبدعون. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 261 مسافة ثم الرسالة