أثبتت أحداث معرض الرياض الدولي للكتاب أن وضعنا الثقافي في حالة نكوص أو انكماش مقابل تيارات أخرى معتنقوها في تمدد ليس في العدد فحسب بل وفي نسبة اتساع المساحة التي استولوا عليها عنوة فكانت نقطة الانطلاق لغزواتهم العنترية والتي شحذوا الهمم فيها محاربين للفكر وأهله. ولن نقول إن المعركة ليست متكافئة في العدد والعدة بل بعيدة عن التحضر والرقي الذي يفترض أن الإنسان وصله في عصر العولمة والانفتاح على ثقافات الشعوب ولم يعد البدائي المتوحش الذي يخاف الضوء والحركة فيستنفر بغوغائية قاذفا ما حوله بيده ولسانه، وهؤلاء ليسوا بدائيي الفكر بل وأيضا مرضى بفكرة احتكار عقول الناس والتحكم في طريقة تفكيرهم ونمط عيشهم. وهم يكرسون عدائيتهم للثقافة والمثقفين بهذه الصورة المزعجة خوفا أن يغلب الوعي جهلهم ويكشف زيف ادعائهم بأحقية الوصاية على العباد وحماية المجتمعات من حملات التغريب وتفشي السفور كما يدعون دائما. والحقيقة أن ما يقومون به هي محاولات يائسة للفت الأنظار بعدما فقدوا البريق والوهج الإعلامي الذي رافقهم مدة طويلة لذا يعتبرون المثقفين هم الأعداء الذين سلبوهم الأضواء، وما حصل ببساطة هو أن بضاعتهم كسدت وانكشفت عيبوها. لا شك أن المعرض يعد تظاهرة ثقافية رائعة بات المثقفون وغيرهم ينتظرونها بشوق لكن لابد من خطوات جادة في حماية ضيوفه ومرتاديه من همجية الاحتساب والتدخل السافر في قناعات الجمهور واختياراته، يجب أن نعي وهم كذلك أن الأمس غير اليوم وما كنت قادرا على منعه أو حجبه سابقا لن تستطيع الآن في ظل الفضاء الرحب ووسائل التواصل المباشرة في جميع بقاع الدنيا. والرقابة إن لم تكن ذاتية تنبع من قناعات الفرد فلن يستطيع أحد فرضها بالقوة بل نتائجها عكسية تدفع الآخر للبحث بإلحاح عن ما حجب عنه خصوصا ما يتعلق بأوعية المعرفة من إصدارات أدبية ونحوها. ولابد وهو المهم أن نتعلم كيف نقدم حسن الظن عوضا عن إثارة الشك والريبة ونسلم بالاختلاف دون أن نصر على عملية التناسخ وأن نشبه بعضنا في كل شيء وقبل ذلك نعيد للمثقف والأديب من الجنسين في مجتمعنا هيبته واحترامه وحريته في ممارسة نشاطه التنويري والذي يدعم جهد الدولة في بناء العقول بالحب والتفاؤل وليس الكراهية والسخط لقيم الجمال في حياتنا. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 2841556 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]