كانت الجدة عاقبة، التي يسميها أهل حيها العاصفة، ولا يجهرون بذلك الاسم أبدا، مبتهجة بشدة في ذلك اليوم، فقد استطاعت ولأول مرة منذ ثلاثين عاما، أن تأكل اللحم يابسا بلا مشاكل، وتهرس بعض العظام الصغيرة وتبتلعها، بعد أن حصلت على طقم أسنان جديد وناصع، من طبيب أسنان من أهل الخير، كان معتادا أن يمنح مثل تلك الهدايا العينية لبعض المرضى من حين لآخر. وزارها في أول الصباح، فوج من طلاب كلية الطب، كانوا يطرقون أبواب البيوت في الأحياء التي يظنون أنها تفتقر للرعاية الصحية المناسبة، ويسكنها مواطنون ربما لم يروا طبيبا أبدا في حياتهم، يتمرنون على قياس ضغط الدم، ومعدل السكر في البلازما، ويمكن أن يفرقوا بسهولة، بين الهالات السوداء حول العين الناتجة عن إرهاق، وتلك التي هي علامة على مرض داخلي خطير. تناوبوا فحصها، وأخبروها بابتسامات ومداعبات وقبلات على الرأس العجوز، بأنها امرأة شابة، لا تحمل أي مرض عضال في جسدها، وذلك الانتفاخ المتكرر الذي تحس به في جانب بطنها الأيسر، مجرد رياح هضمية بلا أهمية، ناتجة من سوء فهم غير متعمد من جانبها، لمعنى التغذية، وفي النهاية نصحوها بضرورة أن تبدو مبتسمة دائما، وأن تحرك ركبتيها أكثر من المعتاد، حتى يختفي عنهما التيبس نهائيا. مبتهجة، وتحاول التفاعل مع أغنية حديثة واسعة الانتشار، ولا تستجيب الأغنية لذوقها الذي تعود على أغنيات رحلت منذ زمن بعيد، وكانت قد صبغت شعرها جيدا، وترتدي قميصا أحمر ضيقا عند الخصر، استعارته من طالبة جامعية تسكن في الجوار، وفي نيتها ألا ترده إلى صاحبته أبدا. وحين زارها حلم يقظة مباغت، أعادها إلى أيام أن كانت عروسا، محناة اليدين والقدمين، ومجهزة للقاء ليلة العمر، لم تطرده، جعلته ينساب بها ناعما سلسا حتى سرير السعادة الذي ما عاد ممتلئا سعادة. شاهدها قسم السيد، في تلك الفوضى الأخاذة، بعد أن عاد من مهمته التي أكمل جزءها الأول، ولم يستغرب، وما ترك له التعب ذهنا صافيا، يمتص الغرائب، ويستغرب لها، وشاهدته، وكان من المفترض أن تسأله عن غيابه، وأين فسق بليلته؟ ومع من كان؟ ولم تسأله، وبدت اللحظة في مجملها، واحدة من لحظات البيت النادرة، التي لا تتكرر كثيرا. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة