• رغم أن طفلي لم يبلغ الخامسة من عمره، إلا أنه يتصرف تصرفات تتجاوز عمره وأكثر ما يمكن وصفها أنها تصرفات غير مقبولة ولا نريد أن ينشأ عليها، فكلما غضب أو لم ينفذ له أمرا، يثور ويغضب ويرمي الأشياء وقد يكسرها، ويتحول إلى شخص عدواني ودائما يتمنى أن أموت مع والده،كل ذلك بسبب عدم تنفيذنا لمطلب من مطالبه، فهل السبب نقص في الحب العائلي؟ وكيف أتعامل معه في هذا الموقف؟ أم رجاء جدة الواضح أن طفلك قد حصل على تدليل منك ومن والده وبشكل كبير، والمقصود بالتدليل هنا تلبية كل ما يطلبه منكم، أو أنكم تعيشون مع أو بقرب أحد أجداده الذين يلبون له مطالبه كلها، بحيث إنه نشأ وهو يعيش في ظل أجواء لا يسمع فيها كلمة (لا) كثيرا أو بالكاد يسمعها، في مثل هذه الحالة يكبر الطفل وهو يعتقد أن من حقه أن ينفذ له كل ما يريد، وحين يجري مقارنات بينكما وبين من يلبي له طلباته إن كانا الجدين، أو حين يقارن بينكما وأنتما تلبيان مطالبه وتنفذان له ما يريد وبين حالكما وأنتما لا تلبيان له ما يريد يجد الفارق كبيرا بين الوضعين، وعندها يبدأ بالشعور بالإحباط وتظهر لديه هذه الاتجاهات العدوانية التي يعبر عنها بعبارات الدعاء بالموت على من لا يلبي له ما يريد، وحل المشكلة سهل، ولكنه يتطلب بعضا من الجهد المتمثل في الثبات على الموقف المحدد، فمثلا إذا رغبتما في تدريبه على الوضع الجديد المتمثل في عدم تنفيذ كل طلباته فعليكما أن تثبتا على ذلك، وسوف يعتاد ذلك حين يعرف القوانين الجديدة وهي القوانين التي تحدد له ما يمكن تنفيذه وتلك التي لا يمكن تنفيذها، ويفضل أن يفهم سبب عدم تنفيذ بعض هذه المطالب، كأن تمنعان عنه مثلا أكل الحلويات قبل النوم، أو تمنعانه من الجري في البيت حرصا على عدم إزعاج الجيران الذين يسكنون أسفل منكما، وهكذا... وحين تحددان الممنوعات فينبغي أن يعرف أنها ممنوعات دائما كأن يمنع عليه الجري في البيت مهما كان الوضع، لأن الجيران موجودون أسفل منكم بصفة دائمة، وحين تسمحان له بالجري في حديقة بيت جده مثلا فينبغي أن يعرف أن الجري هناك مسموح؛ لأنه لا يوجد أحد يسكن تحت الحديقة، وبالتالي فمنعكما له من الجري في البيت مبني على منطق وحجة مقبولة، لذا لا ينبغي أن تصدرا ممنوعات بدون إبداء الأسباب ما أمكن، وحين تحددان هذه الممنوعات والقوانين المبررة والمنطقية وتثبتان عليها فإنه سيستجيب لكما كلما ثبتم على ذلك، أما عن دعائه عليكم فيمكن أن توضحا له عدم قبولكم لما يقوله، وأن تسألوه هل تقبل منا أن ندعو عليك إذا لم تنفذ لنا ما نريد، أو حين نتضايق منك؟ وهكذا فإنه سينضج ويتعدل سلوكه مع الزمن وشرط نجاح مثل هذه الأساليب في التربية أن تشتمل على الثبات والحب.