إن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولي التي يترعرع فيها الطفل ، بعدها يلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل ولكن تتشكل شخصيته خلال السنوات الأولى في الأسرة لذا كان من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل وتجعل منه شابا واثقا من نفسه صاحب شخصية قوية وفاعلة. ولكن للأسف قد تظهر أساليب خاطئة في تربية الطفل إما لجهل الوالدين أو لأتباع أسلوب الآباء والأمهات . وسيكون الحديث عن بعض هذه الأساليب وعن آثرها على شخصية الطفل وهي : التسلط أو السيطرة وهو تحكم الأب أو الأم في نشاط الطفل والوقوف أمام رغباته التلقائية ومنعه من القيام بسلوك معين لتحقيق رغباته التي يريدها حتى ولو كانت مشروعة أو الزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحيانا وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات ونتيجة لذلك ينشأ الطفل ولديه ميل شديد للخضوع واتباع الآخرين لا يستطيع أن يبدع أو أن يفكر وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة . وتتكوين شخصية قلقة خائفة دائما من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة . وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وشعور دائم بالتقصير وعدم الانجاز . الحماية الزائدة وهو قيام أحد الوالدين أو كلاهما نيابة عن الطفل بالمسؤوليات التي يفترض أن يقوم بها الطفل وحده ، حيث يحرص الوالدان أو أحدهما على حماية الطفل والتدخل في شؤونه فلا يتاح له فرصة اتخاذ قراره بنفسه وعدم إعطاءه حرية التصرف في كثير من أموره . ويرجع ذلك بسبب خوف الوالدين على الطفل لاسيما إذا كان الطفل الأول أو الوحيد أو كان ولد وسط عديد من البنات أو العكس . وهذا الأسلوب يؤثر سلباً على نفسية الطفل وعلى شخصيته ، فينمو بشخصية ضعيفة يعتمد على الغير في أداء واجباته الشخصية وعدم قدرته على تحمل المسؤولية . وهذا الطفل تحصل له مشاكل في عدم التكيف مستقبلا بسبب حرمانه من إشباع حاجته للاستقلال في طفولته. الإهمال وهو أن يترك الوالدين الطفل دون تشجيع على سلوك مرغوب فيه أو الاستجابة له وتركه دون محاسبته على قيامه بسلوك غير مرغوب وقد ينتهج الوالدين أو أحدهما هذا الأسلوب بسبب الانشغال الدائم عن الأبناء وإهمالهم المستمر لهم . ومن النتائج المتوقعة لهذا الأسلوب في التربية ظهور بعض الاضطرابات السلوكية لدى الطفل كالعدوان والعنف أو الاعتداء على الآخرين أو العناد أو السرقة أو إصابة الطفل بالتبلد الانفعالي وعدم الاكتراث بالأوامر والنواهي التي يصدرها الوالدين. التدليل وهو أن نشجع الطفل على تحقيق معظم رغباته كما يريد وعدم توجيهه وعدم كفه عن ممارسة بعض السلوكيات الغير مقبولة سواء دينيا أو خلقيا او اجتماعيا والتساهل معه في ذلك. ولتلك المعاملة مع الطفل آثار على شخصيته إذ ينشأ الطفل لا يعتمد على نفسه وغير قادر على تحمل المسؤولية ويكون دائماً بحاجة لمساندة الآخرين ومعونتهم ، كما يتعود على أن يأخذ ً ولا يعطي وأن يلبي الآخرون طلباته وان لم يفعلوا ذلك يغضب ويعتقد أنهم أعداء له . ويكون مستهتراً نتيجة غمره بالحب دون توجيه . إثارة الألم النفسي وهو إشعار الطفل بالذنب كلما أتى سلوكاً غير مرغوب فيه أو كلما عبر عن رغبة سيئة ،و أيضا تحقير الطفل والتقليل من شأنه والبحث عن أخطائه ونقد سلوكه دائماً . مما يفقد الطفل ثقته بنفسه فيكون متردداً عند القيام بأي عمل خوفا من حرمانه من رضا الكبار وحبهم ، وعندما يكبر يكون شخصية انقيادية منطوية غير واثق من نفسه يوجه عدوانه لذاته ، ولا يشعر بالأمان ويتوقع الأنظار دائماً موجهة إليه فيخاف كثيراً. التفرقة وهو عدم المساواة بين الأبناء جميعاً ، والتفضيل بينهم بسبب الجنس أو ترتيب المولود أو السن أو غيرها ، فنجد بعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث أو تفضيل الأصغر على الأكبر أو بسبب أن الابن متفوق أو جميل أو ذكي وغيرها من أساليب خاطئة . وهذا بلا شك يؤثر على الأبناء الآخرين فيشعرون بالحقد وبالحسد تجاه هذا المفضل ، وينتج عنه شخصية أنانية يتعود الطفل أن يأخذ دون أن يعطي ، ويحب أن يستحوذ على كل شيء لنفسه حتى ولو على حساب الآخرين ، وينتج عنه شخصية تعرف مالها ولا تعرف ما عليها تعرف حقوقها ولا تعرف واجباتها . بعد عرض هذه الأساليب الخاطئة يتضح جزء من المسؤولية الموكلة بالأسرة والتي من شأنها أن تهيئة الأبناء لخوض المجال التعليمي والتربوي بصورة صحيحة وبسلوك قويم ، ليكتمل بناء المجتمع بصورة أفضل . والله من وراء القصد . فهد حماد التميمي إدارة التربية والتعليم بالخرج وحدة الخدمات الإرشادية