شهد الملتقى يومه الأخير أمس ثلاث جلسات: «الإعلام المتخصص والسياسة الإعلامية» رأسها مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس فريق التحكيم السعودي الأمير بندر بن سلمان بن محمد، «القضاة والمحامون والإعلام والثقافة» رأسها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس المجموعة السعودية للأبحاث والنشر، و«تجربة المتحدث الرسمي في الأجهزة الحكومية» رأسها الدكتور عبدالرحمن بن سلامة المزيني عميد المعهد العالي للقضاء. ودعا الأمير بندر بن سلمان الأجهزة الحكومية الاهتمام بالإعلام وإعطائه المعلومة الصحيحة، مؤكدا أن إعلامنا متقدم جدا عن بقية الإعلام العربي، وحكومة المملكة حريصة على الشفافية وإطلاع الجميع على ما يدور، ويتم ذلك من خلال الإعلام، ولذلك لا بد من الحرص على أخذ المعلومة من مصادرها، ونقلها دون تحريف. الرسالة الإعلامية من جانبه، طالب القاضي في وزارة العدل الدكتور علي بن راشد الدبيان إعطاء الرسالة الإعلامية مساحة للتعبير عن وجهات النظر الرقابية في الجوانب التي تمس مجريات العدالة ومسار القضاء في سلطته على الأحكام والقضايا؛ شريطة أن يكون لتلك الرسالة في دورها الرقابي هدف صحيح، يطرح بتجرد وموضوعية لبلوغ الأكمل والأفضل، ما دام الطرح لا يمس جوهر المحاكمات والقضايا، ولا يؤثر على مسار العدالة وينجرف بها، وهو من التعاون المثمر والبناء في تصحيح المشكلات ومعالجة الأخطاء. وأكد أن الرسالة الإعلامية إذا أديت في الدور الرقابي بمنهج ملتزم بالسياسة الإعلامية، فإننا نضمن مصداقيتها وثقة الجمهور بها، وأما إذا اختل التزام الرسالة الإعلامية في دورها الرقابي بأحكام وحدود وضوابط سياستنا الإعلامية، فإن حالة من الفوضى والطرح اللا مسؤول ستعم المجتمع، وسيحصل تجاوزات وعدوان على أفراد المجتمع ومؤسساته، وسيتم توظيف الدور الرقابي في الرسالة الإعلامية لأهداف رخيصة، ومصالح دونية تفكك المجتمع، وتفسد تعايشه السلمي القائم على التكافل والتآزر والمحبة. السياسة الإعلامية وفي السياق ذاته، قال وكيل وزارة العدل لشؤون التوثيق الدكتور طارق العمر، بالنظر إلى أبرز المبادئ والاهتمامات الواردة في السياسة الإعلامية نجد أن أبرز ملامحها إلى وجوب التزام وسائل الإعلام بالشريعة الإسلامية في كل ما يصدر عنها، والنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين، والمحافظة على المصالح العليا للمملكة، وعلى الحقوق العامة والخاصة والحرية الإعلامية. وتحدث عن التنافس بين الصحف الورقية والإلكترونية، موضحا أن لكل منهما محبيها ومريديها، وفي الوقت ذاته طالب القائمين على المؤسسات الصحافية الورقية أن يراهنوا على المادة الممتعة المكثفة القريبة من اهتمامات الجمهور، وعلى الخدمات المعلوماتية، وأن يعي القائمون على تلك الصحف الدور الكبير الذي يجب أن تقوم به المؤسسة الإعلامية؛ لتكون ذات فائدة ونفع للمجتمع، وذلك بإضفاء رقابة الجمهور على القطاعات ذات النفع العام وأنشطتها المختلفة. استقلالية الإعلام أما رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث الإعلامية الدكتور فهد العرابي الحارثي، فأوضح أن الدساتير في الدول المتحضرة تلح على احترام استقلالية الإعلام وحريته، فتمنع التأثير عليه أو عرقلته عن بلوغ أهدافه، فهو يقوم بدور المراقبة وفضح الأخطاء والتجاوزات. وأشار إلى «أننا أمام مستوى واضح من مستويات الانسجام في الأهداف، ولكن هنا أيضا تكون منطقة الاحتكاك والمماحكة والمجاكرة، واستعراض القوة أحيانا، أو ربما التصادم بين القضاء والإعلام». وأوضح أن هناك خلافا واضحا بين المؤسستين (القضائية والإعلامية) في مقاربة القضايا المنظورة والمشكلات المطروحة، والتعامل معها، فالقضاء ينظر إلى مقاربات الإعلام ومعالجاته على أنه أقل صرامة وانضباطا من مقارباته ومعالجاته، «فحدود الإعلامي هي نظرته الفردية المجردة أي النظرة ذات الثقافة الحقوقية القانونية الملتبسة غالبا، ما لا يكفل سلامة النتائج وصحتها». وبين أن من أهم المشكلات التي تسهم في قطع سبل التفاهم بين القضاء والإعلام، عندما يشعر القضاء بأن الإعلام قد مضى إلى نقطة أبعد مما ينبغي في معالجاته، «الإعلام لا يقبل من القضاء تقاعسه، وإذا حصل وهو يتابعه ويراقبه ويوجه إليه اللوم، كما أن القضاء يرفض أن يشهر الإعلام أسلحته في وجهه، وبالقدر الذي يتضايق فيه الإعلام من تقاعس محتمل للقضاء فإن القضاء لا يقبل أن يشعر لأنه واقع تحت ضغوط الإعلام، وبعد صدور الأحكام قد تقوم وسائل الإعلام بتعبئة الرأي العام سلبا، وذلك بالتشكيك في الأحكام وفي إجراءاته أو حتى في نزاهة القاضي».