عزمت ألا أكتب في هذا الأسبوع غير عن المواطن عبد العزيز الذي من الممكن أن تكون أنت أو أنا أوغيرنا من السعوديين في مكانه، أمام إجراءات لا بد من إعادة النظر فيها، لصالح الوطن وعلاقته بالناس. لكنني اليوم أعيش حالة اختطاف مباغت، فقد اختطفت سمعي وبصري وفكري صورة رأيتها على الشاشة التلفزيونية رؤيا العين وليست رؤى الأحلام لا أحلام المنام.. ولا أحلام اليقظة!! في الصورة ظهر الشيخ الداعية يوسف القرضاوي.. هل تعرفونه؟!! بالطبع، وهل يخفى القمر.. هكذا سوف تردون بصوت واحد، فالرجل من مشاهير العصر، وكلنا نعرفه وله الفخر بهذه الجماهيرية العريضة التي تعرف عنه أنه ترك القاهرة منذ زمن وعاش في الدوحة، داعية وعالما متبحرا في الفقه والفتوى، حتى صار المفتي في قطر وأصله من مصر!! في الأيام الماضية غلبت «مصريته» وتفوقت على «قطريته»، حين مرت الأحداث الهائجة بمصر العزيزة!! فانطلق يؤجج الثائرين، وينصحهم بالمزيد من الثورة والغضب وإعلان العصيان المدني، وهو جالس في دوحة قطر تحت ظلها في أمان وسلام يحيطه الخدم والحشم، أي عيشته تتميز بالرفاه والرخاء، في حين أن الجالسين في اعتصامهم في ميدان التحرير من المصريين الشرفاء كان وراء خروج معظمهم إلى الميدان البحث عن لقمة العيش وإطعام الأفواه الجائعة ومنع ضيق اليد من خنق الروح، حتى سميت ثورتهم: ثورة الجائعين!! أو ثورة الجياع.. أو ثورة الخبر... فما «للقرضاوي» الشبعان والمترف وثورة الجياع؟! وما له وما لثورة الخبز، وهو لا يشكو اختفاء الخبز عن حياته!! الثوار كانوا يشكون سوء الحال الواقف، فلا مكرمة مالية يرجون، ولا إنعام من ولي نعمة ينتظرون؟! فمم يشكو القرضاوي سلمه الله؟ لا تقولوا إنها المبادئ.. لأن المبادئ ليست مواسم!! ولا هي تنام طويلا ثم تستيقط فجأة!! والمبادئ نفسها إذا وجدت يزول الفارق بين من يشقى ومن ينعم، لكن الفارق موجود ومشهود في علاقة القرضاوي بالمصريين الثائرين! فهو ليس من أصحاب المبادرات في مساعدة بني قومه وعلى أرضه! فلم نسمع عن هداياه لهم، سواء كانت تبرعات نقدية أو عينية! ولم نسمع عن مساهمات له في الحد من فقر الفقراء المعدمين! وليس له أدنى دور في تأمين ولو إسكان شعبي للباحثين عن الإيواء في المحروسة فلم يجدوا المأوى غير في القبور والمدافن!! ثم فجأة وجدناه بشحمه ولحمه في مصر واقفا يخطب على المنبر، وقد خطف خطبة الجمعة الحاسمة من علماء مصر وثوارها المخلصين!! وقاد الحشود في الصلاة وكأنما مصر الكبيرة قد خلت ولن تصلي الجمعة لو لم يأتها القرضاوي منقذا!! هو لم يحضر رعاه لله أيام العذاب والاعتصام والهياج، وأيام الضرب والرصاص المطاطي وخراطيم المياه وأخفاف الجمال وصهيل الأحصنة!! إنما وصل مصر بعد زوال الغمة في الميدان وبعد انتهاء الأزمة!! وكان من أسوأ المشاهد على مسلم نقي الإيمان أن يقف من يقال عنه الداعية المفكر الجليل وحوله جموع أفراد يمدون أياديهم إليه، يحاولون تقبيله على الرأس والكتف واليد وفي أي مكان من جسده، وهو مستسلم لحالة استمتاع بنصر لم يصنعه، إنما يقطف ثماره. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة