بين ل«عكاظ» مدير المراكز الإسلامية في إسبانيا وفنزويلا سابقا الدكتور محمد علي بخاري، أن العمل الدعوي في الخارج ارتجالي وقائم على الاجتهادات الفردية، مرجعا ذلك لعدم وجود استراتيجية واضحة للعمل الإسلامي في الخارج. مفيدا أن الميزانيات المرصودة ضعيفة ولا تكفي إلا للأمور التشغيلية، موضحا أن كثيرا من المراكز عاجزة عن إقامة دورات ومناشط للمسلمين الجدد مما يجعلها عرضة للإهمال، مبينا أن الكثيرين منهم يتعرضون لتغيير مذهبهم من قبل أناس مدعومين ومنحرفين عقائديا. وأشار بخاري إلى أن العمل الإسلامي يعتبر أكثر تنظيما ودعما في أوروبا منه في أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي، ولفت إلى أنه يوجد ثلاثة ملايين مسلم في 12 دولة مهمشون ولا يشعرون بقيمتهم كمسلمين بسبب عدم وجود مراكز إسلامية هناك وعدم تواصل الدول والجميعات الإسلامية معهم. وشدد بخاري على أن المسلمين يهدفون لزيادة عدد المسلمين على مستوى الكم ولا يهتمون بهم بعد ذلك مما يجعلهم عرضة للانحراف أو الارتداد مجددا عن الدين. ولفت الدكتور محمد إلى عدم وجود استراتجية معينة لإدارة المراكز الإسلامية، إضافة لعدم وجود مؤهلات للقائمين على هذه المراكز مما يجعل دورها محصورا في إقامة الصلوات وإفطارات شهر رمضان. وعرج في حوار مع «عكاظ» عن أوضاع المسلمين في فنزويلا خصوصا والبحر الكاريبي عموما، مشددا على أن معظم المؤتمرات الإسلامية التي تقام في القارة الأمريكية الجنوبية روتينية ولاتفي بالغرض وذات فائدة محدودة، داعيا لوضع خطة عمل لهذه المراكز مع تقييم دائم لأعمالها فإلى تفاصيل الحوار: • بداية كيف تنقلت مابين الرياضة إلى التعليم إلى إدارة المراكز الإسلامية في الخارج؟ - مررت بأربع مراحل قبل أن ينتهي بي الأمر في إدارة المراكز الإسلامية في الخارج، حيث كنت في البداية حارسا لمرمى لنادي الوحدة، ومن ثم مديرا للكرة، فعضو لمجلس إدارة النادي وشاركت ككاتب ومحلل رياضي لأنتقل بعدها للعمل في السلك التعليمي كمدرس وموجه في التربية الرياضية، وقد مثلت المملكة في دورة الجامعات الأولمبية عام 79م، وقد دخلت للعمل الإسلامي من بواية الرياضية، بعد أن رشحني الدكتور عبدالعزيز سرحان مدير المركز الإسلامي في إسبانيا حينذاك كمسؤول ديني عن المسلمين في القرية الأولمبية في الدورة الأولمبية في برشلونة عام 92م، حيث أشرفت على حوالي ألفي مسلم في القرية الأولمبية ومن وقتها أحببت العمل في المجال الدعوي، عقبها عدت إلى المملكة ورشحت كمدير للمدرسة السعودية في مدريد عام 1416ه، فمكثت سنتين ثم رشحت لأكون رئيسا للمركز الإسلامي في إسبانيا بعد رحيل رئيس المركز الدكتور عبد العزيز سرحان، وبقيت حتى عام 1420ه ووصلت لمنصب نائب الفيدرالية الإسلامية في إسبانيا، وكنت مسؤولا عن هيئة الإغاثة في إسبانيا. بعدها عدت للسعودية ليتم ترشيحي عام 2005م كرئيس للمركز الإسلامي في فنزويلا، وكان لي عمل دعوي في الدول الإسلامية في البحر الكاريبي وبقيت حتى عام 2009م، حيث كنت أشغل رئيس الفيدرالية الإسلامية على مستوى فنزويلا والبحر الكاريبي. • من خلال عملك ما الفرق في العمل الإسلامي بين أوروبا وأمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي؟ - الفرق كبير جدا، فالعمل في أوروبا متقدم ومدعوم ويعتبر أكثر تنظيما قياسا بأمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي، كما أن أغلب المسلمين يتجهون للعمل في أوروبا، ولو نظرنا لواقع المسلمين في دول البحر الكاريبي لرأينا أن هناك ثلاثة ملايين والرابطة لاتصل إلى كل الدول وهناك أكثر من 12 دولة وليس هناك من ينتبه للعمل الدعوي هناك أو يولي المسلمين في هذه المناطق أي اهتمام. قصور العمل • هذا يعني أن هناك قصورا كبيرا في العمل الدعوي في أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبي؟ - نعم بالذات في البحر الكاريبي فالجهود لخدمة المسلمين ذاتية وقائمة على جهود فردية، إضافة لأن عملية التواصل مع الدول الإسلامية ضعيفة وشبه مفقودة؛ لذلك فإن كثيرا منهم يتعرضون لعلميات التنصير أو تغيير لمذاهب منحرفة بعد أن يتم إرسال البعض من أصحاب هذه المذاهب لبلدانهم لتغييرها في ظل غياب التواصل مع المسلمين من أصحاب العقيدة الصحيحة، فأنا من رؤية ميدانية لا أرى أن المسلمين قاموا بجهودهم، فنحن نفرح بزيادة أعداد المسلمين على مستوى الكم ولكن الكيف معدوم فليس هناك برامج للمسلمين الجدد تعملهم دينهم بشكل صحيح فنحن ندخل الناس الإسلام ثم نتركهم وهذا أمر خاطئ، وحتى الأمر لايقتصر على مسلمي البحر الكاريبي فالمسلمون في فنزويلا مثلا لانستطيع أن نقدم لهم الدورات التدريبية والتعليمية التي تحتويهم وتدلهم على دينهم بشكل صحيح فنحن بحاجة لميزانيات حتى نعمل لهم برامج تشكل نواحي تعليمية وصحية وإسكانية. • هل الميزانيات المرصودة للمراكز الإسلامية غير كافية؟ - نعم غير كافية فهي ميزانيات تشغيلية فنحن إذا أردنا ان نقيم دورة لمائة من المسلمين الجدد مثلا فنحن بحاجة لجلبهم من قراهم وتسكينهم وتأمين الإعاشة لهم، ونحن بدورنا نعمل على عمل دورات وفق مايتوفر لنا من موارد لكنها غير كثيرة فالميزانيات المرصودة قليلة وهي تؤمن فقط ثمن الماء والكهرباء ومصاريف التشغيل لا أكثر، فالمطلوب هو دعم الميزانيات وتخفيف الجهود الغير مثمرة مثل عمل المؤتمرات الدورية التي لا تقدم للمسلمين شيئا فمعظم هذه المؤتمرات ذات فائدة محدودة ويصرف عليها المال، والمشكلة أن بعض رؤساء المراكز الإسلامية في القارة لايدعون لها للتباحث مع نظرائهم والاستفادة من الخبرات وتنسيق العمل الدعوي في المنطقة نظرا لتشابه البيئة والسكان والأوضاع الاجتماعية والثقافية. خطة حديثة • بصراحة هل هناك خطة عمل معينة لإدارة المراكز الإسلامية في الخارج؟ - ليست هناك خطة معينة لذلك، لابد أن يعاد تشكيل العمل الإداري الإسلامي في الخارج، فلماذا لا يتم تقييم سنوي لمديري المراكز الإسلامية ويصبح هناك مؤتمرات يتم فيها تبادل الخبرات وتنسيق العمل الدعوي في الخارج الذي يفتقد كثير من التنظيم والتنسيق؛ لأن المراكز الإسلامية في أمريكا الجنوبية تقوم على الاجتهادات الفردية، وهناك البعض لا يملكون الخبرة الكافية والقدرة على التواصل مع أجهزة الدولة التي يوجد فيها المركز حتى يستطيع إدارة المركز بشكل جيدة ومريح. • حدثنا عن عملك في جمهورية فنزويلا وكيف استطعت إدارة المركز هناك؟ - في الحقيقة أن واقع الدعوة في جمهورية فنزويلا ودول الكاريبي لا يرتقي إلى مستوى الطموح، وقد كلفت من قبل الرابطة بزيارة العديد من دول البحر الكاريبي، ويمكن القول إن واقع الدعوة في هذه الدول يحتاج إلى إعادة تخطيط وتنظيم ووضع استراتيجية موجهة، فمعظم هذه الدول من الدول الفقيرة والمسلمون بها يحتاجون إلى الكتاب الإسلامي ويحتاجون إلى الندوات والمؤتمرات الدعوية التي تؤدي إلى وقائع عملية يستفيد منها المسلون وليس مجرد بيان حبر على الورق، كما أن العمل الدعوي في معظم هذه الدول يقوم على الاجتهادات الفردية لعدم وجود استراتيجية واضحة المعالم لتحقيق أهداف العمل الدعوي، إضافة لعدم التنسيق في قبول الطلاب الراغبين في الدراسة لدى جامعات المملكة أو في معاهدها فبينما نرى عدد الخريجين من الجامعات السعودية أو الأزهر في جمهورية سورينام يزيد على 10 طلاب يحملون درجة البكالوريوس أو الماجستير، نجد أن بعض هذه الدول لا يزيد عدد العاملين فيها على اثنين أو ثلاثة أفراد يعملون في صقل الدعوة، بينما الساحة تحتاج إلى المزيد كما هو في جامايكا والدومنيكان مثلا، وهناك بعض المذاهب والفرق المنحرفة تعمل بكل جد ونشاط لجذب أبناء أهل السنة إلى رحابها بدون أن توجد برامج مضادة تعليمية أو توجيهية، كما أن معظم هذه الدول تحتاج إلى مدارس عامة وإلى مدارس تحفيظ القرآن الكريم ومسابقاته، إضافة لذلك أن كثير من مديري ومسؤولي المراكز والجمعيات الإسلامية غير متفرغون للعمل الدعوي ومعظمهم يمارس التجارة ويكاد ينحرص دور المراكز والمؤسسات الإسلامية في أداء الصلوات المكتوبة والجمع وصلاة العيدين وإفطارات شهر رمضان المبارك، كما أنها لا تركز على المناشط الأخرى وهناك قصور واضح في الاهتمام بالمرأة المسلمة رغم اهميتها وضرورة تثقيفها وتعليمها وتنويرها بمبادئ دينها؛ لأنها الأصل في تربية الأبناء. أسباب القصور • وماهي أسباب القصور في الأنشطة الدعوية والتثقيفية بشكل عام؟ - القصور في الأنشطة الدعوية أو الثقافة أو الاجتماعية يعود إلى عدم وضع برامج علمية واستراتيجية لها أهدافها القريبة والبعيدة المدى وعدم قدرة معظم المديرين على ذلك لتواضع مؤهلاتهم العلمية، وعدم وجود الدعم المادي لبناء المدارس والتوسع في الأنشطة فالجالية العربية المسلمة لا تتمتع بالثراء ومعظمهم من العاملين لدى الغير، كما أن المؤسسات الدينية الأهلية والحكومية في البلاد الإسلامية لا تتجه إلى مثل هذه الدول الفقيرة بشكل مؤثر، وهناك إحساس لدى المسلمين هناك بأنهم مهمشون من العالم الإسلامي وكأنهم يعيشون في كوكب آخر فلا يوجد دعم مادي أو حتى معنوي بالشكل المطلوب، حيث الاتجاه غالبا نحو الأقليات المسلمة في الدول الكبرى للقارة مثل البرازيل والأرجنتين وشيلي. كما تجد انصهار الكثير من أبناء الجالية العربية بصفة خاصة والمسلمة بصفة عامة في المجتمعات التي يعيشون فيها، وبعدهم عن القيم والمبادئ الإسلامية وانحرافهم وذوبانهم فيها بحيث أصبحوا يتأثرون ولا يؤثرون لضعف الوازع الديني. أفكار جديدة • ما هي الأفكار التي تطرحها لتغيير هذا الواقع وتلافي السلبيات التي تعوق عمل الدعوة؟ - نستطيع من خلال دراسة وفحص وتقييم الواقع أن نصل للعديد من الأفكار التي يمكن أن تعاد صياغتها ووضعها في برنامج استراتيجي يعمل أصحاب الشأن لترجمته إلى واقع عملي ملموس، فلو نظرنا إلى قارة أمريكا الجنوبية وعرجنا بالتخصيص على دول البحر الكاريبي لوجدنا بأننا في حاجة ملحة إلى وضع استراتيجية عامة للعمل الدعوي على مستوى تلك الدول التي تشارك في كثير من القيم والعادات والروابط الاجتماعية ولحد بعيد في الأمور الاقتصادية، كما أن الجالية العربية الموجودة في هذه الدول تكاد تنحصر بين الجالية الفلسطينية واللبنانية والسورية وهم كذلك تجمعهم كثير من روابط الدين واللغة والقيم الاجتماعية. ومن هذا المنبر فإنني أدعو إلى إنشاء مكتب لتنسيق العمل الدعوي ويكون مقره في جمهورية الدومنيكان التي تملك إمكانيات حضارية تجعلها المرشحة لذلك، ويكون هذا المكتب هو المحور الذي تنطلق منه الأنشطة والبرامج الدعوية، وكذلك تنظيم وتخطيط وتوجيه العمل في المراكز والمؤسسات الإسلامية، ويتم من خلاله الرفع إلى أصحاب الشأن بخصوص طلب الدعم لبناء المساجد والمدارس والمراكز والمعونات المادية والمعنوية، كما يتم من خلاله تحديد الاحتياجات من الدورات العلمية والعملية لإعداد الرعاة وتطوير عمل إدارة الدعوى لدى مديري المراكز وإنشاء المكتبات الصوتية والمرئية التي توفر المعلومة التي تهم المسلم في بلاد الغربة ويتم عن طريقه ترشيح العلماء والمدرسين والمهتمين بالعمل الإسلامي للمشاركة في المؤتمرات والندوات، وكذلك توزيع بطاقات دعوات الحج والعمرة وكل ما يتعلق بأمور الدعوة الإسلامية وفي حالة تبني الرابطة أو الوزارة أو إحدى الجامعات لإنشاء هذا المكتب، فيمكن حينها صياغة الأهداف وطرق تحقيقها والميزانية المقترحة لذلك، وفي هذا الصدد فإنني على استعداد لتقديم خبراتي وتجاربي بدون أي شروط ابتغاء لوجه الله تعالى. المسلمون الجدد • هل واجهتم مشكلات مع المسلمين الجدد؟ - نعم هناك الكثير من المشكلات، فقد اتضح من خلال العمل في مجال الدعوة تسرب وارتداد بعض المسلمين لعدم متابعة تعليمهم وتثقيفهم وحل مشكلاتهم المادية وإبعادهم عن بعض الفئات والفرق المنحرفة والضالة التي دائما ما تعمل على جذبهم وإغرائهم بالمادة. نظرا لوجود عدد كبير من مديري الجمعيات والمراكز ممن لا يحملون مؤهلات علمية، فإن ذلك ينعكس على مستوى أداء وأنشطة المراكز التابعة لهم ويكون تأهيلهم عن طريق دورات في إدارة الدعوة الإسلامية. • وما الحلول لمواجهة هذه المشكلات؟ - لابد من زيادة الدعم المالي بالدرجة الأولى، إضافة لأهمية إنشاء مركز تنسيق بين المؤسسات الدينية كرابطة العالم الإسلامي جامعة الإمام محمد بن سعود والجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة وهيئة الإغاثة الإسلامية والندوة العالمية للشباب والهيئات الأخرى لوضع استراتيجية مشتركة؛ لأنه من الخطأ أن تعمل كل مؤسسة دينية منفردة مما يعطي الفرصة بمن يتاجر بالإسلام لتحقيق مآربه، وإنه من خلال هذا التنسيق يمكن تحقيق كثير من الأهداف بوقت قصير مع خفض التكاليف، وبذلك تتم محاصرة المتسولين باسم الدين والمتاجرين به وعدم تجاهل المراكز الكبيرة وتخطيها؛ لأنها العين البصيرة والمعارفة بالمحتالين نظر لوجودها في تلك البلاد التي يطلب فيها المسلمون الدعم والمساعدة ولعل خبرتنا تؤكد ما أقوله. أما بالنسبة للمراكز الإسلامية المنتشرة في قارات العالم والتي يدير معظمها مديرون سعوديون فأرى أن يقوم كل مركز بإعداد سجل خاص بجميع الأنشطة التي نفذها كل مركز خلال عام، إضافة إلى احتياجات المركز ومتطلبات المرحلة القادمة، ويمكن للرابطة أن تقوم بتقييم تلك البرامج والأنشطة الدعوية ويعلن عن تكريم من تثبت كفاءته في تطوير العمل الدعوي، ويدعى في نهاية كل عام إلى اجتماع عام في مركز الرابطة في مكةالمكرمة يتم من خلاله تعارف بين المديرين، ويمكن كذلك وضع برنامج خاص لمدة ثلاثة أيام يتلقى خلاله مديرو المراكز التوجيهات العامة لتحقيق أهداف الرابطة وتقام فيه الندوات واللقاءات لتبادل الخبرات المهنية، ويمكن خلاله لمديري الإدارات الالتقاء بمديري المراكز من خلال مناقشة بعض الأوراق الخاصة بإدارة العمل الدعوي والدعوة إلى طرح الأفكار ومناقشة السلبيات والإيجابيات. ولاننسى أهمية الزيارات الرسمية لكبار الشخصيات الإسلامية لبعض هذه الدول للسؤال عن المسلمين وتفقد احتياجاتهم ومشاركتهم في أفراحهم واحزانهم ودعمهم المعنوي حتى يشعروا أنهم جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية. مواقف مؤثرة • ما هي المواقف التي تأثرت بها خلال عملك الدعوي في المراكز الإسلامية؟ -هناك كثير من المواقف التي تأثرت بها خلال عملي في إدارة الدعوة الاسلامية، ولعلي أذكر هنا بعض منها خلال زيارتي لجزيرة «سان مارتن» اصطحبني مدير المركز الإسلامي هناك لزيارة بعض أبناء الجالية المسلمة، فكان من ضمن من زرناهم مدير أحد أكبر البنوك هناك، كان استقباله يميل إلى الفوتور عرفني له صديقي فرحب ببرود وقال يخاطبه كيف يمكن لي خدمة صديقك، فقال له زميلي هو لا يريد منك شيئا ولكنه جاء لزيارتك وتفقد أحوالك فقط، هنا تغير وجه مدير البنك وقام من مكانه وخرج من مكتبه وعانقني وأجهش بالبكاء ووضع رأسه على كتفي وقال: يا أخي نحن لا نريد منكم مالا ولا مساعدة نريد منكم أن تسألوا عن إخوانكم المسلمين في هذه البقعة البعيدة عنكم، نريد أن نراكم نحن بوجودكم، فنحن جميعنا أمة مسلمة زورونا.. استمعوا إلينا أشعرونا أننا جزء منكم. وكذلك عندما كنت في إسبانيا جاءت في أحد الأيام امرأة طاعنة في السن تبكي وتضع يدها على رأسها وتطلب مقابلتي في المكتب، وحين سألتها عن حاجتها قالت أريد الأمام أن يقرأ على رأسي القرآن، وحين بدأ الشيخ القراءة سكن حالها وكادت أن تميل إلى النوم وحين هدأ وجعها سألتها لماذا وكيف جئت إلى هنا فقالت: اعتدت على ألم الرأس الشيديد، وحين يداهمني الألم أذهب إلى جاري المغربي فيقرأ قليلا من القرآن فيهدأ الألم فقلت: ولم لم تذهبي إليه قالت سافر في إجازة إلى المغرب وحين داهمني الألم سألت فدلوني عليكم فقلت لها هل أنت مسلمة قالت كلا أنا كاثوليكية، قلت هل تريدي أن ترتاحي من هذا الألم طوال عمرك، قالت أكيد قلت خذي هذه الكتيبات واقرئي هذا التفسير للقرآن وإذا كانت لديك أسئلة فيمكن الجلوس مع الإمام واسأليه ما تريدين، اخذت الكتب وشكرتنا بعد أسبوع جاءت وقالت أولا الحمد لله لم يأتين الصداع خلال هذا الأسبوع، ثانيا أريد أن أسلم قبل أن أموت وكان منظر إسلامها له تأثير كبير في نفسي.