جاءت كارثة سيول جدة الأخيرة في يوم أربعاء، وكانت كارثة السيول التي ضربت مدينتنا الحبيبة في ذي الحجة 1430 في يوم أربعاء أيضا، وقبل حوالي خمسين سنة، جاء السيل الكبير فأغرق العديد من أحياء جدة التاريخية، وغير من أسلوب البناء في جدة ليترك أهلها «بيوت اللبن» إلى الأبد. كان ذلك أيضا يوم أربعاء. وكانت بعض من أخطر كوارث سيول مكةالمكرمة في أيام الأربعاء.. في عام 1363 وغيرها. ونطرح التساؤل عن أهمية مصادفة هذه الكوارث أيام «الربوع». ولو اطلعت على ثقافة بعض دول الشرق الأقصى فسيوضحون أن هذا الموضوع بسيط جدا، فالكلمات المشتقة من الأرقام تفسر الموضوع، وبالذات الرقم أربعة لأنه رقم «شؤم»، كما يدعون. وتحديدا فكلمة أربعة باللغة اليابانية والصينية هي «تشي» وهي قريبة من كلمة «الموت»، ولذا فيبتعدون عن استخدامها في المستشفيات. فلن تجد أرقام غرف 4 أو 44 أو 444، بل ولن تجد الطابق الرابع بأكمله في العديد من المستشفيات، فتقفز الأدوار من الثالث إلى الخامس مباشرة في اليابان وبعض مناطق الصين أيضا. ومن النادر أن تجد رحلات جوية رقمها 4 أو 44 أو 444 وهكذا، ومن النادر أيضا أن يستخدم الرقم 4 كأرقام مخارج على الطرق السريعة، أو حتى في أسماء أو عناوين الشوارع. وباختصار فالأربعة مرادفة للثالثة عشرة في الغرب كإحدى رموز الشؤم. والحمد لله أنه لا مكان لهذه الخرافات في مجتمعنا، فإحدى روائع ديننا الحنيف هي نظرته التفاؤلية للدنيا والآخرة. ولو تمعنت في الرقم 4 ستجد فيه العديد من الجماليات. تأمل مثلا في أنه يمثل أصغر حاصل ضرب رقمين أوليين، وهو تربيع الرقم 2 الذي يمثل الرقم الأولي المثنى الوحيد في الكون. والمقصود بالأرقام الأولية هي تلك الأرقام «النقية» التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها، أو على الرقم «1» فقط لا غير. وكلها مفردة ما عدا جذر الأربعة. وتأمل في الشكل الهندسي للكعبة المشرفة وسترى المسقط العلوي للمكعب الجميل الذي يتكون من أربعة أضلاع. ولو تأملت أحد أجمل المباني في التراث المعماري الإسلامي وهي قبة الصخرة في القدس الشريف، فستجد أنها مكونة من مربعين متعامدين تربطهما مجموعة أضلاع. وسترى «الأربعة» واضحة وجلية في تلك العمارة الإبداعية المميزة. وحيث إن موضوعنا قد بدأ بالمياه فانظر إلى علاقة الرقم أربعة بالماء: ستجد مثلا أن جميع المواد تتمدد عند تحولها من الحالة السائلة إلى الصلبة، إلا الماء!، فبإرادة الله عز وجل جعل الماء المادة الوحيدة التي يتقلص حجمها عندما تتحول إلى ثلج، ويصل إلى أكبر حجم له عندما تكون درجة حرارته 4 درجات مئوية فقط لا غير. وهناك المزيد من عجائب الماء لحياتنا، ولكن أهمها أربعة وهي: التصاقه العجيب، فبسبب تواتر سطحه يلتصق الماء بالخلايا بداخلنا وبالجذور في النباتات وبالتالي تصلنا نعم الحياة التي وهبها الخالق الجبار، وهو أيضا يخزن الحرارة بفعالية بالغة فيلطف لنا الأجواء، ويعزل الأجسام المائية عن بعضها البعض من خلال الثلوج التي تطفو بسبب خصائص كثافته التي تزيد عند 4 درجات مئوية ثم تنخفض، وقدرته أيضا على التفاعل مع المواد ليذوب معظمها أمامه. أمنية من المخاطر التي تهدد ثقافة المجتمعات هي سهولة نشر التشاؤم والخرافات التي تؤثر على النظرة الإيجابية لنعم الله التي لا تعد ولا تحصى. وللعلم فحوالي 14 % من جميع أيام حياتنا هي أيام ربوع فلنتفاءل بها، وبجميع أيام الأسبوع. وبالمناسبة، لاحظ أن كتابة الرقم 4 بالأحرف الهندية يحتوى على أربعة خطوط فقط، وأن كتابة الرقم بالأحرف العربية 4 يقع بداخل «مربع»، ولاحظ أيضا أن الشوكة التي ستأكل بها اليوم ستحتوي على أربعة «أسنان». وهناك المزيد ولكنني سأتوقف هنا لأن عدد الكلمات زاد عن المستوى المسموح به من قبل إدارة تحرير «عكاظ» ذات الأربعة أحرف، فوصل إلى 576 كلمة، وهي تقبل القسمة على أربعة طبعا. أتمنى أن لا ننظر بتشاؤم إلى أي يوم، فلنتفاءل بجميع نعم الله الصغيرة والكبيرة، شاملة أيام «الربوع». والله من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة