تكشفت العديد من الحقائق الغائبة على ألسنة مختصين يمارسون بصمت أعمالهم في أروقة المحاكم والمرافق العدلية ويحملون في دفاترهم وملفاتهم هموما واستفهامات تنتظر الحلول وتتحرى الإجابات، وهم على يقين أن صياغة تلك الأنظمة التي يتعاملون بها يوميا منذ سنوات ما زالت خارج اختصاصاتهم. ويشير المحامي والمستشار القانوني محمد الجذلاني إلى أن الأنظمة القضائية كثيرة ومتعددة ومنها نظام الإثبات والمرافعات وهي تحتاج إلى دراسات وإعادة نظر، ووجه انتقادا للجهات الحكومية التي تسمح لممثلين في إقرار أو رفض مواد لا يملكون حيالها القدر الكافي من المعلومات ويتم ذلك تحت قبة مجلس الشورى حيث تصوت لجان اقتصادية ومالية على أنظمة قضائية، كما انتقد التعامل بنظام المحكمة التجارية حيث يتم التعامل به إلى يومنا هذا رغم مضي ثمانية عقود على صدور هذا النظام. ويرى الجذلاني أن هناك تشابها كبيرا بين الأنظمة القضائية في المملكة ونظيرتها في دول الخليج إلى حد بعيد. نظام الإثبات ويوضح الجذلاني أن هناك نظاما قضائيا موحدا بين دول الخليج يسمى (نظام الإثبات الخليجي الموحد) وهو نظام استرشادي غير ملزم، وللأسف دول الخليج كافة لديها نظام بالإثبات خاص بها، ولكننا نفتقد لنظام خاص للإثبات رغم أهميته الكبيرة، ورغم أن نظام المرافعات الشرعية تعرض لبعض مواد الإثبات التي تحتاج إلى إفرادها في نظام مستقل. نظام الإثبات يرتبط بكل ما يتعلق بوسائل الإثبات أمام القضاء وكيفية التعامل بها، ويشمل وسائل الإثبات وإجراءاتها والشهود والخبرة وكيف يتم تنظيمها وكيف تقدم للقاضي وكيف يطعن عليها وهي تساعد كثيرا للوصول إلى الحقيقة، ولكن هذا النظام الخليجي يتم التعامل به لدينا على أنه نظام استرشادي غير ملزم، ويسترشد به بعض القضاة ويتوجه به، ويعتمد في أحيان كثيرة على رؤية القاضي واجتهاده وقد يخالفه القاضي ولا يلتزم بنصوصه. الحراسة القضائية وعن التنظيم المأمول لبعض المواد والأنظمة القضائية من وجهة نظر المحامين، قال الجذلاني أعتقد أننا بحاجة إلى إيجاد (نظام الحراسة القضائية) بينما في كثير من الدول هناك تنظيم خاص بالحراسة القضائية؛ لأنها موضوع حيوي وحساس يتعلق باقتصاد البلد وحقوق الناس، فأحيانا يطلب خصوم شركاء في إحدى الشركات من المحكمة تعيين حارس قضائي على الشركة أو على مجمع عقاري كبير أو مستشفى، فالمفترض أن تكون هناك تنظيمات قضائية معينة تشمل كل مشاكل الحراسة القضائية ويستكتب القضاة لإقرار مثل هذا النظام وأبرز المقترحات بشأنه، ومجلس الشورى لديه نظام العرائض يقدم إليه المواطنون بواسطته اقتراحاتهم ولكنه غير مفعل بالشكل المطلوب. النظام التجاري القديم ويرى المحامي الجذلاني أن المملكة تفتقد لنظام تجاري صريح وما هو موجود هو قضاء تجاري فليس هناك نظام بهذا المسمى فالنظام التجاري المعمول به حاليا مبعثر بين أنظمة متعددة، نظام الأوراق التجاري لوحده، ونظام البنوك، ونظام للشركات ونظام للأعمال التجارية، ونظام المحكمة التجارية لوحده، وكثير منها أنظمة قديمة. وزاد الجذلاني: خذ مثلا، نظام المحكمة التجارية هو نظام صدر قبل أكثر من 80 عاما وتحديدا عام 1350ه، والغرامات فيه ب (القروش) ويحوي مصطلحات غير عربية وما زال النظام ساريا ويتم التعامل به إلى اليوم، وقد طرحت قبل نحو 15 عاما سؤالا على مسؤول في مجلس الشورى قلت له لماذا لا يعيد المجلس دراسة النظام، فقال: ننتظر أن يكتب لنا ديوان المظالم لإعادة دراسة النظام!! وحتى هذه اللحظة ما زال نظام القضاء التجاري قائما ويتبع للديوان دون إعادة صياغته، وينبغي أن يتولى ديوان المظالم القيام بكل شؤون القضاء التجاري وتعديله ومواده باعتبار أنه يتعامل به.