لم أدر ما أقول حين أقبلت علي الصغيرة تتساءل متعجبة عن أسباب (المضاربة) بين الناس الذين تراهم في التلفزيون، وذلك حين كنا نتشارك معا في مشاهدة قناة الجزيرة عند بثها صورا من ميدان التحرير في القاهرة المنكوبة!! قالت بأسى باد في عينيها: «ليه ما يفكون بينهم؟». سؤال يثير الألم والحسرة يا صغيرتي!! من؟ يفك من؟ بعد أن باتت مصر كقطعة حلوى أو لعبة صغيرة يتنازعها فيما بينهم الراغبون في امتلاكها؟! لم يحدث ما يحدث في مصر الغالية؟ ولمصلحة من استمرار هذا الوضع المأساوي؟! ما هو الأصل في الإمساك بزمام الحكم وقيادة شؤون المجتمع، هل الأصل فيه حفظ أمن المجتمع وتوفير العيش الرغيد الهانئ لأفراده، وما يتطلبه ذلك من انغماس كبير في العمل من أجل تحقيق تلك المهمة، أم أن الأصل شيء آخر غير هذا على الإطلاق؟ إني في ذهول مثل تلك الطفلة الصغيرة، التي راعها أن يتقاتل الناس فيما بينهم من غير أن يكون هناك من يسعى إلى حل المشكلة وإنهاء الصراع!! مطالب الناس واضحة وصريحة ومباشرة، فلم لا تحقق لهم؟ وهل التشبث بإبقاء الأوضاع الحالية هو ما سيوفر الهناء والأمن والراحة للناس؟ إن لم يكن احتشاد الملايين معبرا عن صوت الناس، فما الذي يعبر عنه إذن؟ وإن كانت هذه الملايين ليست سوى رعاع ودهماء لا تستحق أن يصغى إليها كما يقال، فمن هم الذين يستحقون الأخذ بقولهم؟ أم أن تلك الملايين هي من القصر الذين لا يعرفون مصالحهم، وأنهم يطالبون بما يضرهم ولا ينفعهم؟ إني عجزت عن استيعاب هذا الموقف المؤلم الذي يجري على أرض الكنانة!! إن التخوف الذي يشار إليه من استجابة الحكومة لمطالب الناس وتنحي الرئيس، قد يعقبها فوضى وفتنة وفساد في الأرض، هو تخوف في غير محله، فبعد ما هو حاصل الآن، لم يبق ما يخشى من وقوعه؟ ما الذي سيقع أكبر مما هو واقع بالفعل.؟ حمامات دم، ونهب وسلب، وترويع للأمن، وفوضى تعم الأماكن، تعطل للمصالح وانهيار للاقتصاد، ومن الواضح أن الوضع مستمر في تصاعد بشكل لا يوحي بانتهائه السريع. هناك حاجة إلى تدخل حكيم، يحزم الأمر وينهي الصراع بصورة تؤمن للناس مطالبهم وتحفظ الأمن والاستقرار للبلد، أما القول بأن الاستجابة لمطالب الناس فيها إهانة للحكومة أو إظهار للضعف، فإنه قول ساذج، ومن المصلحة المبادرة إلى حقن الدماء والحفاظ على الأرواح، قبل أن يستفحل الوضع إلى ما هو أعنف. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة