لم يعد يطال النساء الحنين إلى الأيام الخوالي إذا كان هناك ثمة امرأة واحدة، يفترض فيك مشاهدة بعض حلقات المسلسل التلفزيوني «الرجال غاضبون»، فبعض تلك الحلقات ربما تقدم ترياقا تنسينا ما آل إليه حال المرأة في نضالها للحصول على حقوقها عبر نصف قرن زمان مودع في سجلات الذاكرة الأمريكية. هكذا كتبت كولينز بعض عباراتها الساخرة بطي كتابها الصادر حديثا قبل بضعة أشهر في أمريكا والمعنون بعبارة «كل شيء يتغير». هذا الكتاب رائع جدا، فبطي تفاصيله تروي المؤلفة أكثر رحلات المرأة الأمريكية عجائبية منذ عام 1960 وإلى الآن وقوفا عند آخر منعطفات العام 2010، ولا يمكنك التكهن ولا استشعار ما هو آت لاحقا بعد سقوط آخر وريقات التقويم التي تبدأ بالعام الجاري بطيه مراجعة الكتاب. يتناول الكتاب في أكثر من خمسمائة صفحة سجلات ثورة الحقوق المدنية للمرأة طوال نصف القرن الماضي اعتمادا على مدونات أمريكية وعلى التاريخ الشفوي أيضا بمرفقات بحثية في مجموعة متنوعة من التخصصات. توضح كولينز الحقائق التاريخية والقصص الحقيقية للمرأة بما في ذلك أولئك اللاتي يسمين أنفسهن، بحسب طروحات المؤلفة كولينز، هيلاري كلينتون وسارة بالين وميشيل أوباما .. وأخريات كثيرات في أمريكا ربما لا يعرف المواطن الأمريكي شيئا عنهن لأنه لم يقرأ كتابا يتناول حياتهن، وهكذا بمهارة أيضا كتبت كولينز عن الأيام الخوالي للمرأة الأمريكية عندما كان يلمع في عينها بريق صارخ من نوعه لأنها ارتقت وظيفيا وصارت تعمل مضيفة جوية أو عندما كانت المرأة الأمريكية تذهب إلى الجامعة لا لشيء سوى ليقال عنها لاحقا بعد التخرج إنها أصبحت سيدة. تشير المؤلفة أنه لا يفترض في الرجال النظر إلى مطالب المرأة على أنها امتداد للاستجداء التاريخي في سياق نضالها الاجتماعي والحقوقي أيضا، إذ تناقش المؤلفة غيل كولينز مشوار المرأة الأمريكية عبر نصف قرن من النضال للحصول على حقوقها المشروعة وهي تؤكد أن العديد من مطالب المرأة لم تتحقق إلى الآن مثل مساواة الأجور ونواحي أخرى، وبطي الكتاب فهي تطرح سؤالا يتناول مدى استمرارية الحركة النسائية في أمريكا وهل تعثرت حركة المرأة بعد كل سنوات النضال استهلالا منذ عام 1960 إلى الآن. وبهذه أو تلك تقدم المؤلفة من خلال الكتاب كل شيء يتغير في أمريكا أفضل موجز تاريخي عن النساء الأمريكيات بمطالب اجتماعية وسياسية لم يتحقق جميعها، فلا زال أمام الحركة النسائية مشوار طويل من المطالبات ويفترض فيهن خوض غمار هذه المطالبات بجرأة وشجاعة يمليها الحضور النسوي في الذاكرة الأمريكية من عدمه. هذا الكتاب صدر حديثا في أمريكا وبرغم حداثة صدوره من نواح تاريخية فقد تناولته عدد من المدونات النقدية في الصحافتين الأمريكية والغربية بشكل عام أيضا، إذ كتب المحرر الناقد في الكريستيان ساينس مونيتور أن المؤلفة كولينز تقدم من واقع كتابها ملحمة نضالية يجدر بالفكر الأمريكي قراءتها من خلال المسار الصحيح، وكذلك أيضا تناولت صحيفة النيويورك تايمز الكتاب وعلقت عليه بقولها إنه لا يزيد عن كونه وصفة دوائية من خلال الحكاية والرواية بالاستناد إلى التاريخ ولكن الحركة النسائية في أمريكا بحاجة إلى دعم حقيقي يأتي من الأرض بوقائع حية ومساندة لنضال المرأة في أمريكا، وليست الحركة النسائية بحاجة إلى ترياق يستخلصه المؤلفون من وقائع الضبط التاريخي. وأما «بويل كاثرين» المعروفة أمريكيا على أنها سلة للمراجعات الفكرية، فقد تناولت الكتاب من ناحيتها واعتبرته بصفحاته الخمسمائة رسالة رسمية إلى جيل جديد من النساء الأمريكيات بتطلعات قيادية، مطالبة أياهن التحلي بالإخلاص قلبا وقالبا في الدفاع عن حقوقهن المشروعة. This review is from: When Everything Changed: The Amazing Journey of American Women from 1960 to the Present Gail Collins - 2010