يد رقيقة تمسك بقارورة تملأ ماء المطر المتساقط، عيون تنظر ببراءة نحو السحب الممطرة، ريشة ترسم قوس المطر، ضحكات رقيقة رقراقة مدوية كقمر بدري، حجر يلقى على سطوح المياه، أطفال في وسط الماء يرفع الثوب يدوس بحذائه الطين يغرف من الماء، طفل ينادي والديه للعب تحت الأمطار. مناظر جميلة رائعة ينتظرها الطفل من سنة لأخرى هذا المشهد تبدل بمشهد جداوي عشماوي باك. لا تسألوا عنها السيول فإنها قدر، ومن ذا يصرف الأقدارا؟ أتكون جدة غير كلِ مدينة والمسك فيها يقتل الأزهارا؟! لا تسألوا عن جدة الجرح الذي أجرى دموع قلوبنا أنهارا لا تسألوا عن بؤس جدة غير من دهن اليدين، وقلم الأظفارا من جر ثوب وظيفة مرموقة فيها، ومزق ثوبها وتوارى هذا الطفل الذي شاهد سقوط المنازل، وجريان السيول، وجثث الشهداء، وسمع آهات الثكالى، ودموع الحيارى. هذا الطفل الذي أراد المساعدة فوجد من يلجأ إليه حزينا، باكيا، شاكيا. هذا الطفل يتعرض لأشد الضربات النفسية والتربوية التي قد تكون في حين من الأحيان ضربة قاضية، وخصوصا إذا علمنا أن ربع ضحايا كارثة جدة من الأطفال، وأن منظمة اليونسيف تقول إن 60% من ضحايا الكوارث الطبيعية من الأطفال، وأن 43% من الأطفال يتعرضون لصدمة كارثية واحدة على الأقل بحياتهم. نحتاج لتلك الممارسات التي أضعها بين يدي القارئ بصورة متناثرة ليلتقط منها حالته وما يناسبه، نحتاج لتدريب المؤسسة المنزلية على كيفية مواجهة الكارثة من خلال مشاهد وتجارب عملية من حريق، مرض، مطر وغيرها، نحتاج لأن تلعب القصة والحدوتة والفيلم الكرتوني دورا أكبر في مواجهة الكوارث وتأهيل أطفالنا لتلك الكوارث، نحتاج لفتح مؤسسات خيرية لتجميع وتنسيق جهود المتطوعين. نحتاج للطب النفسي والتأهيلي أن يحتل المكان المناسب بالساحة الحياتية، نحتاج لدور المرشد التربوي المتخصص بمدارسنا، نحتاج لدورات سريعة ومركزة حول التعامل مع الكوارث أتصور بأنه حان الآوان على تضافر ثلاثية الإصلاح بيت، إعلام، مدرسة بتكوين منهج تعليمي تربوي لممارسة مهارات حياتية في التعامل مع الكوارث الطبيعية والكوارث البشرية داخل الأسرة (طلاق عنف .... إلخ) ليس السبب جدة فقط وليس الدعوى لذلك كارثة جدة وحسب، ولكن لأننا جزء من العالم نتحرك ونسافر ونرحل ونبقى فنتأثر بما يحصل حولنا أو معنا، ولذا لا بد أن نسمع في المرحلة القادمة إجابات على كيف نتأهب؟ كيف نواجه الكوارث بأنواعها المختلفة؟ ماذا بعد الكارثة؟ دور المتطوعين؟ آلية عمل المتطوعين؟ وفي مقدمة النهج التربوي والعلاجي محاسبة المتورط مهما صغر أو كبر. *مدرب ومستشار أسري [email protected] للتواصل نتلقى استفساراتكم ومشاركاتكم في صفحات الملحق عبر البريد الإلكتروني: [email protected] والفاكس 026764035