أثبت الشباب السعودي في جدة في كارثتي السيول أنهم يتحركون بوعي وإنسانية، وظهرت نماذج مشرفة ساندت مجهودات الأجهزة الحكومية في إغاثة المتضررين وإنقاذهم وإزالة آثار السيل الجارف الذي أصاب عروس المملكة. الدور الذي قام به الشباب والشابات لا يعني قصور أداء الأجهزة الحكومية لأننا رأينا ملاحم بطولية لرجال الدفاع المدني بقيادة معالي الفريق سعد التويجري الذي بذل مجهودات كبيرة وشارك جنوده في الميدان، وكذلك الهلال الأحمر السعودي والعديد من الهيئات والدوائر الحكومية المعنية، ما قام به شبابنا يعني أن الحس الوطني والمسؤولية الاجتماعية تسكن في أرواح الباذلين بحب من أجل إخوانهم وأهلهم. المطلوب هو تشجيع العمل التطوعي ودعمهم وتوجيههم إلى الأعمال التي تتطلب مجهوداتهم على مدار العام، وللاستفادة من هذه الطاقات الوطنية النشطة لا بد من تدريبهم كما هو الحال في كل البلاد المتقدمة التي تؤسس لهذه الأعمال، وتدرب الراغبين في العمل بها ليكونوا في حال جاهزية تامة متى ما تطلب الأمر ذلك، لأن الرغبة في العمل التطوعي لا تكفي وحدها، فهناك الكثير من أعمال الإنقاذ التي تتطلب تدريبا معينا قد يكون عدم الإلمام به سببا في مفاقمة الأمور كما يعلم بذلك المختصون. إذا، والحالة هذه، نحن في أمس الحاجة إلى البدء في تأسيس هيئة وطنية للأعمال التطوعية تضم أندية تطوع في كافة المدن السعودية، تقدم خدماتها للمواطنين الفقراء وتساعدهم كما رأينا في أحد البرامج التلفزيونية، عندما قام فريق من المتطوعين والمتطوعات بزيارات لبيوت محدودي الدخل، وقاموا بترتيب منازلهم من الداخل وزودوهم بالأجهزة الكهربائية، كما قاموا بتنظيف الشوارع والمتنزهات والشواطئ. أندية التطوع في المناطق ستكون فاعلة وحاضرة في حياة الناس وترسخ قيم التكافل الاجتماعي، وستخفف على الجهات الحكومية الكثير من الأعباء، وسيكون لها أثر إيجابي على سلوك أفراد المجتمع. وأعتقد أن المؤسسات الحكومية بإمكانها دعم هذه المجهودات التطوعية، ويمكن أن تقر الجامعات السعودية درجات إضافية للمتطوعين في خدمة المجتمع، وكذلك المدارس وعلاوات للموظفين الحكوميين، لتكون مبادرات شباب جدة المليئة بالوعي والمثالية دافعا لنا لإقرار خطة وطنية لدعم التطوع الأهلي. وختاما، نتمنى أن يتم تكريم كل المشاركين في الأعمال التطوعية في احتفال سنوي كبير، يذكر بإنجازاتهم ويشجع الآخرين على الحذو حذوهم في هذا السلوك الحضاري الرائع. عن قرب: القرارات الكبرى.. يقف خلفها رجال كبار. [email protected]